الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قاعود النوم بسيناء يحمي من الثأر بين العائلات.. غرامة مالية لينام الفرد في أمن وسلام.. وتجديد الحصوة بين القبائل

صدى البلد

- قاعود النوم بسيناء يحمي من الثأر بين العائلات
- غرامة مالية لينام الفرد في أمن وسلام
- يحفظ أفراد القبائل من القتل وتجديد الحصوة يعني تكاتف أفراد القبيلة معا
- تحديد رجل يمثل كفيل دفا وآخر يمثل كفيل وفا للالتزام بالوعد

تمثل العادات والتقاليد في سيناء قواعد حاكمة وملزمة للأفراد أمام المجتمع القبلي، ومن هنا فقد جري العرف علي مصطلحات كفيلة بتحقيق الاستقرار للأسرة أو تحول حياتها إلى جحيم ما لم تخطو سريعا للالتزام بالقواعد والقوانين العرفية الملزمة لأفراد المجتمع القبلي ورغم أن هذه العادات أخذت طريقها للاندثار رويدا رويدا, إلا أنه في بعض المناطق في سيناء مازال هناك التزام بها في ظل التواجد القبلي في سيناء.

أولى هذه المصطلحات غرامة قعود النوم: وتعني أنه في حالة وقوع حادثة قتل فإن الثأر يطول كل افراد العشيرة حتى الجد الخامس , وهنا يبادر الشخص" بإعلان خروجه لدي أحد المشاهير وإلا فإنه مطالب بأن يذهب إلى عائلة القتيل ليشتري الأمان كي لا يطارد من أفراد عائلتها.

وهنا يقوم بدفع غرامة تسمي "قعود النوم" حتى ينام في أمان وسلام والتي تقدر غالبا بقعود "جمل" وتجري هذه الخطوة من خلال وسطاء وليست بطريقة مباشرة ويعين عليها كفيل من عائلة القتيل لضمان عدم المساس به مستقبلا .

وفي محافظة شمال سيناء قامت ثلاثة عائلات مؤخرا من قبيلة مشهورة وتعد من أشهر قبائل المحافظة، بعقد جلسة عرفية للتصافي فيما بينها لدى أحد كبار المشاهير بمنطقة الشيخ زويد, والتأكد من عدم وجود أي مستحقات مالية أو حالة ثأر لقتل قديم قد تمت بين هذه العائلات.

وقد جاءت هذه الجلسة بعد رغبة البعض من أفراد هذه العائلات في الخروج من نسق الأجداد بعدما تجاوزت الرابطة بينهم الجد الخامس وهم ينتمون الآن إلى الجد السابع أي أنه حدث تباعد في النسب.

ولجأت العائلات الثلاثة إلى هذا الخروج نظرا لوجود بعض أفراد أحد العائلات الثلاثة, بالاستدانة من العائلات الأخرى دون رد المبالغ المقترضة إليها ويخشى أن يقوم أحد أفراد هذه العائلة أيضا بقتل أحد الأفراد من قبيلة أخرى وهنا سيلحقهم الأذى.

ويقول موسى وهو من بين أفراد هذه العائلات الذي أراد لنفسه الخلاص وعدم تحمله مشاكل الآخرين من أبناء عائلته أن الخروج من رابطة الأجداد يمثل عدم إلحاق أي أذى من جانب أي قبيلة عند وقوع حادثة قتل من جانب أحد أفراد هذه العائلات الثلاثة الذين أعلنوا خروجهم من العائلة .

وأضاف أن هذه الخطوة ضرورية حتى لا نضطر فيما بعد إلى دفع غرامة قعود النوم ليشتروا الأمان لهم ولأسرهم وقال أن مصطلح "قاعود النوم" و "تجديد الحصوة" تعتبران من المصطلحات الغريبة على المجتمع الحضري ولكنها تمثل طوق النجاة والأمان لحياة الإنسان البدوي في شمال سيناء خاصة في قضايا الثأر بالقتل .

وأوضح الشيخ يحيى الغول من كبار القضاة العرفيين في سيناء أن القضاء القبلي قديم وضارب في أعماق البشرية ,وقد ظل هذا النظام ملاصقا لحياة البداوة في الصحراء عبر التاريخ, وهذا النظام قائم على التماسك والتكتل والتعصب, وقال أن القبيلة تقع علي قمة النظام الهرمي للأنساب في شمال سيناء, وينبثق من القبيلة الأسرة والتي تتعدد لتتألف في مجموعها العائلي لتلتقي معا في الجد الخامس.

