الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أعدم قاتله بالخازوق ردا على ثأره للمصريين.. قصة اغتيال الفرنسي كليبر

مقتل القائد الفرنسي
مقتل القائد الفرنسي كليبر

«من نابليون بونابرت إلى الجيش، لقد دفعتني الأنباء الواردة من أوروبا أن أقرر الرحيل إلى فرنسا تاركا قيادة الجيش للجنرال كليبر، يعز علي ترك الجنود مع ارتباطي بهم لكنه وضع مؤقت، واعلموا أن الجنرال الذي خلفته يحظى بثقة الحكومة وثقتي» بتلك الرسالة ودع قائد الحملة الفرنسية «بونابرت» جنوده في مصر في 22 أغسطس 1799م، نظرا لتدهور الأوضاع في فرنسا، مكلفا الجنرال كليبر بقيادة الجيش الفرنسي في مصر.

في بداية الأمر كانت لدى الجنرال الفرنسي الجديد «كليبر» قناعة كاملة على ضرورة إنهاء تلك الحملة العسكرية على مصر، ومغادرتها بسبب الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها على يد المصريين، لكن سرعان ما غير رأيه بعد تغلبه على المشاكل السياسية والاقتصادية والأمنية، وتمكنه من هزيمة العثمانيين في موقعة هليوبوليس، وإخماده انتفاضة المصريين الثانية وفرض مزيد من الضرائب لحل مشاكله المالية والاقتصادية.

10 شهور فقط تولى خلال «كليبر» قيادة الجيش الفرنسي في مصر، والتي كانت ما بين رحيل قائد الحملة بونابرت إلى بلاده، وبين مقتله على يد الطالب السوري سليمان الحلبي، الذي كان يتلقى العلم في الأزهر الشريف، لكن الجنرال الفرنسي استطاع خلال تلك الفترة أن يحول عدو الأمس مراد بيك إبراهيم قائد المماليك إلى صديق اليوم بعد تحالفه معه ضد المصريين.

قبل قدوم الحملة الفرنسية إلى مصر بقرابة 21 عاما، وتحديدا في عام 1777 م، ولد سليمان الحلبي –قاتل كليبر- في قرية كوكان بالقرب من منطقة عفرين بمحافظة حلب بدولة سوريا لأسرة كردية، والذي ما أتم العشرين من عمره حتى أرسله والده إلى القاهرة للدراسة في الأزهر، والذي سرعان ما التحق برواق الشوام وهو المكان المخصص لطلاب الأزهر من أهل الشام.

عاصر الحلبي، قدوم الحملة الفرنسية، وشاهد بعينيه كفاح الشعب المصري وانتفاضاته لرفض الاحتلال الفرنسي الذي ادعى أنه قدم لمناصر المصريين وتخليصهم من الظلم والاستبداد، وما ارتكبه الجيش الفرنسي من مجازر في حق الشعب وضرب الأزهر بالمدافع واقتحامه ردا على دفاع طلابه عن القاهرة وفرض الضرائب لنهب أموال المصريين.

سياسة العنف التي انتهجها كليبر مكنته من ردع انتفاضة المصريين، وتوفير الأموال لفرض مزيد من الضرائب، قويت بها آماله في البقاء في مصر وتخليد ذكراه وتأسيس مشروعات سياسية وعسكرية بعيدا عن بونابرت، لكنها آمال تبددت في لحظة اعتداء بخنجر نفذها سليمان الحلبي أنهت حياته.

في صباح 14 يونيو 1800 توجه سليمان الحلبي إلى الأزبكية حيث كان الجنرال كليبر يقيم في قصر محمد بك الألفي الذي استولى عليه بونابرت وأقام فيه، ثم سكنه كليبر بعد رحيل بونابرت إلى فرنسا، والذي دخل حديقة القصر وهو يرتدي رداء شحات، وكان في هذا الوقت يسمح كليبر لبعض المصريين للاقتراب في محاولة منه للتودد معهم ونيل ثقتهم في الحملة الفرنسية.

لم يمكث «الحلبي» طويلا حتى اقترب من كليبر الذي كان واقفًا وبجواره كبير المهندسين الفرنسيين قسطنطين بروتاين، واقترب منه يسأله مالًا، ومد يده ليسلم عليه، وهنا أخذ سليمان الحلبي يد كليبر وتمكن من أن يطعن كليبر بخنجره أربع طعنات قاتلة في كبده وفي سرته وذراعه الأيمن، وطعن كبير المهندسين قسطنطين بروتاين ست طعنات غير قاتلة، ليفر هاربا بعدها حتى يتم القبض عليه تحت سور إحدى الحدائق المجاورة.

شكلت الجيش الفرنسي محكمة سريعة لقاتل الجنرال كليبر، للقصاص منه قبل تشييع جثمان قائد الجيش في مراسم جنائزية، حتى حكمت المحكمة بإحراق اليد اليمنى لسليمان الحلبي وإعدامه على خازوق مع ترك جثته للطير، وإعدام شركائه بقطع رؤوسهم وإحراق جثثهم بعد تنفيذ الإعدام ومصادرة أموال المتهم الهارب عبد القادر الغزي، وبراءة مصطفى البرصلي وإطلاق سراحه.