"جزيرة جرسي؟ .. أين تقع تلك الجزيرة .. وهل هى دولة مستقلة أم أنها جزء من دولة" .. هكذا تساءل الكثيرون عن تلك الجزيرة، وذلك عقب تداول الأنباء حولها اليوم بوقوع انفجار بداخلها، ولكن المفاجأة كانت في أهمية تلك الجزيرة، بل وتاريخها الكبير، وهو ما نكشفه بهذا التقرير.
وكانت الشرطة المحلية في الجزيرة قد أفادت صباح اليوم، على حسابها في "تويتر"، السبت، بسقوط ضحية على الأقل، وفقد أكثر من 10 أشخاص في أعقاب انفجار في مبنى سكني، حيث قالت الشرطة في بيان: "لا يزال عدد من السكان في عداد المفقودين عقب الانفجار، وتعمل خدمات الطوارئ في مكان الحادث وبدأت البحث في الموقع".
أين تقع تلك الجزيرة .. ومن يسكنها؟
جيرسي، أو جيرزي (Jersey): جزيرة تقع في القنال الإنجليزي (بحر المانش)، شمال غرب أوروبا، وتبعد عن جنوب إنجلترا 150 كلم، وعن سواحل فرنسا الشمالية 22 كلم، وهي ليست جزءًا من المملكة المتحدة، ولكنها تتبع التاج البريطاني، وتتمتع بأحد أشكال الحكم الذاتي، ولها برلمان خاص ورئيس وزراء.
يبلغ عدد سكانها حوالي 107,000 نسمة، ومساحتها 118.2 كلم2، وعاصمتها هي مدينة ساينت هيلير، وتعتبر هذه الجزيرة من أغنى مناطق العالم من حيث ناتج الفرد السنوي.
ويقوم اقتصاد جيرسي على الخدمات المالية والسياحة والتجارة الإلكترونية والأنشطة الزراعية والقليل من صيد الأسماك، وتضم تحت حكمها الكثير من الجزر الصغيرة والصخرية غير المأهولة بالسكان، وتعرف جزر جيرسي بجزر القنال.
اللغات الرسمية لجيرسي هي الإنجليزية والفرنسية، وهناك أيضاً اللغة الجيرزية، وهي لغة الجزيرة الأصلية، وقد أخذت بالاندثار، وهناك محاولات لإعادة إحيائها.
مركز مالي دولي .. وأحد مراكز الصكوك الإسلامية بالعالم
وتمتاز جيرسي باستقلالية سياسية واقتصادية حولتها إلى مركز مالي دولي، ويبد أن تلك الجزيرة تمتلك طموحات واسعة على صعيد جذب المصرفية الإسلامية والتمويل الإسلامي إلى أراضيها، مع تركيز على النشاطات في الإمارات والسعودية.
وعدم تبعية الجزيرة لبريطانيا، والاتحاد الأوربي أعطى لها مرونة كبيرة في العمل التمويلي، وأصبح لديها نظام قانوني مرن وهيكل تشريعي متطور وبنية ضريبية جاذبة للتمويل الإسلامي، ولذلك تمكنت من اجتذاب الكثير من النشاطات التمويلية الإسلامية بينها إدارة الأصول الإسلامية والصناديق الاستثمارية وتأسيس الشركات ذات الهدف الخاص التي تساعد على إصدار الصكوك، وهي كلها من بين الخدمات المتوفرة عبر الشركات في جيرسي.
والجزيرة محايدة ضريبيا، فليس هناك ضرائب على الشركات أو على القيمة المضافة (المبيعات) أو رؤوس الأموال،، ولكن هناك ضرائب شخصية لمن يعيش على الجزيرة تبلغ 20 في المائة، ولذلك يمكن القول أن هناك تسهيلات ضريبية كثيرة متوفرة، وقامت الجزيرة بتوظيف 11 خبيرا متخصصا يعملون حول العالم للترويج لخدماتها، موزعون على دول الخليج وروسيا والهند وهونغ كونغ والصين.
