الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الفلاشا والجلاشة


ما يحدث في إسرائيل الآن كان قد تنبأ به المستشار الجليل، رحمة الله عليه، محمد الدمرداش، وقال إن شهر العسل وإن طال بين يهود الحبشة والإسرائيليين إلا أنه منتهٍ لا محالة. وبالفعل حدث ما توقعه عالمنا الجليل صاحب الرأى الرشيد والمعروف عنه الحكمة الصائبة والتريث فى كل ما يقوله، مضت السنوات واشتعلت ثورة الفلاشا كما يعرفونهم بها يهود الحبشة. 

وعلى الرغم من الهيمنة اليهودية على بوابات الإعلام والتحكم الإسرائيلي في وسائل التواصل التى وصلت لإسقاط قدرة الـ"واتس والماسينجر"، على تحميل الصور والفيديوهات وإرسالها؛ على الرغم من كل هذا إلا أن البيت الإسرائيلى ظهر على الملأ بكل عوراته التى يسعى بنو صهيون منذ نشأتهم على تجميله وتصويب عواره، والذى يرسخ له عدم تآلف النسيج الإسرائيلى، واختلاف فئاته ونظرة كل فئة للأخرى على أنها أفضل منها، وأنها صاحبة حق فى كل المزايا، وبأن البقاء للأرقى منهم، والآخرون يظلون عبيدًا فى دولة قائمة بالدرجة الأولى على جيش وليس شعب ووطن.

مستصغر الشرر اشعلته رصاصة من شرطى إسرائيلى لصدر إثيوبى شاب أردته قتيلًا، أعقبه إطلاق سراح الشرطى مما أثار "الفلاشا"، وخرجت عن بكرة أبيها تلقى ما بداخلها من ألم وحقد دفين عاشته منذ وطئت أقدامها الأراضى المحتلة التى استباحتها دولة الكيان الصهيونى واستعمرتها. 

وبالرغم من التعتيم الإعلامي المتعمد إسرائيليًا وعالميًا وحتى عربيًا، إلا أن الأوضاع تزداد اشتعالًا وتأزمًا، وإن لم تتسارع الأفكار الحاكمة فى اسرائيل لتقديم تنازلات واعتذارات للفلاشا فان الغد اسوأ مما تظن حكومة بنيامين نتنياهو المتشددة. 

ما يحدث فى تل أبيب، وما حولها يذكرنى أيضًا بحديث طويل كان قد دار بينى وبين صديقى الأمريكى اليهودى ديفيد أثناء دراستنا في الجامعة الأمريكية، فقد قال لي حرفيًا إن أمن واستقرار إسرائيلي الداخلى مبنى على عدم الاتفاق على معاهدة سلام مع الفلسطينيين وإقامة دولتين متجاورتين، وعندما سألته لماذا فقد عقدتم اتفاقية سلام معنا والدنيا تسير بسلاسة، فأجابنى اتفاقية السلام معكم منحتنا فرصة التقاط أنفاس والنوم فى سبات طويل؛ لأننا كسبنا سلام مع أقوى دولة فى المنطقة بينما السلام مع الفلسطينيين وتسليمهم ارضهم والاكتفاء بالضفة الشرقية بأن تكون دولتنا وان يصبح كل اسرائيلى معنى بشأنه الداخلى شرارة الانقسام والاشتباك مع بعضنا البعض وربما باشتعال حرب اهلية تنهى ماصنعه اباءنا الاوائل فى لحظة. 

صديقتى أود أن أصارحك بأننا شعب مختلف الطبقات والتطلعات وبأننا لا نحب بعضنا البعض بل إننا نتعامل بنظرية الأرقى فالأرقى، والأهم فالمهم، والأنقى فالأنقى، فتخيلى يا صديقتى لو اننا أصبحنا نعيش فى سلام مع جيراننا وبأنهم لا يمثلون أذى لنا ولا خوف ولا ألم وبأننا دولة صديقة لهم وهم ايضا ، هل ساعتها سننعم بالامن ؟ اطلاقا ساعتها ستنتهى اسرائيل بأيدى أبنائها. 

من مصلحة إسرائيل أن تصور لسكانها أن جيرانها يريدون لها الفناء وأنهم أعداؤها وبأنها تفعل المستحيل؛ من أجل أن تظل إسرائيل وتبقى لكى تضمن بذلك أن تظل إسرائيل متلاحمة بسكانها المتشرذمين من كل العالم ويجمعهم مغريات غربية مادية وأخرى دينية. 

ما قاله ديفيد يؤكد أن أحداث الفلاشا ستنتهى وان الكيان الاسرائيلى سيحتوى هذه الازمة بكافة الطرق الممكنة وغير الممكنة وان بنى صهيون قادرون على اعادة الاوضاع الى ماكانت عليه فى المنطقة العربية وبأن رصيدهم السياسى لن ينفذ وبأن الفترة القادمة ستشتعل فيها بعض من دول المنطقة وان بنى صهيون سيعملون بكل جهد ان تظل اسرائيل آمنة بأية طريقة وبكل طريقة!!!.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط