الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ذكر عظيم يقال في الحر الشديد.. فضله وبمَ يكافئ الله سبحانه قائله

دعاء الحر
دعاء الحر

يكثر البحث عن ذكر يقال في الحر الشديد، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة ودخول فصل الصيف، حيث ثبت في السُنة النبوية حديث قدسي شريف بين المولى تبارك وتعالى وجهنم مكافأة لقائل هذا الذكر . 

ما يقال في الحر الشديد

حيث يسأل البعض عن الحديث والذكر الذي يقال في الحر الشديد، ليجيب الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم العميد السابق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، إن هذا الحديث ورد بلفظ ( ﺇﺫا ﻛﺎﻥ ﻳﻮﻡ ﺣﺎﺭ ﺃﻟﻘﻰ اﻟﻠﻪ ﺳﻤﻌﻪ ﻭﺑﺼﺮﻩ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻞ اﻷﺭﺽ ﻓﺈﺫا ﻗﺎﻝ اﻟﺮﺟﻞ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺃﺷﺪ ﺣﺮ ﻫﺬا اﻟﻴﻮﻡ اﻟﻠﻬﻢ ﺃﺟﺮﻧﻰ ﻣﻦ ﺣﺮ ﺟﻬﻨﻢ ﻗﺎﻝ اﻟﻠﻪ ﻟﺠﻬﻨﻢ ﺇﻥ ﻋﺒﺪا ﻣﻦ ﻋﺒﻴﺪﻯ اﺳﺘﺠﺎﺭ ﺑﻰ ﻣﻦ ﺣﺮﻙ ﻭﺇﻧﻰ ﺃﺷﻬﺪﻙ ﺃﻧﻰ ﻗﺪ ﺃﺟﺮﺗﻪ ﻣﻨﻚ . 

ﻭتابع: ﺇﺫا ﻛﺎﻥ ﻳﻮﻡ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺒﺮﺩ ﺃﻟﻘﻰ اﻟﻠﻪ ﺳﻤﻌﻪ ﻭﺑﺼﺮﻩ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻞ اﻷﺭﺽ ﻓﺈﺫا ﻗﺎﻝ اﻟﻌﺒﺪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺃﺷﺪ ﺑﺮﺩ ﻫﺬا اﻟﻴﻮﻡ اﻟﻠﻬﻢ ﺃﺟﺮﻧﻰ ﻣﻦ ﺯﻣﻬﺮﻳﺮ ﺟﻬﻨﻢ ﻗﺎﻝ اﻟﻠﻪ ﻟﺠﻬﻨﻢ ﺇﻥ ﻋﺒﺪا ﻣﻦ ﻋﺒﻴﺪﻯ اﺳﺘﺠﺎﺭ ﺑﻰ ﻣﻦ ﺯﻣﻬﺮﻳﺮﻙ ﻭﺇﻧﻰ ﺃﺷﻬﺪﻙ ﺃﻧﻰ ﻗﺪ ﺃﺟﺮﺗﻪ ﻗﺎﻟﻮا ﻭﻣﺎ ﺯﻣﻬﺮﻳﺮ ﺟﻬﻨﻢ ﻗﺎﻝ ﺑﻴﺖ ﻳﻠﻘﻰ ﻓﻴﻪ اﻟﻜﺎﻓﺮ ﻓﻴﺘﻤﻴﺰ ﻣﻦ ﺷﺪﺓ ﺑﺮﺩﻩ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ) 

كما أورده في جامع الأحاديث رقم ٢٦٩٥ وجاء في التخريج والتحقيق :  (اﺑﻦ اﻟﺴﻨﻰ، ﻭاﺑﻦ اﻟﻨﺠﺎﺭ ﻋﻦ ﺃﺑﻰ ﺳﻌﻴﺪ ﻭﺃﺑﻰ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻣﻌﺎ) ﺃﺧﺮﺟﻪ اﺑﻦ اﻟﺴﻨﻰ (ﺻ 122، ﺭﻗﻢ 307)، ﻭﺫﻛﺮﻩ اﺑﻦ ﺭﺟﺐ اﻟﺤﻨﺒﻠﻰ ﻓﻰ اﻟﺘﺨﻮﻳﻒ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺭ (1/44) . ﻗﺎﻝ اﻟﻌﺠﻠﻮﻧﻰ (2/466) : ﺭﻭاﻩ اﺑﻦ اﻟﺴﻨﻰ ﻭﺃﺑﻮ ﻧﻌﻴﻢ ﺑﺴﻨﺪ ﺿﻌﻴﻒ، ﻭﺭﻭاﻩ اﻟﺒﻴﻬﻘﻰ ﻓﻰ اﻷﺳﻤﺎء ﻭاﻟﺼﻔﺎﺕ. 

وشدد: هذا ورغم ضعف الحديث سندا إلا أنه لا مانع من الأخذ به في فضائل الأعمال. 


سنن النبي في الحر

كان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا اشتدت الحرارة أن يؤخر صلاة الظهر حتى تمضي ذروة الحرارة، فيقول صلى الله عليه وسلم: «إذا اشتد الحر فأبرِدوا بالصلاة؛ فَشِدّة الحر من فيح جهنم»، متفق عليه.

وروى مسلم عن خبّاب قال: «شكَوْنا إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حرَّ الرَّمْضاء في جباهِنا وأكفِّنا، فلم يُشْكِنا»، أي: لم يزل شكوانا.

وعن أبي هريرة أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضًا، فأذن لها بنفسَين- نفسٍ في الشتاء، ونفسٍ في الصيف، فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير». رواه البخاري ومسلم.

وذكر المفسرون سببب تأخير صلاة الظهر في الحر الشديد، لأنَّ الْحَرَّ الشديد يؤثر على خشوع المسلم في صلاته، والخشوع أهم أركان الصلاة؛ فَبِقَدْرِ خشوع المسلم في صلاته يكون أجره عليها، لكن في هذه الأزمنة، في عصر التقدم التكنولوجي ووجود المكيفات والمراوح الكهربائية، فلا يوجد ذلك الحر الشديد جدًا، لذلك علينا مراعاة أحوال الناس، فلا يُقال: أبرِدوا بالظهر، والناس قد اجتمعوا في المسجد، وفي ظل ومكان باردً، لكن لو كانت هناك بلاد ليس فيها هذه المكيفات والمراوح الكهربائية، فإن الإبراد مستحب في حقهم.

ماذا نقول عندما يشتد الحر؟ 

ومن السنة أن يتعظ المسلم في الحر الشديد من نار جهنم ويتذكر التهديد والوعيد بها، وأن يدعو الله عز وجل أن يجره من عذاب جهنم فيقول: اللهم أجرني من زمهرير جهنم، ففي رواية البيهقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا كان يومٌ حار ألقى الله تعالى سمعه وبصره إلى أهل السماء وأهل الأرض، فإذا قال العبد: لا إله إلا الله، ما أشد حر هذا اليوم، اللهم أجرني من حر جهنم، قال الله- عز وجل- لجهنم: إن عبدًا من عبادي استجارني منك، وإني أشهدك أني قد أجرته، وإذا كان يومٌ شديد البرد ألقى الله تعالى سمعه وبصره إلى أهل السماء والأرض، فإذا قال العبد: لا إله إلا الله، ما أشد برد هذا اليوم، اللهم أجرني من زمهرير جهنم، قال الله- عز وجل- لجهنم: إن عبدًا من عبادي استجارني من زمهريرك، وإني أشهدك أني قد أجرته. فقالوا: وما زمهرير جهنم؟ قال: بيتٌ يلقى فيه الكافر فيتميز من شدة بردها بعضه من بعضٍ" رواه البيهقي.

فضل الصوم في شدة الحر

الصوم من أفضل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله سبحانه وتعالي، فمن صام لله يوما واحدا إيمانا واحتسابا باعده الله عن النار سبعين سنة، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-يَقُولُ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» أخرجه البخاري.

فأجر الصيام عظيم، ولكنه في شدة الحر يكون أعظم أجرًا، منوهًا بأن التكليف كلما كان فيه مشقة كلما عظمت الأجور التي يحصلها الإنسان منه، والقاعدة الفقهية تقول «ما كان أكثر فعلًا، كان أكثر فضلًا، وعليه فإن الصيام في الأيام التي يشق فيها الصيام والإنسان يجاهد نفسه فيصوم ويتمم الصوم، يكون الأجر فيها أكبر من الأيام التي يكون فيها النهار أقصر أو تكون المشقة المرتبطة فيها بالصيام أقل».

وإذا كان في الصيام مشقة لطول اليوم وشدة حر فإن ثوابه يكون أعظم؛ فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا فِي عُمْرَتِهَا: «إِنَّ لَكِ مِنَ الْأَجْرِ قَدْرَ نَصَبِكِ وَنَفَقَتِكِ» رواه الدارقطني.

وورد عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: "خَرَجْنَا غَازِينَ فِي الْبَحْرِ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ وَالرِّيحُ لَنَا طَيِّبَةٌ وَالشِّرَاعُ لَنَا مَرْفُوعٌ، فَسَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي: يَا أَهْلَ السَّفِينَةِ، قِفُوا أُخْبِرْكُمْ، حَتَّى وَالَى بَيْنَ سَبْعَةِ أَصْوَاتٍ، قَالَ أَبُو مُوسَى: فَقُمْتُ عَلَى صَدْرِ السَّفِينَةِ فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ أَوَمَا تَرَى أَيْنَ نَحْنُ؟ وَهَلْ نَسْتَطِيعُ وُقُوفًا؟ قَالَ: فَأَجَابَنِي الصَّوْتُ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِقَضَاءٍ قَضَاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَفْسِهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى أَخْبِرْنَا، قَالَ: فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَضَى عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ مَنْ عَطَّشَ نَفْسَهُ للهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي يَوْمٍ حَارٍّ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يَرْوِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ: فَكَانَ أَبُو مُوسَى يَتَوَخَّى ذَلِكَ الْيَوْمَ الْحَارَّ الشَّدِيدَ الْحَرِّ الَّذِي يَكَادُ يَنْسَلِخُ فِيهِ الْإِنْسَانُ فَيَصُومُهُ" أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" واللفظ له.