وكشف مسئولو الجزيرة أنها تهدف لجذب استثمارات محددة من السعودية على وجه التحديد تمثلت في خمسة أعمدة أساسية لمركز جيرسي المالي، إدارة صناديق الأصول والعمليات الخيرية والمصرفية الخاصة وأسواق المال والمصرفية الإسلامية، فهى دائما تبحث عن فرص استثمارية في هذه القطاعات الخمسة، وتستعين بالأجهزة الرسمية التابعة لبريطانيا وجيرسي الموجودة على الأرض للترويج لذلك.
صراع دموي بين فرنسا وانجلترا على الجزيرة ممتد إلى 2021
وفي يوليو 2021، كانت آخر حلقات الصراع التاريخي بين انجلترا وفرنسا على تلك الجزيرة الصغيرة وذلك حين تصاعدت وتيرة الخلاف بين فرنسا والمملكة المتحدة "بريطانيا" فجأة، على خلفية التوتر بشأن حقوق وآليات الصيد الجديدة بالقرب من جزيرة جيرسي البريطانية بعد خروج المملكة المتحدة من منظومة الاتحاد الأوروبي.
فالجزيرة الصغيرة تتبع السيادة البريطانية، لكنها أقرب للسواحل الفرنسية في منطقة النورماندي (16 كيلومتراً فقط)، حيث احتج صائدو الأسماك الفرنسيون على هذه القواعد الإجرائية التي فرضتها بريطانيا، وهددوا بالتوجه إلى القرب من سواحل الجزيرة ومحاصرة مينائها البحري، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى الإمر بإرسال سفينتين للحراسة تابعتين للبحرية الملكية البريطانية إلى المنطقة القريبة من الجزيرة، لمراقبة الاحتجاجات.
وردت فرنسا حينها بإرسال زورقين بحريين إلى المياه المحيطة بالجزيرة، وقال المتحدث باسم خفر السواحل الفرنسية لوكالة الأنباء المحلية بأنه إجراء تشترك فيه شرطة الدرك والحراسة البحرية، حيث صعدت فرنسا الموقف ضد المملكة المتحدة، مذكرة بنيتها قطع الكهرباء عن الجزيرة، حسبما ذكرت وزيرة البحرية الفرنسية أنايك جيراردان.
والأزمة السياسية العسكرية بشأن الجزيرة الصغيرة،هو امتداد لصراع دموي بين الدولتين بشأن السيادة على تلك الجزيرة، فالتوتر الأخير بشأنها، هي واحدة من تركات ذلك الصراع الطويل الذي امتد لقرون كثيرة، فالجزيرة كانت جزء من "دوقية النورماندي" التي كانت تقع غرب فرنسا، واحتلتها بريطانيا فيما بعد، وحينما خسرت الحُكم عليها خلال حروب أوائل القرن الثالث عشر، منحت الجزيرة حُكم ذاتياً، التي بقيت ذات رمزية بالعلاقة مع السيادة والتاج البريطاني.
المسملون يصلون في غرفة داخل كنيسة .. الأديان بداخلها
ويتبع سكان جيرسي مجموعةً من الأديان والمعتقدات، وتمارس فيها النصرانية الأنجليكانية والكاثوليكية بنسب متقاربة، وتمثل الطوائف والأديان الأخرى نسبة قليلة من إجمالي السكان، مثل الإسلام واليهودية والسيخية والبوذية، وفي السنوات الأخيرة أخذ التخلي عن الأديان يزداد في هذه الجزيرة، ففي الاستطلاع السنوي لعام 2015، ذكر 54٪ من البالغين أن لديهم ديناً، وقال 39٪ إنهم بلا دين، و7٪ لم يكونوا متأكدين، وجاءت نسب أتباع الأديان منهم كالتالي: 97٪ نصارى، و3٪: مسلمون، بوذيون، هندوس، يهود، سيخ، وانقسم النصارى إلى 44٪ أنجليكان، و43٪ كاثوليك، والبقية من طوائف أخرى.
أما تعداد المسلمين في جيرسي فهو يصل إلى 400 مسلم، معظمهم من المهاجرين من دول أخرى، وكان المكان الوحيد الذي يصلون فيه صلاة الجماعة هو غرفة تابعة لكنيسة، وفي عام 2014 اشتروا كنيسة ميثودية ليحولوها إلى مسجد ومركز باسم:Jersey Islamic Centre.