الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأمراض المنقولة بالنواقل بعد غد فى الاحتفال بيوم الصحة العالمى

صدى البلد

تحيي منظمة الصحة العالمية بعد غد، الاثنين، الاحتفال بيوم الصحة العالمي 2014 تحت شعار "الأمراض المنقولة بالنواقل" لتسليط الضوء على بعض النواقل التي تسببت في وقوع ما يقدر بـ660 ألف وفاة في عام 2010، إلا أن أسرع الأمراض المنقولة بالنواقل نموا في العالم هى حمى الدنج، بزيادة قدرها 30 ضعفا في وقوع المرض على مدى السنوات الـ50 الماضية، بالإضافة إلى عولمة التجارة والسفر والتحديات البيئية - مثل تغير المناخ والتحضر - التى أثرت على سريان الأمراض المنقولة بالنواقل، وتسببت في ظهورها في بلدان لم تكن معروفة فيها سابقا.
وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن الأمراض المنقولة بالنواقل مثل: حمى الضنك من أنواع العدوى المنقولة بالبعوض والتي أصبحت تشكل في العقود الأخيرة قلقا كبيرا من زاوية الصحة العمومية على الصعيد الدولي، وتنتشر حمى الضنك في المناخات المدارية وشبه المدارية في شتى أنحاء العالم وفي المناطق الحضرية وشبه الحضرية بالدرجة الأولى، وتم الكشف لأول مرة عن حمى الضنك النزفية، وهى مضاعفة قد تؤدي إلى وفاة من يتعرض لها في الخمسينيات خلال أوبئة هذا المرض التي ألمت بالفلبين وتايلند.
أما اليوم فقد بات المرض منتشرا في معظم البلدان الآسيوية وأصبح من أهم أسباب دخول أطفال تلك البلدان إلى المستشفى ووفاتهم، وتنجم حمى الضنك عن أربعة فيروسات منفصلة يوجد بينها ترابط وثيق، والشفاء من العدوى التي يسببها أحد تلك الفيروسات يوفر مناعة ضد ذلك الفيروس تدوم مدى الحياة، غير أنه لا يوفر إلا حماية جزئية وعابرة ضد العدوى التي قد تظهر لاحقا بسبب الفيروسات الثلاثة الأخرى.
وهناك بيانات دامغة على أن التعرض لعدوى حمى الضنك بشكل متكرر يزيد من خطر الإصابة بحمى الضنك النزفية، ولقد شهدت معدلات وقوع حمى الضنك زيادة هائلة في شتى ربوع العالم في العقود الأخيرة، فقد أصبح 2.5 مليار نسمة معرضين لمخاطر الإصابة بهذا المرض، وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية، حاليا، إلى احتمال وقوع 50 مليونا من إصابات حمى الضنك كل عام في جميع أنحاء العالم.
وشهد عام 2007 وحده وقوع 890 ألف حالة أُبلغ عنها في إقليم الأمريكتين، علما بأن 26 ألف حالة منها كانت من حالات حمى الضنك النزفية، حيث إن المرض أصبح متوطنا في أكثر من 100 بلد في أفريقيا والأمريكتين وشرق المتوسط وجنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ، علما بأن إقليمي جنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ هما أشد الأقاليم تضررا من المرض.
ولم تشهد إلا 9 بلدان قبل عام 1970 وقوع أوبئة حمى الضنك النزفية، وقد ارتفع ذلك العدد بأكثر من أربعة أضعاف بحلول عام 1995، فقد أبلغت فنزويلا في عام 2007 عن وقوع أكثر من 80 ألف حالة منها ما يزيد على 6000 حالة من حمى الضنك النزفية.
وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أنه خلال وقوع أوبئة حمى الضنك كثيرا ما تبلغ معدلات الإصابة بعدوى حمى الضنك بين أولئك الذين لم يتعرضوا للفيروس من قبل 40% إلى 50%، ولكنها قد تبلغ 80% إلى 90% في بعض الأحيان، وتتم إحالة نحو 500 ألف من المصابين بحمى الضنك النزفية إلى المستشفيات كل عام، علما بأن عددا كبيرا من أولئك المرضى هم من الأطفال، والجدير بالملاحظة أن 2.5% من المصابين يقضون نحبهم في آخر المطاف.
