الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إقبال تاريخي على ملابس البالة في تونس وتلك هي الأسباب

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أجبر غلاء الأسعار المتصاعد، الكثير من العائلات التونسية بما في ذلك متوسطة الدخل، على شراء ملابس العيد لأطفالهم من أسواق الملابس المستعملة أو ''الفريب" كما يسميها التونسيون، والتي تعرف إقبالا كبيرا في ظلّ ارتفاع أسعار الملابس الجديدة، وتراجع المقدرة الشرائية بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمرّ بها البلد.

وووفقا لتقرير نشرته صحيفة المشهد التونسية، فإن استقبال عيد الفطر في تونس مرتبط بشراء الملابس الجديدة للأطفال ورسم البهجة على وجوههم، حتّى أنهم يسمّونه ''عيد الصغير"، لكنّ غلاء أسعار الملابس المعروضة بالأسواق والمراكز التجارية، نغّص هذه الفرحة على الكثيرين ممن صاروا يبحثون عن حلول بديلة لاقتناء كسوة العيد، بعد أن أثقلت مصاريف رمضان الكثيرة كاهلهم.

وبلغت نسبة التضخم في تونس بداية العام الحالي 10.4%، قبل أن تسجل انخفاضا طفيفا نهاية مارس الماضي، لتستقر عند حدود 10.3%، وهذه أعلى نسبة من رقمين تسجلها تونس من نحو 3 عقود.

زيادة 20%

لم تنجُ أسعار الملابس من الارتفاع الجنوني للأسعار في تونس، ويشتكي أغلب التونسيين، من غلاء أسعار السلع المعروضة بالمحال التجارية، ويقول طارق مبروك الذي كان يتجوّل في مركز تجاري بوسط العاصمة تونس، إنّه لم يعد قادرا على مجاراة نسق ارتفاع الأسعار الجنوني، "أنا في حيرة من أمري، لا أدري ماذا سأفعل لأتمكن من شراء ملابس العيد لأطفالي الثلاثة، فالأسعار مرتفعة جدّا وتتجاوز مقدرة المواطن البسيط" يضيف بكثير من الحسرة.

ويؤكّد رئيس منظمة إرشاد المستهلك لطفي الرياحي، أنّ أسعار الملابس الجاهزة مرتفعة، موضحا أنها عرفت زيادة بنسبة تقدر بـ20% مقارنة بالسنة الماضية، ويقول في تصريح للصحيفة التونسية، إنّ تكلفة كسوة طفل يتراوح عمره بين 6 و8 سنوات، تتراوح بين 300 و350 دينارا، لافتا إلى أن هذه الأسعار تخص المحال التجارية التي تعرض بضاعة متوسطة الجودة، أما "بالنسبة للمحال التي تعرض سلعا فخمة فالتكلفة قد تصل إلى 800 دينار (250 دولارا)" بحسب تقديراته.

وتعتبر هذه الأسعار مرتفعة في بلد ينتمي نصف سكانه إلى الطبقات الضعيفة، التي لا يتجاوز متوسط دخلها 900 دينار (نحو 300 دولار)، وتتسع فيه رقعة الفقر إلى حدود 16.6% عام 2021، في مقابل 15.2% عام 2015، بينما تصل نسبة الفقر المدقع إلى حدود 2.9%

العيون على "الفريب"

إلى وقت غير بعيد كان التونسيون يتحرّجون من شراء ملابس العيد من أسواق الملابس المستعملة، لكنّ هذا الحلّ تسلّل شيئا فشيئا إلى عاداتهم، بسبب الغلاء الفاحش لأسعار الملابس الجديدة وتراجع مقدرتهم الشرائية، والمتجوّل بين شوارع العاصمة، يلاحظ الحركية الكبيرة التي تعرفها أسواق وبسطات الملابس المستعملة، أين تتكوّم أكداس من الثياب والأحذية يعرضها الباعة بأسعار منخفضة نسبيا.

وترى سلوى وهي عاملة بمصنع، أنّ "الفريب" صار ملجأ الفقراء لشراء ملابس العيد لأطفالهم، مؤكدة أنها اشترت جزءا من ملابس أطفالها من محلّ تجاري، وأكملت البقيّة من "الفريب"، مضيفة، "أرغب بشدّة في إسعاد أبنائي بانتقاء ملابس جديدة، لكنّني غير قادرة على ذلك وليس أمامي من حلّ سوى "الفريب" لفعل ذلك"، خاتمة بالقول "المهّم أن أراهم سعداء حتى وإن كان ذلك بشراء ملابس مستعملة".

ويقول رئيس غرفة تجار الملابس المستعملة الصحبي المعلاوي، إنّ الاقبال كبير هذا العام على أسواق البالة، أنّ أسواق الملابس المستعملة تشهد حركيّة كبيرة خلال الأسابيع الأخيرة، ويزيد، أنّ نسبة الإقبال على شراء الملابس المستعملة، ارتفعت بشكل ملحوظ مقارنة بالأعوام السابقة، "فبعد أن كانت سابقا تقدّر بنحو 10%، يمكن اليوم القول بأن 40% من العائلات التونسية ستشتري كسوة العيد من أسواق البالة"، يؤكد المتحدث مضيفا، أنّ ثمن كسوة طفل من سوق الملابس المستعملة يقدّر بنحو 100 دينار (30 دولارا) وعادة ما تكون جودتها مقبولة مقارنة بما تعرضه المحال الشعبية.

ويتابع، أنّ المواطن البسيط لم يعد قادرا على شراء ملابس أطفاله من المحال التجارية، لذلك يلجأ إلى أسواق البالة، "لأنّ الأسعار هناك تتماشى ومقدرته الشرائية".

 

سوق إلكتروني 

 

ولم يعد بيع الملابس المستعملة في تونس مقتصرا على البسطات والمحال المعدة لهذا النشاط، فقد صار كثيرون يمارسونه إلكترونيّا عبر صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، يعرضون من خلالها سلعهم عبر تقنية البث المباشر، وهي سلع مرتفعة الأثمان مقارنة بأسواق البالة الكلاسيكية.

 

وتقول زهراء وهي تاجرة تمارس هذا النشاط بمدينة بن عروس وسط تونس لصحيفة "المشهد"، إنّها تشتري سلعا غالية لأنّ نوعيتها جيدة، مضيفة "أعرض منتجات أوروبية من ماركات بعضها يباع بالمحال بأسعار مضاعفة، لذلك من الطبيعي أن أعرضها بأسعار مرتفعة نسبيا، لكنّها تظل مقبولة مقارنة بما يعرض بالمحال"، وتؤكد المتحدثة أنّ زبائنها ليسوا فقط من البسطاء، "فهناك عائلات تفضّل شراء كسوة أطفالها من "الفريب" لأنّ ما نعرضه أفضل جودة كما أنّ هناك من يريد أن يشتري أكثر من كسوة".

وتنتشر أسواق البالة في كلّ مدن تونس وقراها حتّى أن شوارع رئيسية بالمدن الكبرى ومن بينها قلب العاصمة تونس تحوّلت إلى أسواق تنتشر بها بسطات "الفريب" ما يكشف حجم إقبال التونسيين عليه بعد أن صار ملاذهم لشراء ملابسهم.