قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

رسالة للشعب المصري.. مش من حقك تُطالب بالتغيير


التجربة العملية للإنسان هى أداة القياس الوحيدة القادرة على رصد ما يتمتع به من إمكانيات شخصية تؤهله لمواجهة الأزمات، ولعل مختلف الجولات التى خاضها الشعب المصرى منذ انطلاق الشرارة الأولى لثورة 25 يناير قد أثبتت بجدارة مدى تناقضه مع المنطق.. المنطق القائل بأن أمة صنعت إنجازات وانتصارات على كافة المستويات فى أوقات مضت لتبهر عيون البشرية كان من المفترض -وفقا للتسلسل الطبيعى- أن تمسك اليوم بزمام القيادة لا أن تكون منقادة لخراب محقق صنعته – للأسف- بأيديها بعدما قررت الاكتفاء بماضيها المشرق ومنح عقلها إجازة مفتوحة، ولم لا وهى تجد مسبقا من يخطط لها مصيرها وتستهلك أكثر بكثير مما تنتج.. هذه الكلمات ليست تجريحا فى أبناء وطنى بقدر ماهى محاولة للاعتراف الصريح بأبرز نواقصنا التى لم نتخلص منها بعد رغم انقضاء عام على صحوة يناير الماضى.
لقد أثبتت تجربة عام كامل حفل بالإضرابات والاعتصامات والتظاهرات، أننا شعب لايحق له المطالبة بالتغيير السياسى لأننا بالأساس فى أمس الحاجة لتغيير أنفسنا.. تغيير منهج تفكيرنا.. تغيير أسلوب تعاطينا مع الإحداث وردود أفعالنا تجاه الأشياء.
أود أن أعرف كيف نجرؤ على المطالبة بتفعيل القوانين ونحن ندرك فقط ما تكفله لنا من حقوق بينما نتجاهل تماما ما تلزمنا به من واجبات؟.. كيف ننادى بمعاقبة المتسببين فى انتهاك حقوقنا ورغبتنا الداخلية تنحصر فى التشفى منهم وإذلالهم وليس تحقيق العدالة؟.. كيف نجرؤ على التغنى بمصطلحات مثل إطلاق الحريات واحترام حقوق الإنسان وتعزيز آليات الاستقرار، بينما بات أسهل رد فعل للتعبير عن غضبنا أو إعلان مطالبنا يتجلى فى إحراق ممتلكاتنا وإغلاق شوارع رئيسية كقطاع الطرق، فنصيب مواطنين تضمن لهم حقوق الإنسان أحقية الحياة فى هدوء وتجرم تعطيل مصالحهم بحالة ذعر؟ كيف وألف كيف تطرح نفسها بعد كل مشهد سوداوى يكشف انقسام المصريين على أنفسهم وسيرهم كالقطيع وراء مطلقى شعارات براقة يكتفون عند وقوع الكوارث بالشجب والإدانة ثم ينسحبون واحدًا تلو الآخر – احتراما لأنفسهم وتاريخهم- دونما تقديم حل عملى للتعامل مع الأزمة وإنقاذ المصريين الذين نصبوهم أوصياء عليهم يحللون ويقترحون ويقررون بدلا منهم بزعم أنهم الأعلم ببواطن الأمور وهم والشهادة لله لم يقصروا، استغلوا انعدام وعى قطاع كبير معتمدين على قدراتهم الخطابية الفذة ووعودهم الخدمية فقسموا المصريين لفرق وتسربوا مع حلول المصيبة.
هل يعقل أن يكون مصير هذه الأمة هكذا، كلما حاولت ملامسة بارقة أمل يطفو غرباء فى الفكر والسلوك على سطح المشهد العام ليغمسوها فى ظلام حالك ويقضوا على نماذج إيجابية بذلت كل طاقتها بل وأرواحها لإنجاح ثورة أرادت حياة حقيقية لشعب عانى طويلا.
حل كل مشاكلنا يتلخص فى سيادة القانون أولا والتزام كل منا بموقعه ثانيا وإفساح المجال أمام المتخصصين من رجال قانون أو سياسة محنكين للقيام بدورهم فى هذا التوقيت الحرج ثالثا، إذا التزمنا بهذه النقاط الثلاث – فى رأيى- سوف نمنح الرئة المصرية فرصة لاستنشاق هواء نظيف هى فى أشد الحاجة إليه.
أخيرا همسة فى أذن كل مصرى.. الطيبة لا تعنى الخنوع أو الخضوع لكن العنف ليس وسيلة فعالة لاسترجاع الحق المسلوب.. الجدعنة لا تتمثل فى الصوت العالى والتطاول واستخدام القوة لأنها حتما سوف تقابل بقوة.. التغيير المنشود لن يتحقق إلا إذا تعلمنا وفهمنا وأعدنا اكتشاف أنفسنا وغربلة عقولنا.. وقتها فقط يحق لنا المطالبة بالتغيير والإصلاح.
[email protected]