لا مهادنة مع الساخرين من آيات الله

قال تعالى: "وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا" سورة النساء:آية 140: مدنية.
يأمر الله المؤمنين فى هذه الآية أنهم إذا سمعوا بعض الكافرين يهزأ بآيات الله أويكفر بها فلا يقعدوا معهم إلا أن يتحولوا إلى حديث آخر وذلك حتى لايكونوا مثل الكافرين لأن الله سيجمع المنافقين والكافرين فى جهنم وبذلك يحمى الله أهل الإيمان ويصونهم من أى تهجم عليهم فالذين يغارون على الإيمان هم الذين آمنوا فإياك أن تهادن من يتهجم على الدين لأنك إن هادنته كان أعز فى نفسك من الإيمان ومادمت قد آرتضيت الإيمان طريقاً لك فلتحم هذا الدين من التهجم عليه.
وإن تجرأ أحداً على دين الله بشىء من النقد أو السخرية أو الرمى بالباطل فالغيرة الإيمانية للمسلم تحتم عليه أن يرفض مجلس يخوض فيه الكفار بآيات الله تعالى ، فإن معنى الخوض هو الدخول فى الباطل أو الدخول فيما لاينتهى الكلام فيه إلى غاية.
فقلد كان المؤمنين فى بداية الإسلام قلة مستضعفة لاتستطيع الوقوف فى وجه الكافرين أو المنافقين فساعة يترك المؤمنون الكافرين والمنافقين لحظة اللغوا فى آيات الله فيعلم الكافرين والمنافقين بهذا السلوك أن الإيمان أعز على المسلمين من مجالسة هؤلاء ،أما إذا جالسهم مسلم وهم يخوضون فى الإيمان فهذا يعنى أنهم أعز عليه من الإيمان والكافرون قد يجعلونها حديثاً مستمراً لزعزعة الإيمان فى قلوب المسلمين وعندما يرى الكافر مؤمن ينفر من أى حديث فيه سخرية من الإسلام يعلم الكافر أن إيمان المسلم عزيز عليه.
(إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) أى لاتستبطئوا هذه الحياة لأن المسلم لايأخد الأمور بعمر الدنيا كقرن أو أثنين أو حتى عشرة قرون بل عليه أن يعرف أن الدنيا بالنسبة له هى عمره فيها والعمر يمكن أن ينتهى فجأة ويعمل المسلم لا من أجل الدنيا فقط ولكن من أجل أن يلقى الله مسلماً فى الآخرة والمؤمن لابد أن يخشى أن يحشره الله مع المنافقين والكافرين فى جهنم وهذا مصير كل من يقبل السخرية والاستهزاء بدين الله تعالى.