الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تعرف على حكم صلاة ركعتين «قبل صلاة المغرب»

صدى البلد

ذكرت دار الإفتاء المصرية أنه قد روى البخاري ومسلم أن صحابة سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كانوا يصلون ركعتين قبل صلاة المغرب، وذلك لما روى عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: كان المُؤَذِّنُ إذا أَذَّن قام ناس مِن أصحاب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يَبتَدِرُون السَّوارِيَ حتى يخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم كذلك يصلون الركعتين قبل المغرب، ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء، قال عثمان بن جَبَلةَ وأبو داود عن شعبة: لم يكن بينهما إلا قليل.
وفي رواية لمسلم يقول أنس: فيَجِيء الغَرِيبُ فيَحسب أَنَّ الصَّلاة قد صُلِّيَت مِن كَثرة مَن يُصَلِّيهِما، وروى الجماعة إلا أبا داود عن عبد الله بن مُغَفَّل المُزَنِّي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "بين كلِّ أَذانَينِ صلاةٌ، بين كل أذانينِ صلاةٌ، بين كل أذانين صلاة، لمَن شاءَ".
وأضافت الإفتاء، فى إجابتها عن سؤال ورد إليها جاء فيه: «هل توجد سنة مؤكدة ركعتان تُصَلَّيان قبل صلاة المغرب؟»، أنه قد ورد عن ابن حَجَرٍ العَسقَلانيٌّ في كتابه الفَتح: «قال القرطبي وغيره: ظاهر حديث أنس أن الركعتين بعد المغرب وقبل صلاة المغرب كان أمرا أقرّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أصحابَه عليه وعملوا به حتى كانوا يستبقون إليه، وهذا يدل على الاستحباب، وكأن أصله قوله -صلى الله عليه وسلم-: "بين كل أذانين صلاة"».
وأوضحت أن كون النبى -صلى الله عليه وسلم- لم يصلهما فلا ينفي الاستحباب، بل يدل على أنهما ليستا من الرواتب، مشيرةً إلى أنه ذهب إلى استحبابهما أحمد وإسحاق وأصحاب الحديث، ورُوي عن ابن عمر قال: ما رأيت أحدا يصليهما على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم.
ولفتت إلى أنه ورد عن الخلفاء الأربعة وجماعة من الصحابة أنهم كانوا لا يصلونهما، وهو قول مالك والشافعي، وادعى بعض المالكية نسخهما فقال: إنما كان ذلك في أول الأمر حيث نُهِيَ عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، فبين لهم بذلك وقت الجواز، ثم ندب إلى المبادرة إلى المغرب في أول وقتها، قلو استمرت المواظبة على الاشتغال بغيرها لكان ذلك ذريعة إلى مخالفة إدراك أول وقتها.
وبينت أنه قد تُعُقِّبَ بأنّ دعوى النسخ لا دليل عليها، والمنقول عنابن عمر رواه أبو داود من طريق طاوس عنه، ورواية أنس المثبِتة مقدَّمةٌ على نفيه، والمنقول عن الخلفاء الأربعة رواه محمد بن نصر وغيره من طريق إبراهيم النخعي عنهم، وهو منقطع، ولو ثبت لم يكن فيه دليل على النسخ ولا الكراهة.
وأشارت إلى أن عُقبةَ بنَ عامِرٍ سُئل عن الركعتين قبل المغرب فقال: كنا نفعلهما على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، قيل له: فما يمنعك الآن؟ قال: الشغل، فلعل غيره أيضا منعه الشغل، وقد روى محمد بن نصر وغيره من طرق قوية عن عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأُبَيّ بن كعب وأبي الدرداء وأبي موسى وغيرهم أنهم كانوا يواظبون عليهما.
وأما قول أبي بكر بن العربي: اختلف فيها الصحابة ولم يفعلها أحد بعدهم، فمردود بقول محمد بن نصر: وقد رُوِّينا عن جماعة من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يصلون الركعتين قبل المغرب، ثم أخرج ذلك بأسانيد متعددة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى وعبد الله بن بُرَيدة ويحيى بن عقيل والأعرج وعامر بن عبد الله بن الزبير وعِراك بن مالك، ومن طريق الحسن البصري أنه سُئل عنهما فقال: حسنتين واللهِ لِمَنْ أراد اللهَ بهما.
وقد ورد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: حق على كل مؤمن إذا أذن المؤذن أن يركع ركعتين، وعن مالك قول آخر باستحبابهما، وعند الشافعية وجه رجحه النوويُّ ومَن تَبِعَه، وقال في شرح مسلم: قول مَن قال إنّ فِعلَهما يؤدي إلى تأخير المغرب عن أول وقتها خيال فاسد منابذ للسنة، ومع ذلك فزمنهما زمن يسير لا تتأخر به الصلاة عن أول وقتها.
ونوهت إلى أن مجموع الأدلة يرشد إلى استحباب تخفيفهما كما في ركعتي الفجر، قيل: والحكمة في الندب إليهما رجاء إجابة الدعاء؛ لأن الدعاء بين الأذان والإقامة لا يُرَدّ، وكلما كان الوقتُ أشرفَ كان ثوابُ العبادة فيه أكثرَ»، وعليه فصلاة ركعتين قبل المغرب أمر مشروع، ولكنها سنة غير مؤكدة.
وأكدت أنه يظهر من الخلاف السابق القائم بين العلماء في مشروعيتها، وهذا يجعل الأمر فيه سعة: فمَن شاء صلاها ومَن شاء تركها، ولا يَعتِب هذا على ذاك، ولا يَعتِب ذاك على هذا؛ فمِن القواعد الفقهية المقررة: لا يُنكَر المُختَلَف فيه.