قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ختان العقول


لم أتخيل أننا بعد تجريم ختان الإناث فى 2007، وما صدر عن دار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف، وما قرره الأطباء والشيوخ والأئمة الأفاضل، وبعد أن ماتت «بدور» وغيرها من البنات جراء عمليات الختان وبعد اندلاع ثورة يناير التى تحض على الحرية والعدالة - لم أتخيل بعد كل ذلك أننا سنعود لنناقش ختان الإناث.
وكأننا نعود للوراء، وكأننا نتلذذ بعقاب أنفسنا أو إلهائها بالغث فيما السمين ينتظرنا فلا نقترب منه.
ها نحن نعود لنكرر أمراً تمكنت المرأة المصرية بعد كفاح طويل من تجريمه بنص القانون. لكن ما أعاد فتح الأمور هو مشروع تعديل القانون الذى تقدم به أحد النواب من التيار السلفى، والذى يستهدف رفع عقوبة الختان وفتح الأبواب على مصاريعها لعودة انتشار تلك العادة القميئة فى وقت نعانى فيه ارتفاع نسبة الأمية والجهل وقلة التوعية.
ثم جاءت الشكاوى للمجلس القومى للمرأة بأن قوافل طبية تابعة لـ«الحرية والعدالة» تستهدف إجراء عمليات ختان للبنات والأولاد كنوع من «المكرمة» أو الدعاية فى إحدى قرى المنيا، وهو ما نفاه تماماً زعيم الأغلبية فى مجلس الشعب، مؤكداً أن تلك القوافل لا علاقة لها بالختان.
والحقيقة أن النفى أراح كثيرين، خاصة أن حزب الأغلبية من المتوقع أن يلتزم بالقانون ولا يخالفه جهاراً وعلى مرأى ومسمع من الجميع. لكن ما ننتظره الآن من الحزب الأكثر شعبية فى مصر - بالأرقام - هو بيان واضح بالالتزام بالقانون بل بتوضيح موقفه من ختان الإناث هكذا بوضوح ودون بلبلة.
والحقيقة أن عودة طرح موضوع الختان لا تكشف سوى عن رغبة البعض فى المجتمع فى العودة مرة أخرى للخلف.. أو للتخلف. خاصة بعد أن ثبت بما لاشك فيه أن الختان ليس من شعائر الإسلام، ولم يثبت أى نص صحيح يؤكده بل هو مجرد عادة قديمة فى أفريقيا ومصر القديمة غير منتشرة حتى فى دول الخليج.
ولست بحاجة هنا لتكرار أضرار الختان النفسية والطبية على الفتيات الصغار، وما أعتبر فى مؤتمرات المرأة حول العالم انتهاكاً لجسد المرأة بل عنفاً وقهراً ضدها يمنعها من ممارسة حياتها الطبيعية بعد ذلك.
وبعيداً عن كل ما سبق فإن الأخطر هنا أن أولويات بعض النواب فى مجلسى الشعب والشورى مختلطة. فهناك فصيل تركيزه الأساسى على المرأة، ليس تحقيق رفعتها بقدر ما هو تطبيق رؤيته المحدودة حول دورها وحقوقها فى المجتمع. فنجد مشروعات قوانين حول خفض سن الحضانة للأطفال، خفض سن الزواج للفتيات، إلغاء الخلع، إباحة الختان.. وكأن مشكلات مصر جميعاً قد انتهت، ولم يعد هناك سوى المرأة لإثبات الانتصار على حساب حقوقها.. والخوف كل الخوف أن ينتج عن مجلس تقريباً بلا نساء، معظمه من تيار الإسلام السياسى قوانين تضطهد المرأة وتقزم مكاسبها التى انتزعتها على مر السنين.
إن القضية هنا ليست فقط ختان الإناث التى سيقف كل المؤمنين بحقوق المرأة ضدها بكل ما أوتينا من قوة، لكن القضية هنا هى ختان العقول: فمتى نعيش أحراراً من أصفاد الجهل والتخلف التى يريدون أن يقيدوا بها رجال الوطن قبل نسائه؟
نقلا عن المصري اليوم