الأصيل.. القديم.. الحديث

 ثلاث كلمات أو تعبيرات!! لكل منها مدلول عميق المعنى في شتى مجالات المعرفة والحياة ، ولكني هنا سأختص واسلط الضوء على شيء محدد، وهو مجال فن صناعة الأثاث والديكور والتنسيق الداخلي للمنزل، ومن المتعارف عليه لمعنى واستخدام هذه الكلمات في هذا المجال... تعنى تطبيقه على الطراز أو الاستايل... فتعبير "القديم" يطلق عليه الكلاسيك أو الاستيل و" الحديث" يطلق على المودرن..وما تندرج تحت هذه الكلمات من تقسيمات وتعريفات عديدة. 

دعونا نتعرف أولا ما هو الفرق بين الكلاسيك أو الاستيل.. الذي يعتمد على الفخامة والرقي والتميز، فهو الطراز المخصص للملوك والأمراء قديما وحتى وقتنا الحالي، وهو يتميز بقطعه المتعددة والتي تحتوى على عدد كبير من التفاصيل والزخارف اليدوية وأعمال النحت التي تظهره غاية فى الجمال والروعة خصوصا إذا كان مذهبا سواء في الأثاث أو داخل الديكورات بشكل عام فهو مخصص للمنازل ذات المساحات الواسعة الأسقف العالية ، وتتميز أيضا بإدخال عدد من الألوان الواضحة لكي تظهر بذلك الشكل من الفخامة والرقي ويفيض عليها مزيد من الروعة. أما بالنسبة للحديث المودرن".

 فهو يتميز بالبساطة والأناقة بصورة كبيرة بل يترك لك الحرية المطلقة عند إختيار أي ألوان أو تصميمات تفضلها دون التقيد ببعض الألوان الثابتة، ويمكنك المزج بين عدة ألوان طالما كانت متناسقة.. ويعمل الأثاث المودرن على إظهار كافة قطع الديكور المتواجدة معها ، على عكس الأثاث الاستيل الذي يكتفى بوجود قطع بسيطة من الديكور جانبه حتى لا تؤذى العين أو تسبب تزاحم الألوان - وليس هذا فقط !! بل وبسبب التكدس السكاني وزيادة عدد المباني السكنية، واصبحت الشقق أصغر عما مضى وذات مساحات بسيطة مقارنة بالشقق في الماضي، مما جعل الأثاث المودرن أكثر ملاءمة لتلك الشقق، ويسهل دمج عدة قطع في قطعة واحدة متعددة الاستخدامات ، مثل السرير الذي يسهل ويتم طيه إلى ركنة أو كنبة، في نفس الوقت يحتوى على أدراج و ارفف يتم وضع مختلف الأغراض بها. 

ولكن في حال رغبتك في الجمع بين تلك النوعين في ما يطلق عليه نيوكلاسيك" أو كونتيمبوراري (Contemporary) والذي يكون مزج بين الطرازين بطريقة بسيطة، أو يتم عمل إضافة بعض اللوحات الكلاسيكية أو سجاد عتيق مع قطع أثاث مودرن مع تغيير طفيف في نظام الإضاءة في الغرفة وبالتالي تجمع بين الطرازين بكل سهولة. والنيو كلاسيك هو معادلة مثالية خاصة بين الخفة البصرية والانطباع الفاخر فهي تجمع بين الكلاسيكية والمعاصرة ( الحديث) وخلط سلس متناغم بين مميزات كل طراز لإخراج ناتج بصري خاص يقدم حلا وسطا. 

كل ما سبق من شرح وتوثيق التاريخ للطرازات المختلفة القديمة أو الكلاسيك أو بما يسمي بالحضارة الأوروبية وخصوصا الفرنسية وتأتي الإنجليزية والروسية أيضا في حقبة هذا الزمان ، واعتبارا منذ عهد لويس الرابع عشر ملك فرنسا( لوي كاتورز) في منتصف القرن السابع عشر الميلادي ( عام ١٦٤٣ ميلادية) ،ثم لويس الخامس عشر ( لوي كانز) ثم لويس السادس عشر ( لوي سيز)،وما بعدها..وكل هذه الأسماء أصبحت طرازات معروفة ولها المواصفات الخاصة بكل عصر منهم وأصبح التقسيم الفرنسي القديم يعتمد على هذه الطرازات المختلفة، وهذا ما يطلق عليه القديم..!! وهذا كله منذ (۳۸۰) عام فقط ..!! ثلاثمائة وثمانون عام وهذا في عمر التاريخ الطويل للبشرية لا يساوي شيئا. والمودرن أو الحديث فى عالم الأثاث والديكور لم يظهر إلا في منتصف القرن الماضي أي منذ حوالى سبعون عاما فقط وذلك لأسباب عديدة ذكر بعضها عاليه أما الأصيل..وهو أصل الحكاية، وهو أصل لكل ما سبق، والملهم لكل حضارات العالم وأصل صناعة الأثاث والديكورات والطرازات المعمارية الراقية والشامخة مصر العظيمة.. هو الإنسان المصري القديم ومنذ آلاف السني.

لقد كانت أول دولة في العالم القديم عرفت و ابتدعت مبادئ الكتابة والحروف والعلامات والحفر.. وبهذه الخطوة الحضارية العظيمة انتقلت مصر من عصور ما قبل التاريخ وا وأصبحت أول دولة فى العالم والتاريخ لها تاريخ مكتوب وموثق،.. وتاريخ مصر هو اطول و أقدم تاريخ مستمر لدولة فى العالم لما يزيد عن ٧٠٠٠ عام قبل الميلاد، وحضارة مصر عرفت بأنها من أقدم الحضارات في التاريخ الإنساني. توت عنخ آمون ، هو أعظم ملوك التاريخ وملك مصر العظيم ، ويعد من أشهر الفراعنة لأسباب لا تتعلق بإنجازات حققها أو حروب انتصر فيها، وانما لأسباب أخرى أهمها ، اكتشاف مقبرته وكنوزها بالكامل وبدون أي تلف، والذي كان بوابة على التاريخ أطل عبرها المصريون على أمجاد أجدادهم، وانهم أصل كل الحضارات الإنسانية والفنون في التاريخ البشري إن الإنسان المصري القديم كان المبتكر والمبدع والملهم لجميع الفنون الخاصة بالأثاث والديكور الراقي والفخم ، وهو أول من تفنن بأعمال الحفر على الخشب بدقة متناهية ( الأويمة) و أدخل تطعيم الخشب بالعاج والابنوس والصدف..وهو من اخترع وأبدع فن الماركتريه الراقي ( تطعيم الخشب بالقشرات الخشبية المتناهية الدقة). وهو أول من صنع سرير قابل للطي في التاريخ. أختم وأقول أن الأثاث والديكور المصري القديم ومنذ آلاف السنين هو الأصيل..وهو ما أرسى وألهم كل حضارات العالم المتعاقبة منذ الزمن البكر من عمر الإنسانية، و ما يؤكد أن مصر هي أول كلمة فى كتاب التاريخ وأهم موقع في كتاب الجغرافيا، و أن مصر هي التي علمت العالم كله أصول كل شيء.