الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.صابر حارص يكتب: أخطاء يجب تركها في رمضان (1) الولع بالجدل

د. صابر حارص
د. صابر حارص

تروي عائشة أم المؤمنين عن أشرف الخلق أجمعين: إنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إلى اللَّهِ الألَدُّ الخَصِمُ"، والألد الخصم هو الانسان المولع بالجدل أو إطالة النزاع والصراع، فكلما ظهر موضع للجدال ظهرت فيه مهاراته وقدراته وهواياته، وهو لا يدري أنه أبغَضَ الناس إلى اللهِ تعالَى،  أي: يَكرَهُه اللهُ عزَّ وجلَّ كَراهيةً شَديدةً، لما يلحقه من أذى وضرر وتعطيل للآخرين مستخدما  مهارات وقدرات الجدل التي وهبها له الله ليستخدمها في نصرة الحق والدفاع عن المظلومين.

وقد رغب الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرا في ترك الجدال فضمن لمن فعل ذلك منزلا في أدنى الجنة، فقال: “أَنا زعيمٌ ببيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لمن ترَكَ المراءَ وإن كانَ محقًّا، وببيتٍ في وسطِ الجنَّةِ لمن ترَكَ الكذبَ، وإن كانَ مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجنَّةِ لمن حسَّنَ خلقَهُ”.

ولذلك فإن من أكبر الأخطاء التي يجب أن ننتهز فرصة رمضان ونتوقف عنها في حياتنا: الجدال في العلم والعمل، كالجدال في السيمنارات العلمية لتسجيل مشروعات الماجستير والدكتوراة، أو الجدال في مجالس الأقسام والكليات على توزيع المقررات وتحديد التخصصات وأعداد الطلاب، أو الجدال في الصحافة والإعلام، أو جدال الرجل مع زوجته، أو جدال الأصدقاء على المقاهي في السياسة والدين، وغيرها من صور الجدال.

حيث يروح كل طرف بالإمعان في إثبات رأيه، والإصرار على إلحاق زميله بالهزيمة، وتحقيق النصر للهوى والنفس الأمارة بالسوء، والأقبح من ذلك حينما يكون الجدال على غير علم أو على غير حق، تحركه نوازع الكره والحقد والحسد فيتظاهر المجادل بالسعي إلى الأفضل والأدق والأهم.

وربما يكون المجادل على حق..، لكنه حق يراد به باطل فلا يوفقه الله، بل يخرج  منه وهو متألم نفسيا من فشله في إلحاق الضرر بخصمه أو الطرف الآخر الذي يجادله،  إذ أن النية في الإسلام شرط لقبول العمل وتحقيقه، كما أن المكر السيء لا يحيك إلا بأهله، وقدْ كشف القرآن الكريم عن هؤلاء بقوله :" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ".

وفي الحديثُ أيضا تَحذيرٌ ونهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم لمَن يجادل أو  يُخاصِمُ بحقٍّ، لكنَّه لا يَقتصِرُ في جداله على موضوع الجدل، ولا يقتصر في خصومته على موضوع الخصومة، بل يختزن بداخله الكره والبغضاء لزميله أو  قريبه أو حتى زوجته في كل أمر يستجد، فيظهر تعنته وجداله ومكره في كل الأمور حتى يصبح الأمر ممنهجا يجعل صاحبه ألد خصم ينطبق عليه حديث رسول الله.

وربما تطول هذه المشاعر السلبية الخصومات أو اللدادة في الجدال حتى الموت والفراق، ويندم المجادل أشد الندم حينما يستمع أو يطالع حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إلى اللَّهِ الألَدُّ الخَصِمُ.