الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خبير أثار: الفاطميون قهروا أعداءهم بالأسلحة المشتعلة وقوارير النفط الحارقة

صدى البلد

كشف الدكتور محمد أحمد عبد اللطيف أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق،عددا من الأسرار التاريخية المثيرة عن الجيش المصري في العصر الفاطمي وتفوقه في تطوير وصناعة الأسلحة،وذلك في كتابه "الجيش والأسطول المصري في العصر الإسلامي"،الصادر عن دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر الإسكندرية، ومنحته عنه جامعة المنصورة جائزتها التشجيعية.

وطبقا لما جاء في الكتاب، فإنه وأمام ضعف الخلافة العباسية والخوف من الروم فى السيطرة والاستيلاء على قواعد الأسطول المصرى فى مصر والشام،فقد فكر المعز لدين الله الفاطمي في أن مجئ الأسطول الفاطمي إلى مصر وفتحها يتيح له فرصة الحصول على قاعدة حربية قريبة من القسطنطينية عاصمة الروم،كما يهيئ للفاطميين مركزًا لسيادة شرق البحر الأبيض المتوسط.

وهذا ما حدث بالفعل انطلاقا من مصر بقوة جيشها وأسطولها فأصبحت الدولة الفاطمية إمبراطورية يخشى منها ويعمل لها ألف حساب،حيث أنه في 358 هـ/968م كان المعز لدين الله رابع الخلفاء الفاطميين ببلاد المغرب،قد أعد جيوش دولته واطمأن لقوة ونشاط دعاته داخل مصر،وأرسل جيوشه بقيادة "جوهر الصقلى" الذى تمكن من فتح مصر،وقام القائد الفاطمي في نفس السنة بتأسيس مدينة القاهرة تمهيدًا لانتقال السلطان الفاطمى إليها.

وفى سنة 362 هـ/ 972م انتقل "المعز لدين الله الفاطمى" إلى مصر وأحضر معه آل بيته حتى رفات أجداده،وكان ذلك إيذانًا بأن مصر أصبحت مقر دار الخلافة الفاطمية والتى حرص الفاطميون على الوصول إليها منذ فجر تاريخهم السياسى،وإنطلاقًا من مصر توسع الفاطميون شرقًا وكونوا إمبراطورية كبيرة وشاسعة.

وكما أورده عبد اللطيف في كتابه،فإنه بعد دخول الفاطميين مصر التى طالما تمنوا الوصول إليها،بدأ يبرز اهتمامهم نحو إنشاء جيش كبير يتناسب وسياستهم التوسعية،وقد تكون الجيش المصرى فى العصر الفاطمى من عدة عناصر وطوائف ولكل طائفة منهم قائد يشرف عليهم ويراقبهم،وقد نسبت بعض فرق الجيش إلى الخلفاء كالحافظية نسبة إلى الحافظ لدين الله أو الآمرية نسبة إلى الآمر بأحكام الله،والبعض الآخر إلى الوزراء كالجيوشية نسبة إلى الوزير الأفضل شاهنشاه بن بدر الجمالى.

وتميز العصر الفاطمى بتطوير الأسلحة وصناعتها،مثل الأسلحة الكيماوية بالمواد المشتعلة والملتهبة والتي تطورت فى العصر الفاطمى فوجد به قدور خزفية فى حجم وشكل ثمرة الرمان أو (الكمثرى)، وتعرف بقوارير أو جلل النفط والتي أمدتنا الحفائر الأثرية بكميات هائلة منها محفوظة حاليًا فى غالبية متاحف مصر خاصة متحف بورسعيد القومى.

وقد جعل المسلمون بالجيش فرقة خاصة للرمى به عُرفت بالنفاطين أو الزراقين،وكانت تتخذ ملابسًا خاصة لا تؤثر فيها النيران مثلها مثل الخيل،التي كانت تكسى بتجافيف تقيها قطرات النفط التى تسقط عليها،لأنها كانت شديدة النكاية فتشوى الناس شيًا وتتركهم مع متاعهم رمادًا تذروه الرياح.

وكما ذكر عبد اللطيف في كتابه،فقد استطاع الخليفة الفاطمى المعز لدين الله بفضل الأسطول المصرى الذى أنشأه هو خلفائه فى مصر والإسكندرية ودمياط،أن يتابع فتح الشام والقضاء على الأخطار التى كانت تجئ منها لتقوض سلطانه فى مصر قبل أن تستقر دعائمه،على أن اهتمام الفاطميين بالشام ودعم قواعد الأسطول المصرى على سواحله كان له أكبر الأثر فى صيانة كيان الدولة الإسلامية عامة والمحافظة على النفوذ العربى فى شرق البحر المتوسط خاصة.

وقد كانت محاولة الروم الاستيلاء على بيت المقدس دافعًا قويًا وسببًا مباشرًا فى إنشاء المعز دارًا لصناعة السفن بالمكس "الإسكندرية"،بالإضافة إلى الدارين الأخريين (بالروضة والفسطاط)،وقد بنى بهما حوالى ستمائة مركب وكان على رأس الأسطول فى ذلك العصر عشرة قواد عليهم رئيس هو (قائد القواد)،وكان يسمى فى عصر الفاطميين (أمير الجيوش).

ولم يزل الأسطول المصرى محل عناية الخلفاء الفاطميين،حتى بلغ عدد جنود البحرية فى أيامهم خمسة آلاف لهم رواتبهم المعينة منهم عشرة قواد،وراتب كل واحد منهم من 10-20 دينارًا ومنهم أقل من ذلك إلى دينارين،ولهم إقطاعات كانوا يسمونها (أبواب الغزاة)،وكانوا ينتخبون أحد هؤلاء القواد رئيسًا للأسطول فإذا ساروا إلى الغزو كان هو آمرهم وناهيهم ومع هذا الرئيس أمير كبير من أمراء الدولة.

وكشف الكتاب أن الخليفة العزيز بالله تابع سيرة والده فى تقوية الأسطول المصرى لحماية استقلال مصر والشام،ودأب على إمداد القوات الشامية بالأساطيل المصرية لحمايتها ودعم فتوحاتها،وقد هال الروم قوة الأسطول المصرى فى العصر الفاطمى،ولم يجدوا بدًا من مهادنة الجيش المصرى فى هذا العصر،فأوفدوا رسلهم لعقد صلح معه ومما جاء فى شروط الصلح أن يذكر اسم الخليفة الفاطمى فى خطبة الجمعة فى جامع القسطنطينية بدلًا من اسم الخليفة العباسى.