الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تمخض الفأر فوجد جبلًا


مهما راوغك الفأر، أو زاغ منك واتعبك ونغص عيشك، وأفسد أكلك وحياتك، يظل الفأر فأرا، والحكمة والعقل طبعا بشريا يواجه بفطرته السليمة كل ما هو شاذ، ومستفز، وغريب.

هل طاردت ذلك الفأر الذليل المزنوق في أحد أركان المنزل خائفًا مرتعشًا هاربًا منك، إذا كان فاتك ذلك المشهد من قبل فعليك بمشاهدة الإرهابي هشام العشماوي عقب القبض عليه وهو مرعوب مهان ذليل يُسأل فيجاب ويُؤمر فيركع، لأنه ببساطة طغى وأفسد وباطل ومكر، وتجبر فصار حقيرًا خسيسًا كسير العين والرأس.

"بأمر مين عملت كده ومين اللي أذن لك تقتل وتفسد في الأرض".. تلك العبارة هي أمنية عم حافظ شوشة، والد النقيب أحمد، شهيد عملية الواحات، مفصحًا عن رغبته في مواجهة "الأفعى" هشام العشماوي.

اعتدت أن أتحدث إليه من فترة لأخرى، أستفسر منه عن حاله، فمنذ أن استشهد نجله في عملية الواحات البحرية وتحدثت معه شعرت تجاهه بحنين الأبن لأبيه، واشعر بارتياح وصدق وموثوقية في كلماته التي دائما ما تعبر عنها نبراته العميقة، التي ألهمتني في 26 أكتوبر من العام الماضي أن أكتب في هذه الزاوية مقالي بعنوان "هل دق بابك إرهابي من قبل؟".

منذ أن دق الإرهاب باب عم حافظ وغيب نجله، وألمه يتجدد كل يوم، خاصة مع أخبار استشهاد رجال الشرطة أو الجيش، "يا فتحي يا بني والله ما بعرف انام.. بفتكر ابني مع كل خبر اشوفه لشهيد.. بيجدد حزننا كلنا".

سارعت لمهاتفته فور القبض على الإرهابي هشام العشماوي، المتهم الأول والمطلوب الأخطر والإرهابي الأكثر خسة، لدى الدولة والمواطنين على السواء، رغبت في معرفة رأيه ورد فعله وشعوره، فأكد لي سعادته وكذلك ثأره "ناري بردت وهتبرد اكتر لما كلهم يخلصوا".

كان ظني أن الفتك بالعشماوي هي أمنية عم حافظ أو التمثيل بجثته أو التفنن في قتله، جزاء ما فعلت يديه وكي تثلج نار قلبه بعد فقدان الابن الأوحد والأغلى لديه، ولأن بعض الظن خطأ وإثم، خالفت رغبة عم حافظ توقعاتي،
كالفرق بين الفأر والأسد، والوقار والإخضاع، جاء رد عم حافظ معبرًا عن رقيه وشياكته وأصالته وذوقه، على الفتك بالارهابي الخسيس، "نفسي أواجهه.. عيني في عنيه.. اسأله بضمير الإنسان وفطرته السليمة.. من الذي أعطاك الحق أن تقتل، وتفتك وتفسد في الأرض.. من علمك ومن وجهك وما الثمن الذي أخذت.. كيف نفذت ومتى استبدلت نبضك بسم".

عزيزي: هل دق بابك إرهابي، وأتاك من حيث لا تحتسب، يتلوى ويختبئ بين ثنايا الأشياء ليداهمك فجأة أو يفسد حياتك.

لقد دق باب "عم حافظ" إرهابي، فتصدى له نجله أحمد، وأبطال مثله رفوا أن يتركوه يسرق جيرانه ويهدد أمنهم وحياتهم واستوقفوه بعيدًا عن المدينة كلها.

إنها الحرب التي يبذل فيها الأبطال جهدهم وحياتهم وروحهم وأنفسهم، تحية لهم ولذويهم ولكل من يتصدى لذلك الفأر المراوغ والثعبان المتربص الخائن.

الجميع بشر لكن الحياة ليست كالحياة والنهايات لا تتشابه أبدًا فهل مشهد البطل "احمد شوشه" رافعًا رأسه وعائلته كالجرذ خائفًا مذعورًا منزويًا مطاردًا في الحفر والبؤر يتفادى الاقتراب من البشر.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط