الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حديث مع شهيد


أي قلب هذا الذي وُضع فيه، وأي جرأة وشجاعة، وأي حب لبلده ووطنه وأهله من أي سبيكة ذهب صيغت نفوس الشهداء، كيف استطاعوا أن يثبتوا ويهزموا الرعب من الموت، أي روح قدسية تملكتهم في تلك اللحظة، أي بطولة يعجز عن وصفها اللسان حين يفدون مئات الأرواح. 

الأحداث كانت متسارعة، والبلاغات عديدة، والضباط لا يكادون ينتهون من بلاغ حتى ينتقلون لفحص أخر، كانت الساعة تشير إلى الثانية عشر ظهرًا، يوم الثلاثين من يونيو 2014 حين وردت الأنباء الأولية عن استشهاد المقدم محمد لطفي خبير المفرقعات بالقاهرة، اثناء تفكيكه قنبلة، وإصابة اللواء علاء عبدالظاهر مدير إدارة المفرقعات وقتذاك بإصابات خطيرة نُقل إثرها إلى المستشفى للعلاج حتى شفاه الله وعاد لاستكمال رسالته.

انتقلنا وزملائي من محرري الملف الأمني إلى موقع الحادث، لجمع معلومات مدققة وموضوعية عنه، حاولنا جادين البحث عن تفاصيل أكثر، أشار لي أحد أصدقائي بالتحدث مع الرائد مصطفى عبيد خبير المفرقعات وصديق الشهيد، فهاتفته وقال لي "انا طلبت من ربنا ينولني الشهادة واداها للطفي.. لكني مستنيها اللي كاتبه ربنا هيكون".

نحو 5 سنوات ونصف، والرائد مصطفى عبيد لا يهاب الموت، ينتقي أصعب البلاغات ليتحرك إليها، يتوسل قياداته لتفكيك العبوات وفحص البلاغات والاشتباهات، "شهم وابن موت"، تحدث عنه قياداته، حتى حانت لحظته وحقق جل ما تمناه، حينما انفجرت قنبلة حاول تفكيكها أعلى سطح عقار بمدينة نصر مساء السبت 5 يناير الجاري.

المجندون والأفراد قبل الضباط تألموا لخبر استشهاده مثل زملائه وأصدقائه، بل أكثر، فمواقفه معهم لا تعد ولا تُحصى لأنه ببساطة "كان راجل وابن بلد مش بيشوف حد مزنوق إلا لما يساعده ويقف جنبه"
عدد لي ذات مرة مزايا الشهداء، وأخبرني في عزاء أحدهم حينما أخبرته أنني من تحدثت معه في وقت معاصر لتفجير الاتحادية، بأنه إن يك يرغب في شيء فما هو إلا ذك الشرف الذي ناله أصحابه وزملاؤه في قائمة الشرف مثل لطفي والعشماوي وضياء وأخرين.

"حين يبذل الشهيد روحه طواعية، حين يثبت في مواجهة الموت، حين يسمو على الحياة التي نحرص عليها بغريزة أساسية، مثلنا مثل سائر المخلوقات عندها لا يبقى لدينا شيئًا لنفعله أو نقوله، لأنه قد لخّص كل قصتنا بابتسامته".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط