حكم بيع الثمار قبل نضجها.. الإفتاء تجيب

أوضحت دار الإفتاء المصرية أن الرسول – صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الثمار بعد ظهورها وقبل بدو صلاحها؛ مستشهدةً بما رواه الشيخان عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما-: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ – نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا؛ نَهَى البَائِعَ وَالمُبْتَاعَ».
وبينت« الإفتاء» فى إجابتها عن سؤال: « ما حكم بيع الثمار قبل بدو صلاحهاا؟» أن المراد بِبُدُوِّ الصلاح عند جمهور الفقهاء هو: أول ظهورها وبدايته بحيث تكون الثمرة صالحةً للأكل، وذلك يختلف باختلاف نوعها؛ فمنها ما يكون بتغير لونها، وأخرى بتغير طعمها، وثالثة بالخبرة، وأن تؤمن فيها العاهة والفساد وتغلب السلامة.
وأضافت أنه ليس المراد كمال النضج؛ حيث عبّر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -بقوله: «حتى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا»، ولم يقل: "حتى يتم صلاحها".
واستدلت فى ذلك بحديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما-: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنِ الْمُخَابَرَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ، وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى تُطْعَمَ -أي تصلح للأكل-»، رواه مسلم.
وذكرت ما قاله الإمام ابن رشد المالكي فى بيان الكيفية المعتبرة فى بدو صلاح الثمرة للأكل وهو: « وأما بدو الصلاح الذي جوّز رسولُ الله - صلى الله عليه وآله وسلم- البيعَ بعده، فهو أن يصفر فيه الْبُسْرُ، وَيَسْوَدَّ فيه العنب إن كان مما يَسْوَدُّ، وبالجملة أن تظهر في الثمر صفة الطيب.
وتابعت فى بيان هذا المعنى بقول الإمام النووي الشافعي من أن بدو الصلاح يرجع إلى تغير صفةٍ في الثمرة؛ وذلك يختلف باختلاف الأجناس، وهو على اختلافه راجعٌ إلى شيءٍ واحدٍ مشتركٍ بينهما وهو طيب الأكل.
وواصلت بما قاله الحافظ ابن حجر العسقلاني بجعل النهي ممتدًّا إلى غاية بُدُوِّ الصلاح، والمعنى فيه: أن تؤمن فيها العاهةُ وتغلب السلامةُ فيثق المشتري بحصولها، بخلاف ما قبل بُدُوِّ الصلاح؛ فإنه بصدد الغرر.
واختتمت أن الفقهاء فرقوا في هذه المعاملة بين ثلاث صور، وهى:
الأولى: البيع بعد ظهور الثمار قبل بُدُوِّ الصلاح بشرط القطع: فاتفقوا على جوازها؛ لما رواه الإمام مسلم في "صحيحه" بسنده إلى ابن عمر- رضي الله عنهما -أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- قال: «لَا تَبْتَاعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَتَذْهَبَ عَنْهُ الْآفَةُ»، ووجه الدلالة من هذا الحديث: أن العلة التي علَّل بها النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- نهيه عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها هي خوف الآفة على الثمر، ومع وجود القطع فإن هذه العلة غير متحققة، والأحكام تدور مع عللها وجودًا وعدمًا.
والثانية: البيع بعد الظهور قبل بُدُوِّ الصلاح بشرط الترك: وهذه الصورة قد أجمع الفقهاء على بطلانها؛ لأنه شرطٌ لا يقتضيه العقد، ولأنه شغلٌ لملك الغير.
والثالثة: البيع بعد الظهور قبل بُدُوِّ الصلاح بغير شرط -أي بيعًا مطلقًا-: فذهب جمهور الفقهاء إلى القول بمنع هذه الصورة من التعامل؛ أخذًا بظاهر النصوص الواردة، واحترازًا عن الوقوع في الغرر، ومنعًا للنزاع والشقاق بين المتعاملين.