ويمكن أن تتجاوز معدلات الوفاة في حالات حمى الضنك النزفية إلى 20% إذا لم يتلق المصابون العلاج المناسب، وتوسيع فرص الحصول على خدمات الرعاية الطبية من قبل العاملين الصحيين ممن لهم دراية بذلك المرض- الأطباء والممرضون القادرون على التفطن لأعراضه وعلاج آثاره - من الأمور التي تسهم في تخفيض معدلات الوفيات إلى أقل من 1%.
ويعزى انتشار حمى الضنك إلى اتساع النطاق الجغرافي للفيروسات الأربعة المسببة للمرض ونواقلها من البعوض، علما بأن البعوضة الزاعجة التي تنتشر في المناطق الحضرية تمثل أهم أنواع تلك النواقل، ويؤدي ارتفاع عدد أسراب البعوض في المناطق الحضرية إلى زيادة أعداد الناس الذين يتعرضون لتلك النواقل، لا سيما في الأماكن الملائمة لتكاثرها، مثل الأماكن التي يكثر فيها تخزين المياه وتنقصها خدمات التخلص من النفايات الصلبة، ولا يوجد علاج محدد ضد حمى الضنك، وتتمثل الوسيلة الوحيدة لمكافحة أو الوقاية من فيروس حمى الضنك حاليا في مكافحة البعوض الحامل للمرض.
أما داء شاغاس المعروف أيضا باسم داء المثقبيات الأمريكي، فهو مرض قد تتهدد حياة المصابين به، وهو يرد إلى طفيلي أوالي يدعى المثقبية الكروزية، وينتشر المرض أساسا في مناطق متوطنة به تقع في 21 بلدا من بلدان أمريكا اللاتينية، حيث ينتقل إلى البشر في المقام الأول عن طريق براز بق الترياتومين الذي يعرف بعدة أسماء منها "بق التقبيل"، بحسب المنطقة الجغرافية.
ويقدر عدد المصابين في أنحاء العالم كافة بعدوى المرض بما يتراوح بين 7 ملايين و8 ملايين نسمة تقريبا، ومعظمهم من أمريكا اللاتينية، ولاتزال تكاليف علاج داء شاغاس باهظة، إذ تقدر التكاليف السنوية المتكبدة في كولومبيا وحدها عن تقديم خدمات الرعاية الطبية لجميع المرضى المصابين بالداء بنحو 267 مليون دولار أمريكي، ومن شأن رش مبيدات الحشرات لمكافحة نواقل الداء أن يكلف حوالي 5 ملايين دولار أمريكي سنويا.
وأُطلق اسم شاغاس على هذا المرض بعد قيام كارلوس ريبيرو جوستينيانو شاغاس، وهو طبيب برازيلي باكتشافه لأول مرة في عام 1909، ويحدث داء شاغاس أساسا في أمريكا اللاتينية، غير أنه في العقود الماضية تم الكشف عنه بشكل متزايد في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والعديد من البلدان الأوروبية وبعض بلدان غرب المحيط الهادئ، وذلك لعدة أسباب أهمها تنقل السكان بين أمريكا اللاتينية وبقية العالم، أما الأسباب الأقل شيوعا فهى انتشار العدوى عن طريق عمليات نقل الدم وسريانها بشكل أفقي (من الأم المصابة بها إلى طفلها) أو من خلال التبرع بالأعضاء.
ويمر داء شاغاس في تطوره، بمرحلتين اثنتين، وتستغرق المرحلة الأولى التي تدعى المرحلة الحادة فترة تناهز الشهرين عقب اكتساب العدوى، وخلال تلك المرحلة يدور عدد كبير من الطفيليات في الدم، ومن الملاحظ في معظم الحالات اعتدال الأعراض أو انعدامها ولكنها قد تشمل الحمى والصداع وتضخم الغدد اللمفية وشحوب البشرة وألم عضلي وصعوبة التنفس والتورم وألم بطني أو صدري، ومن العلامات الأولى التي تطبع المرض وتظهر لدى أقل من 50% من الأشخاص الذين يتعرضون لقرص بق الترياتومين ظهور آفة جلدية أو تورم ارجواني في جفن العين.
وخلال المرحلة المزمنة تختفي الطفيليات أساسا في القلب والعضل الهضمي، ويعاني نحو 30% من المرضى من اضطرابات قلبية، كما يعاني 10% منهم من اضطرابات هضمية (عادة تضخم البلعوم أو القولون) أو عصبية أو اضطرابات مختلطة، ويمكن أن تؤدي العدوى بعد مرور أعوام إلى الموت المفاجئ أو الفشل القلبي نتيجة تدمر العضل القلبي بشكل تدريجي.
أما داء الشيكونغونيا، فهو مرض فيروسي منقول بالبعوض وصف للمرة الأولى أثناء فاشية وقعت في جنوب تنزانيا في عام 1952، ومن المألوف حدوث الشيكونغونيا في أفريقيا وآسيا وشبه القارة الهندية، كما اتسعت رقعة انتشار تلك الفيروسات في الأعوام الأخيرة انطلاقا من آسيا لتشمل بعض المناطق من أفريقيا وأوروبا والأمريكتين، والفيروس المسبب للمرض من الفيروسات الألفاوية التي تنتمي إلى فصيلة الفيروسات الطخائية، وينحدر اسم "الشيكونغونيا" من أحد الأفعال المصدرية في لغة كيماكوندي ويعني "المشي منحيا" وهو يعكس حالة المصابين بالآلام في المفاصل.
وينتقل فيروس الشيكونغونيا بين البشر عن طريق لسعات أنثى البعوض الحامل للمرض، والبعوض الذي ينقله هو عادة من جنس الزاعجة المصرية أو الزاعجة المنقطة بالأبيض، وهما نوعان يمكنهما أيضا نقل فيروسات أخرى بما في ذلك الفيروس المسبب لحمى الضنك، وذلك البعوض يلسع خلال النهار مع أن نشاطه يبلغ ذروته في الساعات الأولى من الفجر وقبل غروب الشمس، وكلا الجنسين المذكورين يلسع خارج البيوت بينما تتغذى الزاعجة المصرية بسرعة داخل البيوت.
وبعد تعرض المرء للسع البعوض تظهر أعراض المرض عليه عادة في غضون فترة تتراوح بين أربعة وثمانية أيام، ولكنها قد تتراوح بين يومين و12 يوما، ومن سمات الشيكونغونيا ظهور الحمى بشكل مفاجئ مع آلام مبرحة في المفاصل عادة، ومن العلامات الشائعة الأخرى الآلام العضلية والصداع والتقيؤ والتعب والطفح والألم الذي يظهر في المفاصل يؤدي غالبا إلى إعاقة المرء بشكل كبير، غير أنه يتلاشى عادة في غضون بضعة أيام أو أسابيع، ومعظم المصابين يشفون تماما من المرض، ولكن الألم المفصلي قد يدوم عدة أشهر بل سنوات.
وتم الإبلاغ أيضا في بعض الحالات عن وقوع مضاعفات في العين والجهاز العصبي والقلب، فضلا عن مشاكل في الجهاز المعدي المعوي.
والملاحظ أن المضاعفات الوخيمة نادرة الحدوث، غير أن المرض قد يؤدي إلى الوفاة بين المسنين، والأعراض التي تظهر على المصابين تكون معتدلة في غالب الأحيان، مما قد يؤدي إلى عدم التفطن إلى المرض أو الخطأ في تشخيصه في الأماكن التي تحدث فيها حمى الضنك.
أما داء المثقبيات الأفريقي البشري (المعروف أيضا باسم مرض النوم) مرض طفيلي منقول بناقل، وهو ينجم عن عدوى بأحد طفيليات الأوالي تنتمي إلى جنس المثقبيات، وهو ينتقل إلى البشر عن طريق لدغات ذبابة تسي تسي من جنس اللواسن التي اكتسبت عدواها من البشر أو من حيوانات تؤوي طفيليات ممرضة للبشر.
ويتهدد مرض النوم صحة ملايين الأشخاص في 36 بلدا من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وتعيش كثير من الفئات السكانية المتضررة في مناطق نائية لا تستفيد إلا بشكل محدود، من الخدمات الصحية المناسبة مما يحول دون الاضطلاع بأنشطة الترصد ويحول، بالتالي دون تشخيص الحالات وعلاجها.
وكان مرض النوم أول أو ثاني أكبر سبب للوفيات في تلك المجتمعات حتى قبل فيروس الإيدز، وبحلول عام 2005، تم تعزيز الرصد وانخفض عدد الحالات الجديدة التي تم الإبلاغ عنها في القارة؛ حيث انخفض عدد شكلي المرض من 37991 إلى 17616 ما بين عامي 1998 و2004.
