قمة الرياض التى جمعت الدول العربية والإسلامية بالإدارة الأمريكية ودعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مؤخرا خرجت بإعلان هام أستطيع أن أصفه بأنه انطلاقة جديدة نحو عمل عربى – عربى مشترك وإن كان برعاية أمريكية.
وقد خرجت القمة بقرارات أراها فى مجملها آلة دفع جديدة نحو العمل العربى- الدولى فى مكافحة الإرهاب.
غير أن ما جاء بكلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى أمام القمة والتى أشار فيها إلى ما تقوم به وسائل الإعلام من دعم غير مباشر للعمليات الإرهابية فإننا نرى أن هناك ضرورة لاستراتيجية إعلامية عربية موحدة لمكافحة الإرهاب وذلك لاعتبارات كثيرة أهمها - على الأقل عندى – أن الإعلام لا يقل فى تأثيره على مدى نجاح أو فشل العمليات الإرهابية سواء فى مصر أو المنطقة العربية أو أى بقعة من بقاع العالم، عن التأثيرات الإيجابية التى تخلفها العمليات التى تقوم بها القوات المسلحة.
فالإعلام يستطيع أن يساهم وبشكل قوى فى مدى استقرار أو زعزعة الأوضاع فى المنطقة، خاصة وأن بعض الجهات والدول رصدت من ميزانيتها أموالا ضخمة لتكون منصة إعلامية لتبرير العمليات الإرهابية بل والتقديم لها على أنها نتائج سياسات دكتاتورية تمارسها بعض الأنظمة مما دفع بالجماعات المسلحة لمواجهة تلك الأنظمة، وهى المبررات التى تسوقها كثير من وسائل الإعلام التى للأسف تقوم برسالتها بدعم من دول إسلامية وعربية.
فأضحت الاستراتيجية الإعلامية العربية الموحدة ضرورة مهمة لكشف تلك الممارسات غير الأخلاقية من جانب دول سخرت نفسها لخدمة أعداء الأمة، والساعين لتقسيمها لصالح المستعمر الجديد، ومن ثم لصالح الكيان الصهيونى فى المنطقة، الذى تريد بعض الأنظمة الدولية شغل الدول العربية عن ممارساته بحق الشعب الفلسطينى حتى يمارس مزيدا من القمع بحقه.
الاستراتيجية الإعلامية يجب أن تكون المشروع العربى المشترك ويجب أن تنطلق من مبادئ وإعلان الرياض الذى يؤكد ضرورة التكاتف العربى والإسلامى مع المحاولات الدولية لقمعه واجتثاثه من جذوره.
ونجاح تلك الاستراتيجية يتوقف على مدى إيمان الدول العربية بها وكذلك وسائل الإعلام والقائمين عليها وهو ما يتطلب –عندى- إيمانا راسخا من جانب قادة ورؤساء وملوك الدول بها بجانب تكاتف رجال الأعمال المستثمرين فى المجال الإعلامى.
ويجب أن تقوم تلك الاستراتيجية على ميثاق شرف إعلامى عربى ينبع من الإيمان بسيادة كل دولة على أراضيها، وحق الشعوب فى تقرير مصيرها واختيار قياداتها السياسية دون إملاء أو تدخل خارجى، فالتدخل الإعلامى فى شئون الدول وخصوصياتها السياسية والاجتماعية والثقافية، يعد جريمة شأنها شأن التدخل العسكرى وذلك نظرا للارتباط بين الآثار التى يخلفها الإعلام والقوات المسلحة على أمن واستقرار الدول.
الاستراتيجية الإعلامية العربية الموحدة إذن فى حاجة إلى إيمان قوى بها قبل أن تنطلق وإلا تحولت إلى "مكلمة عربية" أو مكانا للالتقاء الدورى لاحتساء المشروبات والخروج ببيانات لا تسمن ولا تغنى من فائدة.