الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حمادة شعبان يكتب: متى ستعلن المدارس حالة الطوارئ؟

صدى البلد

الحكومات في جميع أنحاء العالم تعلن حالة الطوارئ عندما تتعرض سلامة البلاد وأمنها لمخاطر أمنية ناتجة عن كوارث طبيعية أو بشرية أو عملياتِ شغبٍ أو نزاعاتٍ مسلحة داخلية كانت أو خارجية. وقد رأينا في السنوات الأخيرة الكثير من الدول تعلن حالة الطوارئ بسبب العمليات الإرهابية التي حدثت بها والتي يُعاني منها العالم أجمع في وقتنا الراهن. وحالة الطوارئ كما هو واضح من اسمها ليست حالة دائمة أو مستمرة وإنما هى حالة استثنائية تُعلن في ظروف استثنائية الهدف منها حماية البلاد والمواطنين؛ لذلك يتقبلها الشعبُ ويلتزم بها.

والظروف هى التي تجعل أي مجتمعٍ يخرج من حالته العادية إلى حالة طوارئ صعبة وشاقة في ظاهرها ومثالية في جوهرها. 

ولو أسقطنا إجراءات حالة الطوارئ الأمنية على المخاطر الأخرى غير الأمنية في بلادنا لوجدنا أننا نحتاج إلى إعلان حالة طوارئ قصوى في العديد من الميادين، والتي لو تركناها تسير بعشوائية سيكون الثمن باهظًا في المستقبل، وستكون الحالة مستعصية على الحل. 

ومن أهم القضايا التي يجب أن نعلن فيها حالة طوارئ هى قضية التطرف وتجفيف منابعه. فالتطرف فيروس لو تركنا له الحبل على الغارب لاستشرى في شرايين الشباب، وتمكن منهم، ودمر مناعتهم، وحينها لن يكون من السهل إيجاد دواء ناجع يقضي عليه بسهولة. 

وحالة الطوارئ التي يجب أن نُعلن عنها للقضاء على التطرف هى حالة طوارئ فكرية وتنويرية تُشارك فيها جميع فئات المجتمع، سياسيون ومثقفون ورياضيون وفنانون وإعلاميون وعلماء دين ومدرسون؛ لأن أسباب التطرف متنوعة بين سياسية ودينية واجتماعية واقتصادية وإعلامية، لذلك لن تُحل إلا بتكاتف جميع النُخب العاملة في هذه الميادين. 
 
فالمدرسة على سبيل المثال تعلن حالة طوارئ فكرية وتنويرية تُعلم من خلالها التلاميذ والطلاب قيمة التنوع والاختلاف كسنة من سنن الحياة، وقانون من قوانين الوجود، يراه الإنسان متى أعمل عقله أو أمعن نظره فيما يدور حوله، فالمناخ الذي يعيشُ فيه التلميذ عبارة عن ليل ونهار وصيف وشتاء وربيع وخريف، والأرض التي يعيش عليها عبارة عن بحار ويابسة وجبال، والشارع الذي يمشي فيه يوجد به رجل وامرأة وولد وبنت، وهؤلاء جميعًا بينهم الفقير والغني والمسلم والمسيحي والأبيض والأسمر والطويل والقصير والمتعلم وغير المتعلم، كل هؤلاء بينهم العديد من الروابط فإن اختلفوا في الجنس أو اللون أو الدين أو المستوى العلمي والاجتماعي فإنهم يجتمعون تحت مظلة كبرى هى مظلة الوطن، وإن كان هناك اختلاف في الوطن وفي الجنسية فإن هناك مظلة أكبر تجمع الجميع تحت ظلها هى مظلة الإنسانية.

ولا يجب أن يقتصر تعليم الأطفال قيمة التنوع والاختلاف على المناهج التربوية والتعليمية فقط بل يجب الخروج بالتلاميذ من المدارس المختلفة ومن القرى والمدن المختلفة ومن المسلمين والمسيحيين في رحلات مشتركة ليتعرفوا على بعضهم بعض ويتحاورون مع بعضهم بعض، فالمدرسة بذلك نُعرف التلاميذ بطريقة عملية ما هو الآخر، وكيف يتفاعلون معه وكيف أن علاقتهم به علاقة تنوع وتكامل وليست تنافر وتصارع. 
 
كذلك ينبغي على المدرسة أن تغرس ثقافة العمل التطوعي والخيري في التلاميذ عن طريق تشجيعهم على التبرع للفقراء والمحتاجين من مصروفهم الخاص، وكذلك لضحايا الحروب والكوارث من خارج الوطن حتى يعرف التلميذ أنه لا يعيش وحده في هذا العالم بل هو جزء من المشروع الإنساني الأكبر يتفاعل معه ويتأثر بما يحل به من خير أو شر. 
 
أيضًا منظمات المجتمع المدني ورجال الدين والرياضيون والإعلاميون وأهل الفن وعلماء الدين وغيرهم من الفئات يستطيعون أن يعلنوا حالة طوارئ فكرية يحاولون من خلالها مكافحة الفكر المتطرف وتجفيف منابعه، وسوف نخصص لهم مقالات أخرى إن شاء الله.