الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السلام البعيد في أوكرانيا؟

صدى البلد

دخلت الحرب الروسية- الأوكرانية، التي قاربت على الشهرين فصلا دراماتيكيًا جديدًا في أحداثها وتداعياتها ومستقبلها.
فالحرب التي بدأت 24 فبراير الماضي، وكانت تتوقع روسيا أن تكون في أغلب الأحيان حربا خاطفة تستمر أسبوع أو أسبوعين تسقط بعدها العاصمة الأوكرانية كييف وتنتهي مشاكها وهواجسها. يقول وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن، أن الرئيس بوتين لم يغير أهدافه، وإنه – عل حسب بلينكن – لن يسعى للمفاوضات الدبلوماسية، قبل أن تلحق به هزيمة عسكرية! 
والأدهى من ذلك، إنه يتوقع أن تستمر الحرب على ضراوتها حتى نهاية العام الجاري 2022. وهو ما يعني أنها حربا ممتدة وستطول وفق هذه التقديرات لنحو عام.
وبحسب مرئيات الصراع، فهذه الحرب بين كل من روسيا عسكريا والهند والصين سياسيًا من جهة، وبين الولايات المتحدة الأمريكية والغرب وأوكرانيا عسكريا من جهة أخرى. ولو صح الوصف، ففيها رائحة حرب عالمية ثالثة. والحشد العسكري فيها من الجانبين، قد يدفع لخروجها عن السيطرة وحدود أوكرانيا.
والحقيقة، أن الأهداف الروسية، من وراء الحرب في أوكرانيا صعبة التحقيق تماما. صحيح أن الرئاسة الروسية، قالت إنها قادرة على تحدي الغرب، و"إنه إن كان الاتحاد السوفيتي فشل في ذلك، فإن روسيا قادرة على المواصلة وفق، المتحدث الصحفي باسم الرئاسة الروسية، دميترى بيسكوف". لكن تصور خضوع الغرب للإملاءات الروسية صعبًا على كافة المستويات، ولن يقدم الغرب أوكراينا "هدية لروسيا"، لتكون قادرة على "قضم" مزيد من الدول الأوروبية في المستقبل .
في نفس الوقت فإن الحدة التي يتعامل بها الرئيس الأمريكي بايدن مع الأزمة، وتصريحاته العنيفة العلنية، أن بوتين مجرم حرب وان أوكرانيا تشهد إبادة جماعية وغيرها من التصريحات التي سببت أزمات. غرضها تضييق الخناق على الرئيس بوتين وغلق كل ممرات التراجع والتسوية أو أي مخرج للهروب من أوكرانيا. والواضح أن بايدن يعتبر أوكرانيا هى حربه الخاصة جدًا. وهى فرصته ليزين حكمه بهزيمة روسيا كما فعل أسلافه وفق ما يعتقد.
فكل رئيس أمريكي، يعتقد أن عليه خوض حربه الخاصة، لتأكيد الهيمنة الأمريكية على العالم، فقد فعلها جورج بوش الابن في العراق 2003 وفعلها أوباما في ليبيا، ويتصور بايدن أنه قد يفعلها أمام روسيا 2022. خصوصا وأن هزيمة روسيا – لو تحققت- أو الوقوف أمامها ومع ذكريات الاتحاد السوفيتي السابق والحرب الباردة تعتبر انتصار بمذاق خاص في واشنطن.
وأمام تزايد الخسائر العسكرية، أو بالأحرى فداحتها على الطرفين، ووفق تقديرات غربية. فإن قرابة 3 آلاف جندي أوكراني سقطوا في الحرب، مقابل ما لايقل عن 12-16 ألف جندي روسي قتلوا في الحرب، التي لم تحقق نتيجة حاسمة حتى الآن. وشهدت تدمير قرابة 30% من البنية التحتية الأوكرانية.
وأمام هذا كيف يأتي السلام؟ أو متى وسط هذا الوحل؟
الحقيقة إنه سيكون في الغالب، إثر هزيمة عسكرية مدوية لأحد الطرفين. والسبب باختصار فشل الغرب وروسيا عبر أوكرانيا قبل شهور، في الاتفاق على ضمانات أمنية لعدم توسع حلف الناتو شرقا. فالهواجس الروسية من توسع الناتو تجاهها ومع غياب حلف وارسو، يكاد يحول الناتو إلى حلف هجومي وليس دفاعي على حد تصريحات لافروف. والذي أكد أن الأزمة بدأت مع أوكرانيا منذ محاولة كييف، توقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، التي تهدف إلى عدم وجود رسوم على الصادرات والواردات، ورأت روسيا أنذاك تغيير اتفاقياتها مع "كييف" مشيرا الى أن الولايات المتحدة والغرب يعملون على تحويل أوكرانيا لمنصة تهديد لروسيا. كما أن محاولاتهم استمرار الهيمنة وجعل العالم أحادي القطب ستفشل.
من هنا تظهر معضلة الحرب الروسية- الأوكرانية، التي استدعت ذكريات نصف قرن أو يزيد على المواجهة الروسية والتوتر، خلال الحرب الباردة التي امتدت من منتصف أربعينيات القرن الماضي حتى أوائل التسعينيات.
ويبقى التمسك بالأمل في نهاية وشيكة لهذه الحرب. لأن تداعياتها لا تقف فقط عن حدود موسكو وكييف.