الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى ميلاده.. ميخائيل شولوخوف من عامل بناء إلى الفوز بجائزة نوبل الأدب

صدى البلد

تحل اليوم ذكرى ميلاد الكاتب والأديب الروسي، ميخائيل شولوخوف، الذي ولد لأب مزارع وأم أوكرانية، وهو واحدًا من أعظم الكتاب الروس على مدار التاريخ، وكانت حياته حافلة بالغموض والأسرار.

ولد شولوخوف في 24 مايو عام 1905 في كروزلينين، بقرية ستانيتسا، إحدى قرى القوزاق الواقعة في منطقة روستوف على ضفاف نهر الدون في روسيا، وترعرع في كنف عائلة من المزارعين، كان والده ألكسندر شولوخوف تاجرًا، أما والدته أناستازيا تشيرنيكوفا فكانت امرأة قوقازية، وحرص الوالدان على أن يحظى ميخائيل بتعليم لائق، وكانا يمتلكان الرغبة والأموال اللازمة لتحقيق هذا الأمر.

درس الفتى شولوخوف في مدارس مختلفة، وفي مدن مختلفة، وعندما بلغ من العمر 17 عامًا، عمل حمّالًا، وعامل بناء، ومحاسبًا ومعلمًا في مدارس محو الأمية، وكانت بداية عهد شولوخوف بالكتابة عبر تأليف مجموعة من القصص القصيرة، وانتقل بعدها لتأليف الروايات، ويأتي في مقدمتها رواية "الدون الهادئ"، الذي نال عنها جائزة نوبل للآداب عام 1965، وراية "أرضنا البكر".

كان شولوخوف عازمًا على أن يصبح صحفيًا، فارتحل إلى موسكو عام 1922، وباشر في كتابة مجموعة من القصص القصيرة، وأصبح فيما بعد عضوًا في جمعية أدبية أطلق عليها "الحرس الفتي"، مرت روسيا خلال تلك الفترة بأوقات عصيبة، فقد مزقتها الحرب الأهلية، وخصوصًا مع استمرار القتال بين الجيش الأحمر البلشفي "الثوريين الشيوعيين بقيادة لينين"، والجيش الأبيض "الجيش الروسي والمناوئون للبلاشفة والثورة الشيوعية"، وانحاز شولوخوف إلى صفوف الثوريين الشيوعيين، وشارك في مصادرة مخزون الطعام عند الكولاك.

وفي عام 1924، نشرت القصص القصيرة الأولى التي ألفها شولوخوف في عدد من الصحف المختلفة، وبعد مرور بضع سنوات، جُمعت تلك القصص ضمن مجموعتي "Tales of the Don"، و"Lazurevaya Step"، وفي عام 1925، عاد شولوخوف إلى منطقة الدون، حيث أبدع هناك أعظم أعماله الأدبية.

ألف شولوخوف في تلك الفترة روايته العظيمة "الدون الهادئ"، التي تعد من أعظم المؤلفات الأدبية الروسية، وكتبت المجلدات الأربعة للرواية على مدار 14 عامًا، بدءًا من عام 1926.

وتتناول الرواية الحرب العالمية الأولى، والحرب الأهلية الروسية وسيطرة الحكم السوفييتي على منطقة الدون، تصف الرواية حياة القوقاز البيض (أنصار الجيش الأبيض)، وركزت خصوصًا على شخصية بطلها، غريغوري ميليخوف.

وتتطرق الرواية بالتفصيل إلى الصراع الذي كان دائرًا آنذاك بين أنصار الحمر والبيض، وبين القيم الأسرية والواجبات الاجتماعية وبين الموت والحياة. 

وتمر شخصية ميليخوف خلال فصول الرواية بالكثير من الأهوال، ويلحق به آذى عاطفي كبير نتيجة الحرب ومآسيها. 

وكان قراء الرواية في ذلك الزمن، ولاسيما من أنصار الشيوعيين، راغبين في أن يختتم شولوخوف روايته بانضمام ميليخوف إلى صفوف الجيش الأحمر، بيد أن نهايتها خالفت توقعاتهم؛ فقد ميليخوف إلى عائلته وأرضه.

نشر المجلدان الأول والثاني من رواية الدون الهادئ عام 1928، في حين نشر المجلدان الأخيران عام 1940، وتعرض المجلد الأخير من الرواية، وخصوصًا النهاية، إلى هجوم كبير من النقاد والقراء، وبلغ الأمر حد إلقاء تهمة الانتحال على الكاتب، والقول إنه لا يمكن أن يكون قد ألف هذا العمل العظيم بمفرده.

وألقي القبض على شولوخوف في مطلع عقد الثلاثينيات من القرن الماضي، ولكنه نجح في الهرب من السجن، والتقى بجوزيف ستالين وحظي بدعمه، فعاد للتأليف مرة أخرى.

كان العمل الأدبي التالي لشولوخوف هو رواية "أرضنا البكر" المكونة من جزأين، والتي استغرقت كتابتها 28 عامًا "بين عام 1932 و1960"، وقد ضاع المجلد الثاني من الرواية خلال الحرب العالمية الثانية، فأعاد شولوخوف كتابته لاحقًا.

وتتناول رواية "أرضنا البكر" ظاهر مثيرة للجدل خلال الحكم السوفييتي، وهي سياسة دمج أراضي الفلاحين معًا وتحويلها إلى مزارع جماعية، ومع أن شولوخوف كان مؤيدًا لسياسة ستالين في هذا المجال، فإنه أيضًا وصف بعض الجوانب السلبية التي تنطوي عليها تلك السياسة.

حصل شولوخوف على جائزة نوبل في الأدب لسنة 1965، وكانت روايته الفائزة بجائزة نوبل هي "الدون الهادىء"، التي عربها عمر الديراوي ونشرتها دار العلم للملايين.