الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.عبدالله المصرى يكتب: العيد القومي لباريس الشرق

صدى البلد

يحتفل سكان القاهرة بالعيد القومي لمدينتهم قاهرة المعز أو القاهرة المعزية، أو باريس الشرق في السادس من يوليو كل عام حيث بناها القائد جوهر الصقلي قائد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله لتكون عاصمة الدولة الفاطمية في ١٧ شعبان ٣٥٨ هجرية/ ٦ يوليو ٩٦٩ م وبني فيها قصر الخلافة الفاطمية والجامع الأزهر الشريف ، ومن سنن الله الكونية أن المدن كالبشر تولد وتشب وتشيخ وتموت بتغير أحوالها من حال الي حال عبر السنين والعصور وتخضع لقانون الاتساع والانكماش ،والشهرة والنسيان لكن مدينة القاهرة تختلف وتشذ عن هذا القانون وهذه القاعدة لأن الميلاد الحقيقي لمدينة القاهرة ليس عام ٩٦٩م بل عمرها ٥٠ ألف سنة أى منذ العصر البليسيني أى أن عمر القاهرة هو عمر الحضارة الإنسانية بفضل موقعها وتأثيرها علي جميع الحضارات اللاحقة بها.

وقد أجمعت المصادر و المراجع التاريخية أن أول عاصمة لمصر كانت مدينة أون قبل عصر الأسرات وهي شمال القاهرة في منطقة المطرية وعين شمس وكان فيها جامعة أون ،وكعبة أون ، وبرج رصد الشمس ( قبة السماء) وكان يربي في أرض النعام بالمطرية النعام المقدس فأطلق عليها الإغريق هليوبوليس وكانت هذه العاصمة مساحتها هي مساحة القاهرة الآن شمالا عين شمس والعباسية ،وجنوبا مصر القديمة والمعادى وحلوان ولذلك قال البعض : أن عمرها ١٢ ألف سنة لأن المؤرخ المصرى مانيتون حدد بداية الحضارة بنزول كتاب التوحيد بمعبد أون عام ٩٥٠٠ ق.م وهو تاريخ ميلاد مدينة أون وكان يطلق عليها اسم ( كاهي رع) أى أنفاس أرض الإله وعرفت بعد ذلك بالقاهرة فيكون عمرها ١٢ ألف سنة ولكن مؤتمر فينا قبل الحرب العالمية الثانية ربط عمر العواصم المحددة لمعالم الحضارة الإنسانية بالحفريات في المدن ، فحددت عمر القاهرة بالحفريات التي اكتشفت وبحوث العلماء من أمثال: بوفيبيهكايبير ،وفلاندريتزى عن اصل الحضارة المصرية ووجدوا اقدم الحفريات في حلوان والعباسية وعين شمس وعثر علي مومياوات عمرها ٥٠ ألف سنة بمدينة أون أول عاصمة لارض
الإله في مصر المقدسة ( جب بتاه) والتي عرفت بعد ذلك ( ايجيبت) .
 
وعندما جاء صلاح الدين الأيوبي وأسس الدولة الأيوبية بعد القضاء علي الدولة الفاطمية وآخر خلفائها الخليفة العاضد لدين الله نجد أنه بني قلعة الجبل وأحاطها بسور نظرا لاهتمام دولته وسلاطينها بالعمارة الحربية لأنها كانت دولة يغلب عليها الجهاد ضد الصليبيين وضم داخل هذا السور الذى ضربه العواصم السابقة وهي: الفسطاط،والعسكر ، والقطائع،والقاهرة المعزية واتخذ القلعة مقرا للحكم لكنه لم يسكنها ،وظلت كذلك حتي جاء الخديوي إسماعيل ونقل مقر الحكم إلي قصر عابدين ،ولجأ الي صديقه نابليون الثالث إمبراطور فرنسا لإعادة تخطيط القاهرة المليئة بالبرك والمستنقعات ،والأزقة الضيقة فأرسل له المهندس العالمي في تخطيط المدن ( هاوسمان ) الذى خطط باريس علي نهر السين فقام بتخطيط القاهرة علي غرارها علي نهر النيل لذلك سميت القاهرة باريس الشرق .

ثم جاء الملك فاروق وكلف المهندس المصرى الدكتور سيد كريم أستاذ تخطيط المدن العالمي بإعادة تخطيط القاهرة فأعاد تخطيط ميدان الإسماعيلية( ميدان التحرير) كما خطط منطقة الأوبرا وقصر النيل ومبني جامعة الدول العربية ،وفندق هيلتون بدلا من قشلاقات الجيش الإنجليزى، وخطط الطريق الدائرى ،وطريق صلاح سالم ، وكورنيش النيل، ومترو الأنفاق ،وعندما جاء الرئيس جمال عبدالناصر وزاد عدد سكان القاهرة وضاقت عليهم طلب من الدكتور سيد كريم إعادة تخطيط القاهرة والتوسع في مساحتها ،فخطط مدينة نصر وصاغ لها قانون خاص للبناء وعندما تحولت إلي حي قال: حي علي الفساد وضحك صديقه ومبلغه أنور السادات وحضنه.

كما خطط الدكتور سيد كريم مشروع المونوريل ( القطار الطائر ) ،ومترو الأنفاق الموصل لحلوان ،ومشروع علاج صحي للإستشفاء بالمياه الكبريتية المعدنية في حلوان ( قبل التلوث ) وسأله الرئيس عبدالناصر : لا يوجد مليار جنيه لهذه المشاريع فقال له : لدىَ شركة سويسرية بنظام الاستثمار ،الشركة تديره لمدة ٢٥ سنة مقابل ٢٠% من الربح لمصر وبعدها تعود ملكية المشاريع لمصر فرد الرئيس عبدالناصر : هذا استعمار وليس استثمار وانا ما صدقت حررت البلد من الاستعمار ،وحسنا ما فعله الرئيس عبد الفتاح السيسي من هدم العشوائيات وبناء مدن جديدة تتوافر فيها الآدمية داخل القاهرة واقام العاصمة الإدارية الجديدة ونقل فيها الوزارات والمؤسسات الإدارية إليها لتتسع القاهرة علي اهلها وساكنيها..

 وكان الدكتور عبدالرحيم شحاتة ( رحمه الله ) محافظ القاهرة الأسبق يبدأ إحتفالات العيد القومي للقاهرة بصلاة الجمعة في جامع عمرو بن العاص أقدم مسجد جامع فيها في الجمعة الأولي من شهر يوليو في مدينة الفسطاط( مصر عتيقة) ،وسار علي نهجه الدكتور عبدالعظيم وزير ( رحمه الله ) وكان يدعو شيخ الأزهر للخطابة في هذه الجمعة وظل التقليد الي الآن وأحيانا يكون الإحتفال في الجامع الأزهر أو القلعة في جامع محمد علي ..
وكل عام أنتم بخير .