وفور حدوث حالة قتل لأحد أفراد أي عائلة يتم دفع ما يسمي بالعطوة " وهو مبلغ من المال" ,ويقوم القاتل وخمسته بإبلاغ بعضهم البعض فورا مهما تباعدت محال إقامتهم حتى يأخذوا حذرهم.

وقد يلجأ القاتل إلى إحدى القبائل المجاورة ليطلبوا الحماية لهم ومساعدتهم في تسوية النزاع بالطرق السلمية عن طريق قبول الدية , حاملين معهم أمتعتهم وأموالهم خاصة خلال الأيام الثلاثة التي تلي عملية القتل أو الوفاة, وهذه الفترة تسمى فترة "فوره الدم" ,لذا فأن ما ينهب من عائلة القاتل خلال تلك المدة لا يدخل ضمن الدية .

وتبدأ حركة الوسطاء في التدخل بطلب "الجيرة " من عائله القتيل " "ولا يحق لخمسة القتيل الأخذ بالثأر ويسمي كفيل " الوفا " وهو الرجل الذي يوفي بدفع الحق لأهل القتيل واخر يسمي كفيل " الدفا " وهو من يكفل دفع هذا الحق , وقد ترفض إذا كان القتل عمدا .

الخروج من الجد الخامس :

ويضيف أن أي فرد يكون له الحق في "التحرر" عند تجاوز رابطة الخمسة وذلك بالخروج منها ليكون معافى من المطاردة, وذلك بالإعلان لدي أحد المشاهير ذو الثقل والمكانة العالية بين قومه ويطلق عليه "راعي البيت".

حيث يتم ذلك في ديوان رئيسي بالقبيلة، في وجود كفيل لهذا الشخص والذي يتكفل بالوفاء بأي التزام لديه, وتجري هذه الخطوة بهدف السلامة من نتائج المشاكل التي تعددت في هذه الأيام وخاصة من الشباب.

ويقال هنا "لا يجيبني في هم ولا في دم " أي لا يشاركني في هم أو دم , ولو حدث وفاة لهذا الكبير " راعي البيت " يكون لابنه من بعده التأمين على هذا القول .

أما مصطلح تجديد الحصوة : تعني لدى البدو التماسك والعصبة والاتحاد والقوة, وتقوم العائلة بإعلام أفرادها عن تماسك الأجداد معا حتى ما بعد الجد الخامس ,خاصة العائلات قليلي العدد، وبهذه الخطوة يتكاتف أفرادها عند الشدائد أو في المسرات.

ويقول سليمان عياط باحث في التراث السيناوي إن ترابط الخمسة "التي تلتزم في الغرامات والجرم" في حالة خطأ أبناءها يعودون على الخمسة في مقابل ان يرتدع الأخر . وقال ان القاعدة موجودة في القضاء العرفي ألا أن آلية التنفيذ غير موجودة لعدم وجود التزام من جانب "الكفيل " بتنفيذ قواعد القضاء العرفي .

وهذا يعني أن الوفاء بالحقوق التي أثبتها القضاء العرفي لأحد الأطراف ولابد أن تتوافر في الكفيل عدة شروط منها أن يكون من أسرة قوية , وأن يكون ذا مقدرة مالية ويتمتع بسمعة طيبة ويكون غير متقاعس من قبل في واجبات الكفالة وفي حالة عدم التزامه بالكفالة ترفع على بيته راية سوداء لتشويه صورته بين القبائل .

يعني بينما مصطلح التشميس التخلي عن أحد أفراده ممن تتكرر مشاكله بين القبائل ويسبب في خسارة مالية متكررة لأفراد عائلته حيث تقوم عائلته بطرده والتبرؤ منه ومن أفعاله وأعماله ويصبح طريدا وحيدا دون نصير ولو تعرض للقتل ليس له دية " غرامة مالية ", وهو بذلك يعد من أقصي أنواع العقاب الاجتماعي للمواطن السيناوي ونظرا لارتباط الأسر معا حتى الجد الخامس ومتضامنين بتحمل أي تبعات تطالبهم به الأسر الأخرى.