الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حصاد 2022.. عام الأمل في حلول اللحظات الأخيرة لكبح تغير المناخ.. كوارث الطقس تزداد تطرفا.. وقمة COP27 بمصر تقطع خطوة كبيرة نحو العدالة

الانبعاثات الكربونية
الانبعاثات الكربونية أخطر مسببات التغير المناخي

لم يكن عام 2022 سيئا على جميع الأصعدة، حيث يمكن لمن يمعن النظر الخروج بنتيجة أنه كان عاما إيجابيا فيما يتعلق بالعمل المناخي، وتحقق فيه تقدم ملحوظ على عدة جبهات، منها تزايد الاهتمام بالتحول للطاقة النظيفة، وقد حظيت الطاقة الشمسية تحديدا بالنصيب الأكبر من هذا الاهتمام، وارتفع معدل الاعتماد عليها بنسبة 50% هذا العام.

صندوق الخسائر والأضرار في COP27.. خطوة نحو العدالة المناخية

ويعد التوصل لاتفاق دولي بشأن تأسيس صندوق الخسائر والأضرار بنهاية قمة المناخ COP27 في مصر، أهم إنجازات هذا العام وتتويجا لجهود تحقيق العدالة للدول النامية. ووافقت الإدارة الأمريكية على تمويل صندوق الخسائر والأضرار في إطار تعهد الدول الأكثر تلويثا للمناخ تاريخيا بدفع نصيبها العادل في تعويض دول جنوب الكرة الأرضية الأكثر تأثرا بالتلوث.

وبعد ضغوط شديدة حقق نشطاء المناخ تقدما على محورين لإلزام الولايات المتحدة بمسئوليتها عن مكافحة تغير المناخ الذي ساهمت فيه عبر عقود طويلة، أولهما تمويلها لصندوق الأضرار والخسائر، وثانيهما انضمامها لقادة العالم المشاركين في قمة المناخ الأخيرة COP27، في الاعتراف بأن الوقود الأحفوري هو سبب حالة الطوارئ المناخية وبالتالي تعهدها الصريح بتقليص استخدام الفحم والنفط والغاز الطبيعي.

وقدّر تقرير صدر في يونيو الخسائر المجمعة المرتبطة بالمناخ على مدار العقدين الماضيين في 55 دولة معرضة للخطر بنحو 525 مليار دولار، تمثل نحو 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لها جميعا. وتشير بعض الأبحاث إلى أن مثل هذه الخسائر قد تصل بحلول عام 2030 إلى 580 مليار دولار سنويا.

ويحدد الاتفاق الخاص بصندوق الخسائر والأضرار خارطة طريق لاتخاذ القرار في المستقبل، مع توصيات ستُقدم خلال قمة الأمم المتحدة للمناخ العام المقبل لاتخاذ قرارات منها من سيشرف على الصندوق وكيف سيتم توزيع الأموال والجهات المستفيدة.

الطاقة النظيفة.. الطريق الآمن الوحيد نحو مناخ معتدل

ورغم صعوبات تأمين مصادر الطاقة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، إلا أنه يمكن اعتبارها الدافع الأكبر للتوسع في استخدام الطاقة المتجددة في البلدان ذات مستويات الدخول المختلفة للوصول إلى عالم أكثر عدلا وإنصافا، فهناك 568 مليون شخص يعيش 75% منهم في أفريقيا جنوب الصحراء محرومون من الكهرباء، وهو ما ينبغي تغييره للقضاء على الفقر المدقع وتعزيز المساواة في التنمية المستدامة بين جميع شعوب العالم، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة تحمل الدول الغنية مسئوليتها في خفض الانبعاثات الكربونية بشكل كبير.

وقدم عام 2022 قدم أملا جديدا في التخلص من انبعاثات الكربون، ومثل نقطة تحول رئيسية في طريقة تعاطي الحكومات مع هذا الهدف الذي لم يعد هدفا مناخيا محضا فقط، بل أولوية اقتصادية وأمنية، ويظهر هذا في استجابة دول الاتحاد الأوروبي لحلول أزمة الطاقة، ومن المتوقع أن يترجم هذا إلى زيادة اعتمادها على الطاقة المتجددة بنسبة 10% بحلول عام 2030.

وخصص الاتحاد الأوروبي نحو 12 مليار يورو (12.73 مليار دولار) لخطوط أنابيب الغاز ومنشآت استيراد الغاز الطبيعي المسال، وتقول المفوضية الأوروبية إنها خطوة قصيرة الأجل لتأمين إمدادات الطاقة أثناء العمل على توسيع استخدام الطاقات المتجددة.

2022.. كوارث مناخية أكثر تطرفًا

أثرت الكوارث المرتبطة بالطقس والمياه والمناخ- بما في ذلك الفيضانات الشديدة والحرارة والجفاف- على ملايين الأشخاص وكلفت مليارات الدولارات هذا العام، مع تصاعد العلامات والتأثيرات الناجمة عن تغير المناخ بفعل الإنسان.

وقال الأمين العام لمنظمة الأرصاد الجوية، البروفيسور بيتيري تالاس "لقد واجهنا هذا العام العديد من الكوارث المناخية المأساوية التي أودت بحياة عدد كبير جدا من الأرواح وسبل العيش وقوضت الصحة والغذاء والطاقة وأمن المياه والبنية التحتية. غمرت المياه ثلث باكستان، مما أدى إلى خسائر بشرية واقتصادية كبيرة، وقد لوحظت موجات حر حطمت الرقم القياسي في الصين، وأوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية، والجفاف طويل الأمد في القرن الأفريقي يهدد بكارثة إنسانية".

وألحق عام 2022 خسائر فادحة في الأنهار الجليدية في جبال الألب الأوروبية، مع وجود مؤشرات أولية على حدوث ذوبان حطم الرقم القياسي. فقدت صفيحة جرينلاند الجليدية كتلتها للعام 26 على التوالي وقد هطلت أمطار على القمة الجليدية بدلا من تساقط الثلوج لأول مرة في سبتمبر الماضي.

وعلى الرغم من أن عام 2022 لم يكسر سجلات درجات الحرارة العالمية، تم تسجيل عدد من درجات الحرارة القياسية في أجزاء كثيرة من العالم، وكانت أجزاء كبيرة من نصف الكرة الشمالي حارة وجافة بشكل استثنائي. شهدت الهند وباكستان حرارة قياسية في مارس وأبريل.

وأدى هطول الأمطار القياسية في شهري يوليو وأغسطس إلى فيضانات واسعة النطاق في باكستان، أدت إلى مصرع 1700 شخص على الأقل وتضرر 33 مليون شخص، ونزوح 7.9 مليون شخص.

وشهدت الصين أكبر موجة حارة وأطولها أمدا منذ أن بدأت السجلات الوطنية، واشتعلت أجزاء كبيرة من أوروبا في نوبات متكررة من الحرارة الشديدة. كما شهدت المملكة المتحدة رقما قياسيا جديدا في يوليو، عندما تجاوزت درجة الحرارة أكثر من 40 درجة مئوية لأول مرة، وقد صاحب ذلك جفاف وحرائق غابات مستمرة ومدمرة.

وفي شرق أفريقيا، كان هطول الأمطار أقل من المتوسط لأربعة مواسم متتالية، وهي أطول موجة جفاف منذ 40 عاما، مما تسبب في أزمة إنسانية كبرى أثرت على ملايين الأشخاص، وأدت إلى تدمير الزراعة ونفوق الماشية، خاصة في إثيوبيا وكينيا والصومال.

وشهدت منطقة كبيرة تتمركز حول الجزء الشمالي الأوسط من الأرجنتين، وكذلك جنوب بوليفيا ووسط شيلي ومعظم باراجواي وأوروجواي، درجات حرارة قياسية خلال موجتين حراريتين متتاليتين في أواخر نوفمبر وأوائل ديسمبر 2022.

