الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكم كسر عظام العقيقة.. اعرف سر الخطورة فيها

العقيقة
العقيقة

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول "ما حكم كسر عظام العقيقة؟ فقد قمت بالعقيقة عن ولدي، وعند قيامي بتقطيع العقيقة إلى أجزاء لتوزيعها، منعني أحد الحضور عن كسر عظامها، وأخبرني أنَّ العقيقة يحرُم كسر عظامها، فما حكم كسر عظام العقيقة؟

حكم كسر عظام العقيقة

وقالت دار الإفتاء، في إجابتها على حكم كسر عظام العقيقة، إنه لم يذهب أحد من العلماء إلى القول بحُرمة كسر عظام العقيقة، وإنَّما كرهه الشافعية في أحد الوجهين تنزيهًا، وتفاؤلًا بسلامة أعضاء المولود وطيب عيشه، بل ذهب فقهاء الحنفية والمالكية إلى جواز ذلك.

وأوضحت، أن المراد بالعقيقة، أنها تُطلق ويُراد بها الذبيحة التي تُذبح للمولود في اليوم السابع من ولادته استحبابًا، كما جاءت بذلك السُّنَّة النبوية المشرفة، فيكون تسمية الذبيحة باسم "العقيقة" من باب تسمية الشيء بما يصاحبه أو بما كان سببه. ينظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (1/ 47، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"الصحاح" للجوهري (4/ 1527، ط. دار العلم للملايين).

وأضافت، أن العقيقة في أصلها من العادات المعروفة عند العرب، حيث كانوا بها يتلطَّفون بإشاعة نسب الولد بعد ولادته بإكرام الناس وإطعامهم، فجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأقرها وأمر بها، وفعلها هو وصحابتُهُ الكرام رضوان الله عليهم، والسلف والخلف من بعدهم.

فعن عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبي بريدةَ رضي الله عنه يقول: "كنا في الجاهلية إذا وُلِدَ لأحدنا غلامٌ ذبح شاةً، وَلَطَّخَ رأسَهُ بِدَمِهَا، فلما جاء اللهُ بالإسلام، كنا نذبح شاةً، ونَحْلِقُ رأسَهُ، وَنُلَطِّخُهُ بزعفران" أخرجه أبو داود في "السنن"، والطحاوي في "مشكل الآثار"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، والحاكم في "المستدرك".

وعن سلمان بن عامر الضَّبِّي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ، فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى» أخرجه البخاري.

وأشارت إلى أن العقيقة هي سنة مؤكدة على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، من المالكية والشافعية والحنابلة. ينظر: "النوادر والزيادات" للإمام ابن أبي زيد القيرواني المالكي (4/ 332، ط. دار الغرب الإسلامي)، و"المجموع" للإمام النووي الشافعي (8/ 426، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قدامة الحنبلي (9/ 459، ط. مكتبة القاهرة).

وذهب الحنفية إلى أنَّها من قبيل التطوع إن شاء فعلها، وإن شاء لم يفعلها. ينظر: "العقود الدرية" للعلامة ابن عابدين الحنفي (2/ 212، ط. دار المعرفة).

آراء المذاهب الفقهية

واستعرضت دار الإفتاء المصرية، آراء المذاهب الفقهية في كسر عظام العقيقة، منوهة أن كسر عظام العقيقة من الأفعال التي أفصح العلماء القول فيها، فذهب الحنفية والمالكية إلى جوازه.

قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "حاشيته على الدر المختار" (6/ 336، ط. دار الفكر): [يُستحبُّ لمن وُلِدَ له ولد أن يُسَمِّيَه يوم أسبوعه... ثمَّ يعق عند الحلق عقيقة إباحة على ما في "الجامع" المحبوبي، أو تَطَوُّعًا على ما في "شرح الطحاوي"، وهي: شاة تصلح للأضحية تذبح للذكر والأنثى، سواء فرَّق لحمها نِيئًا أو طبخه بحموضة أو بدونها مع كسر عظمها أو لا، واتخاذ دعوة أو لا] اهـ.

وقال الإمام أبو عبد الله الموَّاق المالكي في "التاج والإكليل" (4/ 393، ط. دار الكتب العلمية): [(وجاز كسر عظمها) في "الموطأ": العقيقة بمنزلة الضحايا، وتكسر عظامها، ولا يمس الصبي بشيء من دمها. عبد الوهاب: ليس كسر عظامها بمسنون، إنما هو جائز] اهـ.

بينما استحبَّ الشافعية والحنابلة فَصْل أعضائها وعدم كسر عظامها، مع نص الشافعية على أن كسرها هو خلاف الأولى.

قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 430) في المسألة الخامسة من مسائل أحكام العقيقة: [يستحب أن تفصل أعضاؤها، ولا يكسر شيء من عظامها؛ لما ذكره المصنف، فإن كسر فهو خلاف الأولى، وهل هو مكروه كراهة تنزيه؟ فيه وجهان: (أصحهما) لا؛ لأنَّه لم يثبت فيه نهيٌ مقصود] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (9/ 463): [ويستحب أن تفصل أعضاؤها، ولا تكسر عظامها] اهـ.

وممَّا ينبغي التنبيه عليه أنَّه لم يجنح أحد من العلماء إلى القول بحُرمة كسر عظامها -كما ورد بواقعة السؤال-، وإنَّما كرهه الشافعية في أحد الوجهين تنزيهًا، تفاؤلًا بسلامة أعضاء وطيب عيش المولود. ينظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (15/ 129-130، ط. دار الكتب العلمية).

كما أنَّه لم يصح شيءٌ في النهي عن كسر عظامها، إلا ما ورد مُرسلًا عن محمد الباقر رضي الله عنه أَنَّ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: فِي الْعَقِيقَةِ الَّتِي عَقَّتْهَا فَاطِمَةُ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عليهم السلام: «إِنْ تَبْعَثُوا إِلَى الْقَابِلَةِ مِنْهَا بِرِجْلٍ، وَكُلُوا وَأَطْعِمُوا وَلَا تَكْسِرُوا مِنْهَا عَظْمًا» أخرجه أبو داود في "المراسيل"، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار"، و"السنن الكبرى".

كسر عظام عقيقة المولود

كما حذر الدكتور مبروك عطية، الداعية الإسلامي، من كسر عظام العقيقة عن المولود بعد ذبحها، منوهًا بأن ذلك جاء في حواشى كتب الفقه.

وأوضح «عطية» خلال تقديمه لبرنامج «كلمة السر»، أنه جرت عادة الناس أنه بعد سلخ ذبيحة العقيقة يتم تقطيعها، وكسر عظامها لتوزيعها لحمًا.

مشيرًا إلى أنه لا ينبغي كسر عظام الذبيحة في العقيقة، تيمنًا ألا يكسر الله ضلوع المولود الذي ذُبحت العقيقة عنه، بمعني أن يُعطى الناس لحم العقيقة بعظمها، دون كسره.