الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطيب المسجد النبوي: ظلم المرء لنفسه فلا يزكيها أقبح عمل

خطيب المسجد النبوي
خطيب المسجد النبوي

قال الشيخ أحمد بن طالب بن حميد، إن الله سبحانه وتعالى حرم الظلم على نفسه وجعله بينكم محرمًا، منوهًا بأن من أقبح الظلم أن يظلم المرء نفسه فيدسيها ولا يزكيها”.

أقبح الظلم

وأوضح " بن حميد" ، أنه يكون الظلم أعظم إذا وقع في الزمان والمكان المعظم، وقد عظم الله -تبارك وتعالى- الأشهر الحرم في: “إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ”.

وأشار إلى أنه قال الله تعالى عن البلد الحرام والمسجد الحرام: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) الآية 25 من سورة الحج، كما قال رسول الله  -صلى الله عليه وسلم- في حرمة المدينة: “من أحدث في المدينة أو آوى محدثا، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا”.

حقيقة الزيادة في العمر

وفي خطبة الجمعة الماضية ، قال الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم، إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، إن الدنيا كلها من أولها إلى آخرها قصيرة بالنسبة إلى الآخرة، ومهما عمر فيها العبد فله أجل لابد أن يبلغه، منوهًا بأن مرحلة من مراحل حياته إذا انقضت لم ترجع.

وأوضح " القاسم" ، خلال خطبة الجمعة من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أن الزيادة في العمر حقيقتها نقص منه وقرب من الأجل، وأكثر الخلق في غفلة عن الحكمة التي لها خلقوا، فتأخذهم الدنيا بزينتها وفتنتها، فقال عز وجل: " أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) "، وقد أقسم الله في كتابه بالزمان وأجزائه ومراحله تذكرة للعباد بكثرة تقلب الحياة وسرعة زوالها.

وتابع:  فأقسم بالليل والنهار والشمس والقمر والضحى والفجر والعصر، وأخبر سبحانه بأنه لا يعتبر بتقلب الدهر إلا أولوا الأبصار، قال جل شأنه: " يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ " الآية 44 من سورة النور، وكل عام ينقضي من عمر العبد بل كل يوم من أيامه فيه بأن بان لكل بداية نهاية.

طلوع فجر العام الجديد

وأشار إلى أنه في طلوع فجر العام الجديد يذكر النفس بأن الفرصة لا تزال قائمة والعاقل يحصي على نفسه نتيجة عمله وثمرة عمره، كما يحصي أرباح تجارته وخسارته، فالعمر رأس مال كل مخلوق، وعدته الصحة وسلامة القوى، قال -صلى الله عليه وسلم-: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ".

ونبه إلى أن الربح في الدنيا بحسن العمل ودوام الاستعداد لانقضاء الأجل، وابن ادم يؤمل البقاء ويزيد حرصه على الدنيا وما فيها من الأموال والمتاع، ويشغله ما هو فيه من النعم عن تذكر دنو النهاية، قال -صلى الله عليه وسلم-: يهرم ابن ادم وتشب منه اثنتان: الحر ص على المال والحرص على العمر".

من عرف حقيقة الدنيا

وأضاف أنه حري بمن عرف حقيقة الدنيا وسرعة انقضائها أن يتخير الأنفع له في كل أمر والأكمل من كل شأن، فلا يبذل وقته إلا فيما هو أكمل فائدة، فيتخير من الفضائل أعلاها، ومن لم يكن ملازما للطاعات فليكن مفارقا للسيئات، على أن من لم يزدد بالإحسان فحاله إلى نقصان، ومن لم يتقدم بالخيرات تأخر بالسيئات، قال سبحانه: "لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر".

ولفت إلى أنه جعل الله الحياة الدنيا دارا لابتلاء العباد واختبارهم يقطعون مراحلها سائرين إلى دار البقاء، فهي مزرعة العاملين وسوق العابدين، "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا"، فمن أحسن العمل فاز واستحق الثواب، ومن أساء خسر واستحق العقاب.

وبين أن الحكمة من خلق الجن والإنس أن يعبدوه وحده دون سواه، وقد أعانهم على هذه الغاية بما نصب لهم من الشواهد في أنفسهم وفيما حولهم، وبما أرسل إليهم من الرسل وأنزل عليهم من الكتب، فقامت عليهم الحجة، وضرب لكل عبد أجلا وكتب له عمرًا، وعمر العبد في الدنيا هو زمن عمله وكدحه إلى ربه قبل أن يلاقيه، قال جل شأنه: "يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ " الآية 6 من سورة الانشقاق.