الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أسعار خيالية.. الأرز يهدد العالم بأزمة قاسية بسبب الهند| وهذا موقف مصر

أزمة الأرز عالميا
أزمة الأرز عالميا

يعتبر الأرز الغذاء الرئيسي الأكثر استهلاكا لنصف سكان العالم، فهو من الحبوب الغذائية المفيدة، كما أنه يُشكل المكون الأساسي في مجموعة متنوعة من الوجبات إضافة أنه كان رخيص الثمن نسبيًا.

الأرز 

ارتفاع أسعار الأرز 

ولكن منذ عدة أسابيع أحدثت الهند هزة في سوق الأرز إذ فرضت أكبر دولة مصدرة للأرز في العالم قيوداً على جميع صادراتها الزراعية، ما أثار ذعر الحكومات من آسيا إلى غرب إفريقيا وحاول كبار المزارعين الآخرين طمأنة المستهلكين بأن إمدادات الأرز وفيرة، لكنهم لم يفعلوا الكثير لتهدئة السوق.

وقفزت أسعار الأرز في آسيا مرة أخرى بالقرب من أعلى مستوى لها منذ 15 عاماً تقريباً يوم الأربعاء الماضي بعد أن فرضت الهند المزيد من القيود على الأرز المسلوق والبسمتي خلال عطلة نهاية الأسبوع السابقة.

وكانت هذه هي الأصناف الأخيرة المتبقية التي لم تخضع لقيود التصدير، ما أدى إلى وصول حملة التشديد الأخيرة إلى ذروتها والتي بدأت بفرض حظر في 20 يوليو على شحن بعض الحبوب.

وقالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، الجمعة، إن مؤشرها لأسعار الأرز سجل زيادة 2.8% في يوليو مقارنة بالشهر السابق ليبلغ أعلى مستوى له في نحو 12 عاما، مع قفزة في الأسعار في الدول المصدرة الرئيسية نتيجة زيادة الطلب وتحرك الهند للحد من الصادرات.

وقالت المنظمة إن مؤشرها لأسعار الأرز على أنواعه، الذي يقيس الأسعار في البلدان المصدرة الرئيسية، بلغ 129.7 نقطة في المتوسط في يوليو مقابل 126.2 نقطة في الشهر السابق.

وأضافت أن المؤشر ارتفع 20% تقريبا في يوليو من 108.4 نقطة العام الماضي وسجل أعلى مستوى منذ سبتمبر 2011.

وأمرت الهند، التي تسهم بما يصل إلى 40%من صادرات الأرز العالمية، الشهر الماضي بوقف أكبر فئة تصدرها من الأرز لخفض الأسعار المحلية، التي صعدت إلى أعلى مستوياتها في سنوات خلال الأسابيع الأخيرة، مع تهديد الطقس المتقلب للإنتاج.

والهند وتايلاند وفيتنام وكمبوديا وباكستان من بين المصدرين الرئيسيين للأرز، والصين والفلبين وبنين والسنغال ونيجيريا وماليزيا من المستوردين الرئيسيين.

أزمة الأرز 

تحذير من أسعار الأرز

وحذر أحد الخبراء في الأمن الغذائي الأستاذ الفخري بجامعة هارفارد، بيتر تيمر،  إن "الارتفاعات الحادة في أسعار الأرز تضر دائما بالمستهلكين الفقراء أكثر من غيرهم"، "وإن القلق الأكثر إلحاحاً الآن هو ما إذا كانت تايلاند وفيتنام تتبعان الهند وتضعان ضوابط كبيرة على صادراتهما من الأرز، وإذا حدث ذلك، فسنشهد ارتفاع أسعار الأرز العالمية إلى أكثر من 1000 دولار.

إن القلق بشأن العرض أمر مفهوم فيعتبر الأرز عنصرا حيويا في النظام الغذائي لمليارات الأشخاص، ويساهم بما يصل إلى 60% من إجمالي السعرات الحرارية التي يتناولها الناس في أجزاء من جنوب شرق آسيا وأفريقيا ويبلغ السعر القياسي حالياً 646 دولاراً للطن، وقد يؤدي الطقس إلى زعزعة السوق بشكل أكبر.

يأتي ذلك، فيما تهدد ظاهرة النينيو هذا العام بتدمير العديد من مناطق النمو الرئيسية في جميع أنحاء آسيا، حيث حذرت تايلاند بالفعل من ظروف الجفاف في أوائل عام 2024.

ويبدو أن المحصول في الصين، أكبر منتج ومستورد في العالم، نجا من سوء الأحوال الجوية حتى الآن، ولكن تحتاج مناطق النمو الرئيسية في الهند إلى مزيد من الأمطار.

وقد يكون للتدابير التي تتخذها الهند سبب سياسي، حيث تواجه حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي انتخابات مبكرة في أوائل العام المقبل، وقد يؤدي ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى جعل الناخبين غير متسامحين في صناديق الاقتراع.

وكانت تكلفة الأرز في العاصمة نيودلهي لا تزال أعلى مما كانت عليه قبل عام حتى 31 أغسطس، ولكن منذ حظر التصدير في يوليو، استقرت الأسعار عند 39 روبية (47 سنتا) للكيلوغرام.

وقال وزير الغذاء سانجيف شوبرا في مقابلة له يوم الجمعة إنه بفضل احتياطيات الحبوب الوفيرة، بالإضافة إلى محصول الأرز الجديد الوشيك، فإن وضع الإمدادات في البلاد ليس مثيرا للقلق.

وأضاف أنه لا توجد حالياً مقترحات بشأن أي قيود أخرى على التصدير ومع ذلك، لا تزال القيود التي تفرضها الهند يتردد صداها في دول أخرى.

واضطرت الفلبين الأسبوع الماضي إلى وضع حد أقصى لأسعار الأرز في جميع أنحاء البلاد بسبب الزيادة "المثيرة للقلق" في أسعار التجزئة والتقارير عن اكتناز التجار للسلع وتعد الفلبين ثاني أكبر مستورد للحبوب في العالم.

سيجتمع المسؤولون الماليزيون مع مستورد الأرز التابع للدولة والمزارعين والمجلس الوطني للأرز والأرز يوم الخميس المقبل لمناقشة الوضع الحالي والتأكد من أن البلاد لديها إمدادات كافية، حيث تستورد البلاد حوالي 30% من احتياجاتها من الحبوب من منتجين مثل الهند وتايلاند وفيتنام.

الهند 

إعفاء القيود على الغذاء 

وأرسلت غينيا وزير التجارة الخاص بها إلى الهند، في حين طلبت سنغافورة وموريشيوس وبوتان من نيودلهي إعفاءها من القيود على أساس الأمن الغذائي وهو بند أضافته الدولة الواقعة في جنوب آسيا عند حظر أحد الأصناف كما أتاحت القيود فرصة لتايلاند.

بدورها، قامت ثاني أكبر دولة مصدرة للأرز في العالم بجولة ترويجية في الأسابيع الأخيرة حاملة رسالة " إذا كنت تريد الأرز، لدينا ذلك"، حيث قام مسؤولوها التجاريون برحلات إلى الفلبين وإندونيسيا وماليزيا واليابان.

وتقدم فيتنام بعض الدعم للسوق، قائلة الشهر الماضي إن البلاد من المرجح أن تتجاوز هدف التصدير لهذا العام، وهو إنجاز يمكن أن تحققه دون تعريض أمنها الغذائي للخطر. وأظهرت بيانات الجمارك أن الأحجام الواردة إلى إندونيسيا ارتفعت خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، في حين أن الشحنات إلى الصين كانت أعلى أيضاً لكن طموحات ميانمار تراجعت في الآونة الأخيرة.

واقترح اتحاد الأرز في البلاد وقفاً مؤقتاً للشحنات لتهدئة الأسعار المحلية المتزايدة، وهو الاقتراح الذي رفضته الحكومة وكان الاتحاد قد قال مؤخراً فقط إنه يمكنه شحن المزيد.

من المتوقع أن يقوم اتحاد مصدري الأرز التايلاندي بتحديث سعر الأرز الأبيض المكسور بنسبة 5% بعد اجتماعه الأسبوعي يوم الأربعاء، وسيراقب المستثمرون المؤشر الآسيوي لمعرفة ما إذا كان الهدوء أو القلق يتزايد.

والجدير بالذكر أن في 20 يوليو حظرت الهند تصدير الأرز الأبيض غير البسمتي، لتهدئة ارتفاع الأسعار المحلية في الداخل.

وأعقب ذلك ورود تقارير ومقاطع فيديو عن تدافع الناس على الشراء في ذعر، ورفوف الأرز الفارغة في متاجر البقالة الهندية، في الولايات المتحدة وكندا، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار.

وتوجد آلاف الأنواع من الأرز التي تزرع وتستهلك، غير أن أربع مجموعات رئيسية منها هي التي يجري تداولها على مستوى العالم.

ويشكل أرز "إنديكا" الطويل الحبة النحيل، الجزء الأكبر من تجارة الأرز العالمية، بينما تتكون مجموعات الأرز الأخرى من أرز معطر، مثل الأرز البسمتي، وأرز "جابونيكا" القصير الحبة، الذي يستخدم في إعداد السوشي والريزوتو، والأرز اللزج المستخدم في صناعة الحلويات.

وتعد الهند أكبر مصدر للأرز في العالم، إذ تساهم بحوالي 40%من التجارة العالمية في الحبوب. أما أكبر المصدرين الآخرين فهم: تايلاند، وفيتنام، وباكستان، والولايات المتحدة.

ومن بين المشترين الرئيسيين للأرز: الصين، والفلبين، ونيجيريا وهناك "مشترون متأرجحون" مثل: إندونيسيا، وبنغلادش، إذ يزيدون من الواردات عندما يعانون من نقص في الإمدادات المحلية.

كما أن استهلاك الأرز مرتفع ومتزايد في أفريقيا ويعد المصدر الرئيسي للطاقة في بلدان أخرى مثل: كوبا وبنما.

الأرز 

الحظر وأزمة الغذاء عالميا 

وصدرت الهند في العام الماضي 22 مليون طن من الأرز إلى 140 دولة وبلغت كميات أرز "إنديكا" الأبيض الأرخص نسبيا من هذا ستة ملايين طن كما بلغت التجارة العالمية في الأرز، بحسب التقديرات، 56 مليون طن.

ويهيمن الأرز الأبيض الهندي على نحو 70% من التجارة العالمية، وهو الذي أوقفت الهند الآن تصديره ويأتي ذلك على رأس الحظر الذي فرضته البلاد العام الماضي على صادرات الأرز المكسر، كما فرضت رسوم بنسبة 20% على صادرات الأرز غير البسمتي.

وليس من المستغرب أن يثير حظر الصادرات في يوليو مخاوف بشأن أسعار الأرز العالمية المرتفعة. ويعتقد بيير أوليفييه غورينشاس، كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، أن الحظر سيرفع الأسعار، وأن أسعار الحبوب العالمية قد تزيد بنسبة تصل إلى 15% هذا العام.

وتمتلك الهند مخزونا مذهلا من الأرز يبلغ 41 مليون طن أي أكثر من ثلاثة أضعاف المتطلبات الاحتياطية إذ يوجد في مخازن الحبوب العامة لاحتياطها الاستراتيجي، وما تحتفظ به لنظام توزيع الحبوب العام، الذي يسمح لأكثر من 700 مليون شخص من الفقراء بشراء أغذية بأسعار رخيصة.

ويعتقد كثيرون أن الهند يجب أن تتجنب حظر تصدير الأرز لأنه قد يضر بالأمن الغذائي العالمي.

وليس حظر تصدير المواد الغذائية أمرا جديدا فقد ارتفع عدد الدول التي تفرض قيودا على تصدير المواد الغذائية، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي من ثلاثة إلى 16 دولة.

وخلال الأسابيع الأربعة الأولى من وباء كوفيد-19، نفَّذت نحو 21 دولة قيودا على تصدير مجموعة من المنتجات.

ويخشى خبراء الاقتصاد من تسبب تلويح الهند بحظر صادراتها من الحبوب خصوصا الأرز في زيادة الفجوات الغذائية داخل القارة الافريقية ومنطقة الشرق الأوسط باعتبارها أكثر استخداما له في غذاءها وارتفاع أسعاره عالميا بصورة جنونية بالتزامن مع استمرار تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

وبالنظر إلى الدول المستهلكة تُعد الصين أكبر مستهلك للأرز في العالم ثم الهند، وتأتي مصر في الترتيب الـ 14، ورغم أنها من الدول المنتجة للأرز؛ إلا أنها تشهد أحيانا ارتفاعات في الأسعار نتيجة وصول الاستهلاك السنوي منه إلى 4 ملايين طن سنوياً - بحسب بيانات عام 2022.

وأصبح الإنتاج غير كافٍ لتلبية طلب السوق المصرية وهو ما أعاد مصر لسوق استيراد الأرز.

الأرز