EN
داخل غرفة تخضع لنظام عزل صارم في معهد ناصر، بقسم الحالات الحرجة جلست السيدة أم ميادة ترتدي غطاء وقفازات معقمة طبيًا بجوار طفلتها الرضيعة ياسمين (عام واحد)، تنتظر تحسن حالتها بعد إجراء عملية محفوفة بالمخاطر كانت قد تسببت قبل سنوات في فقدان ثلاثة من فلذات أكبادها الصغار (رحمه – ياسر– حبيبة).
فشل النخاع العظمي مرض فتك بصغار أم ميادة الثلاث نتيجة عجز النخاع في إنتاج مكونات الدم. قضت الأم رحلة بحث امتدت لثلاثة شهور لعلاج صغيرتها على نفقة الدولة، انتهت إلى إجراء ابنتها عملية زرع النخاع مع وجود مرافق لا يخرج من غرفة العزل، على حسب حديث الأم لـ"صدى البلد".
لا يزال مشهد وفاة أبنائها الثلاث كابوسا يؤرق مضجعها، وما يزيد من آلامها أنها مضطرة إلى المغامرة بابنتها الكبرى ميادة (17 عاما) للتبرع بنقل خلايا جذعية إلى أختها الصغرى ياسمين بعد تطابق الجينات بينهما.
ميادة هي المتبرع الوحيد للأسرة التي يعاني معظم أطفالها من مرض فشل النخاع العظمى سبق لها أن تبرعت بخلايا جذعية لشقيقها الأصغر سعد بعد أن تطابقت الجينات بينهما . مرة أخرى دون كلل أو ملل تبرعت ميادة لأختها الصغرى ياسمين على أمل أن لا تجد نفس مصير أشقائها الثلاثة.
تقول الأم في اتصال هاتفي مع صدى البلد من داخل غرفة العزل " ممنوع أي حد يدخل علينا أو يزورنا في العزل، الزيارات بتكون بالتليفون عبر حائط زجاجي، مفيش عيد هنقضيه السنة دي حتى بعد إجراء العملية، لأن لازم نسنتنى نجاح عملية زرع النخاع لمدة أسابيع ".
حسب الأطباء فإن مريض فشل النخاع العظمي يتم علاجه بالكيماوي لتقليل مناعته حتى يكون جاهزًا لاستقبال النخاع الجديد الذي يبدأ تدريجيًا في إنتاج مكونات الدم وبالتالي فإن المريض يمنع عنه التعرض لأي مؤثر خارجي قد يودي بحياته إلى الموت.
تقول أم ميادة " الأكل معقم والغرفة معقمة كل شيء معقم، حتى أنا ألبس قفازات وأغطية معقمة وممنوع إني أخرج حتى لا أتعرض لأي عدوى تؤثر على بنتي".
الأمل والحذر يحيطان بأم ميادة داخل غرفة زجاجية تفوح منها رائحة مواد التعقيم والتطهير تنظر إلى طفلتها الصغرى بينما لا ينقطع لسانها عن الذكر والدعاء " ربنا يتم شفاك يابنتي على خير".
