"عبده الروتين" و"كمبورة" و"الكحيت" و"عزيز بيك الأليط".. 1193 شخصية فى ذمة الله مع أحمد رجب

أبى القلم أن يكتب دون الريشة، وعندما سقطت الفرشاة قبل شهر سقط القلم معلنا وفاة أشهر كاتب ساخر فى مصر والعالم العربى، توقف قلب الكلمة أحمد رجب فجر اليوم ولحق به 1193 أبنا من أبناء وبنات أفكاره، توقف قلبه عن عمر ناهز 86 عاما بعد صراع طويل مع المرض.
فقدت مؤسسة "أخبار اليوم" والصحافة المصرية والعربية فارس الكلمة أحمد رجب الذي يعتبر علامة فارقة في تاريخ صاحبة الجلالة، صاحب باب "نص كلمة" و"الفهامة" التي كانت أحد الأبواب الأكثر قراءة.
أسس أحمد رجب مدرسة الكتابة الساخرة في العصر الحديث وتميزت كتاباته بالنقد اللاذع الذي اعتمد على أسلوبه "المختصر المفيد"، ودأب على توجيه النقد من خلال السخرية من جميع المجالات السياسية والاجتماعية وحتى الاقتصادية.
وربطت علاقة توأمة فكرية بين الكاتب الصحفي أحمد رجب ورسام الكاريكاتير مصطفى حسين طوال مشوار صحفي امتد لعشرات السنين، حتى أنه وبعد رحيل مصطفى حسين اعتاد "رجب" أن يفتتح عموده "نصف كلمة" في جريدة أخبار اليوم بالدعاء لصديق.
لمسة ابتسامة على الحال المتردى والعصيب، تقول فى "نص كلمة" كل شيء وتشمل قدرا كبيرا من الحكمة والسخرية والتنكيت، وامتلك الثنائى "مصطفى حسين وأحمد رجب"، أبناء مؤسسة أخبار اليوم، بهذه المساحة الصغيرة، قلوب وأذهان القراء في وقت كان للصحف الورقية السطوة والقوة، وتمكنا من إخراج الضحكات من قرائهما بشخصيات ساخرة ابتكرها أحمد رجب من وحي خياله وبنات أفكاره ورسمها مصطفى حسين بريشته المميزة، ليخرجا للمجتمع المصرى 1193 شخصية، من بينها "عبده الروتين" فى المصلحة الحكومية، وحين تفتح التليفزيون تجد "كمبورة" و"مطرب الأخبار"، وعندما تذهب إلى الاستاد تقابل "كابتن أوزو"، وعندما تنزل إلى الشارع تصطدم بـ"الكحيت" و"قاسم السماوى" و"عزيز بيك الأليط" و"علي الكومندا" و"عبده العايق" و"جنجح"، إضافة إلى "فلاح كفر الهنادوة"، الذي التقي مع كل وزراء مصر، واشتكي اليهم أحوال الناس، قابل عاطف صدقي وكمال الجنزوري وعاطف عبيد وأحمد نظيف قبل الثورة.
ولد أحمد رجب في 20 نوفمبر 1928، وحصل على ليسانس الحقوق، وأثناء دراسته في الكلية أصدر مع آخرين مجلة "أخبار الجامعة"، كانت طريقه للتعرف على مصطفى وعلي أمين، عمل في مكتب "أخبار اليوم" في الإسكندرية، ثم انتقل إلى القاهرة، تولى سكرتارية التحرير واكتشف علي ومصطفى أمين مواهبه، ويروى كثيرا من الحكايات عن أخطاء كانت تقع أو مواقف يعلن فيها سياسيون غضبهم من الأخبار، فيعلن على أمين فصل سكرتير التحرير أحمد رجب شكلا، لكنه بقى وظلت "أخبار اليوم" له مثل الماء للسمك لم يغادرها لينتشر، أو يعيد إنتاج نفسه.
كان له مقالة ثابتة يوميا في صورة رسالة ساخرة مختصرة في جريدة "الأخبار" بعنوان "نصف كلمة"، وله آراء سياسية وشارك مع رسام الكاريكاتير مصطفى حسين في كاريكاتير "الأخبار" و"أخبار اليوم" يوميا من أفكاره وألف شخصيات كاريكاتيرية، منها "فلاح كفر الهنادوة" و"مطرب الأخبار" و"عبده مشتاق" و"كعبورة" وغيرها الكثير، وكان له مقالة أسبوعية على صفحات جريدة "الشروق".
ومن أبرز المواقف السياسية للكاتب الساخر، أنه كان يرى أن ما حدث فى مصر في 30 يونيو إنما هو ثورة شعبية وليس "انقلابا عسكريا"، معتبرا أن جماعة الإخوان المسلمين بمثابة كابوس رهيب أصاب المصريين بالشلل الفكري، مؤكدا أنه أصيب بالقهر النفسى أثناء وجود الإخوان فى السلطة لسوء تصرفاتهم، وتعرض لهجوم شديد بسبب مقالاته، التي كان من بينها مقاله "نص كلمة" في الأخبار قبل الانتخابات الرئاسية عام 2012، والذي أعلن فيه أن الأفضل لمصر في هذه المرحلة هو أحمد شفيق وهو الذي سينقذ مصر.