وفي عام 2009، وبعد جهود المكافحة المتواصلة، انخفض عدد الحالات التي تم الإبلاغ عنها إلى ما دون 10000 (9878) للمرة الأولى خلال 50 عاما، وتمت المحافظة على هذا الاتجاه في عام 2011، حيث تم الإبلاغ عن 6743 حالة جديدة، ويقدر عدد الحالات الفعلية حاليا بـ30000، وعدد السكان المعرضين لاختطار داء المثقبيات الأفريقي البشري يقدر حاليا بـ70 مليون نسمة.
أما داء الفيلاريات اللمفية المعروف بداء الفيل، من أمراض المناطق المدارية المنسية، وتحدث العدوى عندما تنتقل الطفيليات الفيلارية إلى البشر عن طريق البعوض، وعندما يلدغ البعوض الحامل ليرقات بلغت المرحلة المعدية أحد الأشخاص، توضع الطفيليات على جلد ذلك الشخص وتدخل من ذلك الموضع إلى جسمه، وتنتقل اليرقات بعد ذلك إلى الأوعية اللمفية، حيث تتطور لتصبح ديدان بالغة تشكل أعشاشا في الجهاز اللمفي البشري، وتعشش الديدان البالغة في الجهاز اللمفي وتعرقل الجهاز المناعي، وتعيش فترة تتراوح بين 6 أعوام و8 أعوام، وتنتج خلال تلك الفترة ملايين المكروفيلاريات (اليرقات الصغيرة) التي تدور في الدم.
وتكتسب العدوى غالبا في مرحلة الطفولة، ولكن أعراض المرض المؤلمة والمشوهة إلى حد كبير تظهر في مرحلة لاحقة من العمر، وفي حين تتسبب نوبات المرض الحادة في حدوث عجز مؤقت، فإن المرض يؤدي إلى عجز دائم في آخر المطاف، وتتسبب تلك التشوهات الجسدية في التعرض لوصم اجتماعي، ومواجهة مشقة مالية بسبب فقدان الدخل وزيادة المصاريف الطبية، ونتيجة لذلك تبلغ الأعباء الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن الانعزال والفقر مستويات فادحة.
أما مرض الملاريا، فهو مرض فتاك تسببه طفيليات تنتقل إلى البشر من خلال لدغات البعوض الحامل لها ثم يشرع في التكاثر في الكبد ويغزو الكريات الحمراء بعد ذلك، ولا تمر دقيقة واحدة إلا وتشهد وفاة طفل جراء الملاريا، ومن أعراضها الحمى والصداع والتقيّؤ، وتظهر تلك الأعراض عادة بعد مضي 10 أيام إلى 15 يوما على التعرض للدغ البعوض، ويمكن للملاريا إذا لم تعالج أن تتهدد حياة المصاب بها بسرعة من خلال عرقلة عملية تزويد الأعضاء الحيوية بالدم.
وبالنسبة لداء البلهارسيات، فهو مرض طفيلي مزمن تسببه الديدان المثقوبة الدموية (المثقوبات) من جنس البلهارسية، وهناك كل عام ما لا يقل عن 230 مليون نسمة ممن هم بحاجة إلى العلاج من هذا الداء، وتم توثيق سريانه في 77 بلدا، غير أن الفئات الأكثر عرضة لمخاطر الإصابة به توجد في 52 بلدا.
وينتشر داء البلهارسيات في المناطق المدارية وشبه المدارية، ولاسيما في المجتمعات المحلية الفقيرة التي لا تتاح فيها فرص الحصول على مياه الشرب المأمونة ووسائل الإصحاح المناسبة، وتشير التقديرات إلى أن 90% على الأقل ممن هم بحاجة إلى العلاج من هذا الداء يعيشون في أفريقيا، ويصاب الناس بالعدوى عندما تخترق يرقات الطفيلي- التي تفرزها قواقع المياه العذبة - بشرتهم أثناء تعاملهم مع المياه الملوثة بها.
ويصيب داء البلهارسيات فئتي المزارعين وصائدي الأسماك بالدرجة الأولى، وتتعرض النساء اللائي يقمن بوظائفهن المنزلية في المياه الملوثة بالبلهارسيات مثل غسل الثياب لخطر الإصابة بالمرض أيضا، وتسهم النظافة الشخصية وعادات اللعب في تعريض الأطفال للعدوى بشكل خاص.
ويعتبر داء البلهارسيات البولي التناسلي أيضا من عوامل الاختطار المرتبطة بالإصابة بفيروس الإيدز لاسيما لدى النساء ، وتظهر أعراض داء البلهارسيات نتيجة تفاعل الجسم مع بيض الديدان، وليس نتيجة الديدان نفسها، ويمكن أن يتسبب داء البلهارسيات المعوي في حدوث ألم بطني وإسهال ونزف يؤدي إلى ظهور الدم في البراز، ومن الأعراض الشائعة في الحالات المتقدمة تضخم الكبد الذي عادة ما ينجم عن تجمع السائل في جوف الصفاق(الصفاق هو التهاب وعدوى في الغشاء الموجود في المنطقة الداخلية للبطن) وفرط ضغط الدم في الأوعية الدموية البطنية، وقد يسجل أيضا في تلك الحالات تضخم الطحال.
أما فيروس الحمى الصفراء من الفيروسات المنقولة بالمفصليات التي تنتمي إلى فصيلة الفيروسات المصفّرة، والبعوض هو أهم نواقله، ويحمل البعوض الفيروس من ثوي إلى آخر، بين النسانيس أولا، ثم من النسانيس إلى الإنسان، ثم من إنسان إلى آخر، ويمر الفيروس بعد اكتسابه بفترة حضانة داخل الجسم تدوم 3 إلى 6 أيام، تتبعها عدوى قد تحدث في مرحلة واحدة أو مرحلتين، أما المرحلة الأولى فهى حادة وتتسبب عادة في الإصابة بحمى وألم عضلي وألم شديد في الظهر وصداع وارتعاد وفقدان الشهية وغثيان أو تقيّؤ.
وتتحسن أحوال معظم المرضى وتختفي أعراضهم بعد مرور 3 إلى 4 أيام، غير أن 15% من المرضى يدخلون مرحلة ثانية أكثر سمومية في غضون 24 ساعة من انقضاء المرحلة الأولى، والملاحظ عودة الحمى الشديدة وتضرر عدة من أجهزة الجسم، وسرعان ما يظهر يرقان على المريض الذي يصبح يعاني من ألم بطني مع تقيّؤ، ويمكن حدوث نزف من الفم أو الأنف أو العينين أو المعدة، وعندما يحدث ذلك يظهر الدم في القيء والبراز، وتتسم هذه المرحلة أيضا بتدهور وظيفة الكلى.
ويقضي نصف المرضى الذين يدخلون المرحلة السامة نحبهم في غضون 10 إلى 14 يوما، وتتماثل بقية المرضى للشفاء دون أية أضرار عضوية كبيرة، ويصعب تشخيص الحمى الصفراء ولاسيما خلال المراحل المبكرة، ويحدق خطرها بأكثر من 900 مليون نسمة في 31 بلدا ممن يتوطنها المرض في أفريقيا وأمريكا اللاتينية.
وفي أفريقيا يعيش نحو 508 ملايين نسمة في 31 بلدا، وتعيش بقية الفئات السكانية المختطرة في 13 بلدا في أمريكا اللاتينية، علما بأن أشد الفئات اختطارا هى تلك التي تعيش في بوليفيا والبرازيل وكولومبيا وإكوادور وبيرو، ويشهد كل عام وقوع نحو 200 ألف حالة من حالات الحمى الصفراء في جميع أنحاء العالم (تؤدي 30 ألف حالة منها إلى الوفاة).
ويسجل وقوع عدد ضئيل من الحالات الوافدة في البلدان الخالية من المرض، وعلى الرغم من عدم الإبلاغ قط عن حدوث أية حالات في آسيا، فإن المنطقة معرضة للخطر بسبب وجود الظروف المواتية لسراية العدوى، وأُبلغ في القرون الماضية (بين القرن 17 والقرن 19) عن وقوع فاشيات من الحمى الصفراء في أمريكا الشمالية (نيويورك، وفيلادلفيا، وتشارلستون، ونيو أورلينز وغيرها) وأوروبا في أيرلندا وإنجلترا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال.
وتهدف حملة منظمة الصحة العالمية إلى رفع مستوى الوعي حول التهديد الذي تشكله النواقل والأمراض المنقولة بالنواقل، وإلى تحفيز الأسر والمجتمعات على اتخاذ إجراءات لحماية أنفسها، وسيكون العنصر الأساسي في الحملة تزويد المجتمعات بالمعلومات، وبما أن الأمراض المنقولة بالنواقل بدأت بالانتشار خارج حدودها التقليدية، فلا بد من توسيع العمل إلى ما وراء البلدان التي تزدهر فيها هذه الأمراض حاليا.