الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إذا اعتزلهم أجر

علي جمعة: الصابر على أذى الناس له أجرين

علي جمعة
علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومفتي الجمهورية السابق، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

الصبر الجميل

وتابع علي جمعة تحت عنوان :"الصبر الجميل": تركنا على هذه المحجة فأخرج المسلمون الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم إلى يوم القيامة).

وأشار علي جمعة إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تركنا وأمرنا بمحاسن الأخلاق؛ فأمرنا بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والنصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، وقد أمرنا أيضا بالصبر الجميل {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} (يوسف:18).

وتابع: جعل لنا إذا ما خالطنا الناس وصبرنا على أذاهم أجرين، وإذا اعتزلناهم في أنفسنا فلنا أجر فـ (عجب أمر المؤمن! إن أمره كله خير؛ إن أصابته نعماء شكرفكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) فعلمنا الشكر وعلمنا صلى الله عليه وآله وسلم الصبر.

وبين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تركنا وقد منّ الله عليه صلى الله عليه وآله وسلم أن يُعلم الإنسان كيف يكون إنساناً، وكيف يعمّر الأرض من خلال عبادة الله، وكيف يزكي النفس .. هذه هي المحجة البيضاء؛ أنه ترك خلفه من يقوم بتبليغ ذلك الدين للعالمين فقال: (بلغوا عني ولو آية).

وشدد عضو هيئة كبار العلماء على أننا في عصرٍ ازدادت فيه الفتنة وأطلقنا الحرية لكل شخص أن يعبر عن رأيه؛ فإذ ببعضهم يسبون الله، وإذ ببعضهم يزدرون الدين، وإذ ببعضهم يستهزئون بهذا الكون وهذا الإنسان، وإذ ببعضهم يدعون إلى الفساد العريض، وهناك من يدعو إلى الصلاح، وهناك من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.

عمل الإفتاء 

قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ، إن عمل الإفتاء منصب شريف‏,‏ تولاه رسول الله ﷺ فيما تولى من مناصب كثيرة‏,‏ كالقضاء‏,‏ والحكم الأعلى‏,‏ بالإضافة إلى الدعوة‏, ‏والإمامة وغيرها.

وتابع علي جمعة من خلال منشور عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك:"مما ذكره الإمام القرافي في كتابه الماتع ‏(الفروق‏),‏ وفرق في كتابه‏,‏ في فصل جعله لذلك‏,‏ بين النبي مفتيا‏,‏ والنبي قاضيا‏,‏ والنبي داعية‏,‏ والنبي رئيسا للدولة‏,‏ والنبي قائدا للجيوش‏,‏ والنبي إماما للصلاة‏,‏ فقد اجتمعت فيه ﷺ كل هذه المقامات‏,‏ فالنبي ﷺ هو الإنسان الكامل الأتم‏,‏ الذي نفعنا الله به في الدنيا والآخرة‏,‏ ثم جاء من بعده الصحابة الكرام رضي الله عنهم‏,‏ وقد ورثوا علمه وحملوا شريعته‏,‏ وأدوا تلك الأمانة‏,‏ كل على قدر طاقته‏.‏ واشتهر في الفتوى من الصحابة أناس‏,‏ منهم من إذا ما جمعت فتاواه كانت في مجلد‏,‏ ومنهم من إذا ما جمعت فتاواه كانت في جزء صغير‏,‏ ومنهم من له الفتوى والفتويان فقط‏. ‏


وأضاف: عدد الذين تصدروا للفتوى من الصحابة الكرام كانوا نحو مائة وخمسين على قول‏,‏ مع أن الذين رأوه ﷺ بأعينهم‏,‏ وشاهدوه‏,‏ وغزوا معه الغزوة والغزوتين‏,‏ وعاشوا معه السنة والسنتين‏,‏ قد وصلوا إلى نحو مائة ألف وأربعة وعشرين ألفا‏,‏ وعلى ذلك‏,‏ فهذا المقام الرفيع الذي كان يتولاه الصحابة الكرام لا يزيد عدد من تولاه منهم على واحد بالمائة‏,‏ وكل واحد منهم صحابي جليل‏, ‏وفيهم يقول رسول الله ﷺ ‏: (لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه‏) (رواه البخاري ،‏ ومسلم ) يعني أن الصحابي لو أنفق مثلا مقدار كيلوين أرزا أو قمحا‏,‏ وأنت أنفقت في مقابله وزن أحد ذهبا, ‏فإنك لا تبلغ نصف ما أنفقه الواحد منهم رضي الله عنهم‏,‏ ومع هذه الجلالة فقد كان منصب الإفتاء فيهم أيضا منصبا محددا‏,‏ لا يقوم به الجميع‏,‏ بل الواحد بعد الواحد ممن توفرت فيهم ملكات وعلوم زائدة على مجرد الصحبة النبوية الكريمة‏. 


وأكمل علي جمعة: ظل هذا المنصب موجودا في الأمة‏,‏ وألَّف فيه كثير من العلماء في آداب المفتي والمستفتي وكيفية الفتوى‏,‏ منهم الإمام الحافظ ابن الصلاح‏,‏ والإمام النووي‏,‏ وابن حمدان‏,‏ وابن تيمية‏,‏ وابن القيم‏,‏ وكثير من العلماء‏,‏ وفصلوا هذا القول تفصيلا‏.‏ 


وبين أنه بقي هذا المنصب في بلادنا هذه‏,‏ ينهض به الأئمة والعلماء الأكابر‏, ‏حتى تولى الإفتاء فيها العلامة الشيخ المهدي العباسي وله ما يسمى بالفتاوى المهدية‏,‏ وهو كتاب مطبوع في نحو ثمانية مجلدات كبار‏,‏ وقد تولى الإفتاء وهو في العشرين من عمره‏, إلا أنه كان محاطا بأمناء‏,‏ يحررون له السؤال‏,‏ وبعد الإجابة يضبطون له الفتوى‏,‏ وكان عالما كبيرا‏,‏ ثم صار بعد ذلك شيخا للأزهر‏.‏ 


وشدد على أن الناس عندما يسألون يريدون من المفتي أن يخبرهم ما الحكم في كتاب الله تعالى وفي سنة رسول الله ﷺ ؟ وما الحكم في شريعة الإسلام كما يفهمه الأئمة العظام؟ والأئمة العظام من المجتهدين شاع منهم أربعة هم‏:‏ أبو حنيفة‏,‏ ومالك‏, ‏والشافعي‏,‏ وابن حنبل‏,‏ ومذاهبهم هي مذاهب أهل السنة الأربعة‏,‏ وبقيت أربعة أخرى وهي‏:‏ الإباضية‏,‏ والجعفرية‏,‏ والزيدية‏, والظاهرية‏,‏ وكتبهم ما زالت موجودة‏, ‏وأتباعهم ما زالوا موجودين -قلوا أو كثروا- إلى الآن‏,‏ فالجعفرية أكثرهم‏,‏ ثم الإباضية‏,‏ ثم الزيدية‏,‏ أما الظاهرية فهم أفراد في العالم‏,‏ لكن كتاب ‏(‏المحلى)‏ لابن حزم -وهو أصل في مذهبهم موجود- وإليه يرجع في هذا المجال‏.‏