الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عاش امبراطورا ورحل منبوذا.. محمد رضا بهلوي شاه إيران الذي رفضه العالم واحتضنته مصر حيا وميتا

محمد رضا بهلوي وأنور
محمد رضا بهلوي وأنور السادات

يتمنى كل رئيس دولة أو زعيم أن يضمه تراب أرضه بعد وفاته، أن يمتزج جسده بعد وفاته بالأرض الذي عاش عليها، ولكن هذه الأمنية لم تتحقق للإمبراطور الإيراني محمد رضا بهلوي، الذي يوافق اليوم ذكرى وفاته الـ39، حيث دفن بنفس المكان الذي دفن فيه والده بالقاهرة.

دفن آخر شاه إيراني بالقاهرة لم تكن وصيته، ولكنها الأقدار التي ساقته لخارج بلاده، وترجع قصة خروجه من إيران إلى سبعينيات القرن الماضي، حيث اشتعلت المظاهرات في إيران في يناير 1979 ضد نظام حكمه وسياسة منع الحجاب، وكان بهلوي في حالة صحية يُرثى لها، فغادر بلاده مسافرا من بلد لأخرى ولكن كلها رفضت بقائه، قرر السفر في البداية إلى أوروبا ولكن رفضوا استقباله، توالت استعداداته للسفر لأكثر من بلد أخرى والنتيجة لم تختلف كثيرا.


بمرور الأيام كانت حالته الصحية تزداد سوءا، فقد كان يعاني من عدة امراض منذ عام 1973 منها إصابته بتضخم في الطحال واتضح فيما بعد أنه مصاب بسرطان الغدد الليمفاوية.

منذ يناير 1979 حتى أكتوبر 1979، تسعة أشهر قضاها آخر شاه إيراني متجولا من بلد لأخرى، أغلقت كل الأبواب في وجهه حتى قرر الرئيس الراحل محمد أنور السادات مساندة الشاه الذي لم يبخل يوما بمساعدته خاصة خلال حرب 1973 وإمداد مصر بالبترول اللازم، فنزل الشاه بطائرته في أسوان، واستقبله السادات استقبالا يليق به، وكان الاستقبال عسكريا وحرص على أن تكون السجادة الحمراء أسفل الطائرة وتقديم استعراض حرس الشرف وغيرها من المراسم.


ولكن سرعان ما غادرها لتلقي العلاج فسافر بهلوي إلى المغرب بدعوة من الملك ولكن لم يلبث كثيرا، وغادرها محاولا السفر إلى بلد أخرى فلجأ إلى المكسيك ولكن لم يمكث فيها أكثر من بضعة أيام، حتى سافر إلى أمريكا في أكتوبر من نفس العام وسمحت الولايات المتحدة بدخوله بعد التأكد من تدهور حالته الصحية وأنه في وضع حرج وبحاجة إلى رعاية طبية ملائمة.


تخوفت الإدارة الأمريكية من ردود فعل الإيرانيين العكسية على استضافتها، وهذا ما حدث بالفعل حيث اشتعلت المظاهرات المضادة له في السفارة الأمريكية بطهران، حيث هاجم الثوار الإيرانيين السفارة واحتجزوا 52 أمريكيا كرهائن واشترطوا عدم الإفراج عنهم إلا إذا أعادت أمريكا بهلوي إلى إيران لمحاكمته.



كان الأمر غير مستقر ما دفع الولايات المتحدة لمطالبة الشاه بمغادرة البلاد، فلم يكن أمامه إلا أن يغادرها في هدوء.

سافر بعدها إلى بنما ولكن لم يستطع الإقامة فيها لفترة طويلة، حتى أرسل السادات طائرة خاصة له للعودة إلى مصر وخصص له قصر القبة كمكان لإقامته.



جاءت وفاته حدا لهذه الرحلات التي كان خذلانه فيها هو الأسوأ، حيث توفي محمد رضا في 27 يوليو عام 1980 بمستشفى القوات المسلحة بالمعادي، عن عمر يناهز 61 عاما، ولكن السادات لم يخذله حتى بعد وفاته فأقام له جنازة عسكرية مهيبة عُزف فيها السلام الإمبراطوري الإيراني، وبدأت الجنازة من محل إقامته بقصر عابدين إلى مكان دفنه بمسجد الرفاعي بالقاهرة.


حُمل نعش الإمبراطور الإيراني ملفوفا بعلم بلاده، أما العربة التي كان عليها نعشه فجرها ثمانية خيول عربية، خذلته بعض البلاد والسياسات ولكن أصدقاؤه أنصفوه في جنازته حيث حضر الجنازة، الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون، وملك اليونان السابق قسطنطين الثاني، ليدفن في نفس الغرفة التي دفن فيها والده قبل أن يتم نقل جثمانه إلى طهران في وقت لاحق.