حرائق الغابات

اللافت أيضاً في 2022 هو اتساع نطاق حرائق الغابات التي استمرت وقتاً أطول من المعتاد وشملت دولاً أكثر وبشدة أكبر حتى في فصل الشتاء. وضمت قائمة الحرائق الواسعة النطاق دولاً في معظم قارات الكرة الأرضية، ففي القارة الآسيوية أتت الحرائق على أكثر من 14800 فدان بكوريا الجنوبية في مارس الماضي، ودفعت أكثر من 6200 شخص إلى ترك المنطقة في مقاطعة أولجين الساحلية الواقعة في شرق البلاد بالقرب من محطة "هانول" للطاقة النووية.

كما شهدت الولايات المتحدة حريقاً نادراً في يناير الماضي نشب في ولاية كولورادو وأتى على أكثر من ألف فدان وتسبب في إغلاق طريق سريع. وفي أبريل شهدت ولاية نيو مكسيكو حريقين هما الأكبر في تاريخها، حيث أتيا على أكثر من 341 ألف فدان، إضافة إلى اندلاع حريق في ولاية كاليفورنيا في يوليو الماضي نتج منه دمار نحو أربعة آلاف فدان وإتلاف بعض الأشجار الضخمة والقديمة.

وإلى الشمال نشب في كندا أكبر حريق في غابات إقليم كولومبيا البريطانية، حيث احترق 2000 فدان في أول يومين فقط من الحريق.

وفي أمريكا الجنوبية، اندلعت حرائق في إقليم كوريينتس في الأرجنتين في فبراير ودمرت 12 في المئة من الغابات والمراعي بالإقليم، وشردت النيران أو قتلت حيوانات برية عدة مثل الخنزير والذئاب والتماسيح والغزلان.

وفي يونيو الماضي، اندلعت حرائق في عدد من الأقاليم شمال وجنوب المغرب، حيث التهمت النيران 4 آلاف فدان من الغابات على الأقل، وتم إجلاء المئات من منازلهم. وكذلك شهدت ولايات شرق الجزائر موجة حرائق خلفت نحو 40 قتيلاً.

أما في أوروبا، فقد أدى ارتفاع درجات الحرارة إلى 42 درجة مئوية إلى نشوب حرائق في الغرب على ساحل المحيط الأطلسي، ما تسبب في احتراق نحو 48 فداناً بين يونيو ويوليو، وصدرت الأوامر لنحو 34 ألف شخص بمغادرة المنطقة.

كذلك أججت موجة حارة حرائق إسبانيا في يونيو الماضي، ودمرت نحو 70 ألف فدان. وامتدت الحرائق في شبه جزيرة إيبيريا إلى البرتغال التي شهدت مناطقها الشمالية حرائق ألحقت أضراراً بنحو 15 ألف فدان في يوليو الماضي، فضلاً عن إغلاق أهم طريق سريع في البرتغال بسبب حريق آخر اندلع إلى الجنوب. وفي الشهر نفسه شهدت تركيا حريقاً في منطقة مطلة على بحر إيجة دمر 1700 فدان.

أزمة غذاء

خلال هذا العام ضرب الجفاف بقوة شرق القرن الأفريقي، حيث يعد موسم الأمطار الذي امتد من مارس إلى مايو الماضيين هو الأكثر جفافاً على الإطلاق وفق تقديرات الأمم المتحدة، ويعد الصومال الأكثر تضرراً بمعدلات جفاف غير مسبوقة منذ 40 عاماً أثرت في حياة المدنيين وسط ارتفاع نسب سوء التغذية بين الأطفال.

وفي جيبوتي يواجه 13 في المئة من السكان أزمة تغذية، كما يهدد الجفاف في كينيا الأمن الغذائي لأكثر من ثلاثة ملايين شخص. وفي منطقة جنوب الصحراء تسبب الجفاف في النيجر بمعاناة أكثر من أربعة ملايين أسرة من تداعيات نقص المواد الغذائية.

وفي بيان أصدره في أكتوبر سبق أن حذر برنامج الأغذية العالمي من أن العالم يواجه خطر خوض عام آخر من وصول الجوع لمعدلات قياسية.

وارتفع عدد الجوعى في العالم من 282 مليونا إلى 345 مليونا خلال الأشهر الأولى فقط من عام 2022، مما دفع برنامج الأغذية العالمي لزيادة المستهدفين من المساعدات الغذائية إلى رقم قياسي بلغ 153 مليون شخص عام 2022.