الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جرعة قانونية.. جريمة الضرب المفضي إلى الموت وعقوبتها.. يتمثل في الجرح أو الضرب أو العنف أو إعطاء مادة ضارة أو ارتكاب أي فعل آخر مخالف

صورة أرشيفية - تعبيرية
صورة أرشيفية - تعبيرية

  • جريمة الاعتداء المفضي إلى الموت تعد من الجنايات
  • عقوبة الجريمة.. مدة تتراوح بين أكثر من 5 سنوات و15 سنة

جريمة الاعتداء المفضي إلى الموت من الجرائم العمدية، لذا يشترط لمسئولية الجاني توفر القصد الجرمي لديه، والذي يتجسد في العلم والإرادة.

عرف محمد التهامى عبد الهادى، المحامى والخبير القانونى، جريمة الضرب المفضي إلى الموت وعقوبته وفقا للقانون كما يلى:

فعل الاعتداء
هو كل سلوك من شأنه المساس بسلامة الجسم، ويتمثل في الجرح أو الضرب أو العنف أو إعطاء مادة ضارة أو ارتكاب أي فعل آخر مخالف للقانون.

1_ الجرح:
هو كل مساس مادي بجسم المجنى عليه من شأنه أن يؤدي إلى تغيرات ملموسة في أنسجته سواء كانت التمزيقات في أنسجة الجسم الخارجية، أي سوى مادة الجلد أو الداخلية كالمعدة أو الكلى، كما يستوي أن يكون الجرح كبيرا أو ضئيلا كوخز بالإبر، ولا يشترط أن يودي الجرح إلى قطع أحد أعضاء الجسم بل قد يقتصر على جزء من أنسجة الجسم، كالإصابة بسكين دون أن يؤدي إلى قطع أحد أعضاء الجسم، لذلك يدخل في مدلول الجرح الرضوض والقطع والتسلخ والعض والكسر والحروق والتمزيق وبتر أحد أعضاء الجسم.

ويتحقق الجرح بأي وسيلة كانت فقد تكون آلة حادة أو مادة كيميائية أو أشعة معينة تسبب حروقا أو فعل حيوان يحرضه الجاني لعض المجنى عليه أو باستخدام تيار كهربائي يصعق به المجنى عليه أو أن يقوم الجاني بركل الجاني للمجنى عليه، فسقط الأخير على الأرض فكسرت ساقه أو انشق رأسه، ويستوي هنا أن يدفع الجاني وسيلة الاعتداء نحو المجنى عليه أو يدفع المجنى عليه تجاه الوسيلة.

2_ الضرب:
يعد صورة من صور العدوان المادي على جسم المجنى عليه وله مظهر خارجي ملموس ولكنه لا يسبب تلفا أو تمزقا في أنسجة الجسم ولا يرتب بترا أو قطعا وإلا اعتبر جرحا، ويتحقق الضرب بأي وسيلة كالركل بالقدم أو الدفع باليد أو الصفع باليد أو بصدم رأس المجنى عليه بالحائط أو باستعمال العصا أو الحجر، أو إلقاء الجاني للمجنى عليه أرضا أو دفعه تجاه حائط، ولا يشترط في الضرب أن يحدث الما أو أن يستوجب علاجا، كما لا يشترط أن يترك أثرا من كدمات أو احتقان، وأخيرا لا يشترط في الضرب أن يمس الجاني جسم المجنى عليه مباشرة وإنما يكفي أن يهيئ الوسيلة التي من شأنها أن تحقق المساس.

3_ إعطاء مواد ضارة:
إن المادة تعد ضارة إذا كان تعاطيها يؤدي إلى الإخلال بالوضع الصحي (البدني أو العقلي أو النفسي) للمجنى عليه أي إذا كان تناول المادة يؤدي إلى اضطراب في وظائف أعضاء الجسم والعبرة هنا إذًا بانصراف إرادة الجاني، فإذا انصرف إلى مجرد إلحاق الأذى والإضرار بصحة المجنى عليه، فإنه يسأل عن جريمة الإيذاء العمد، وإذا تحققت الوفاة فإنه يسأل عن جريمة الاعتداء المفضي إلى الموت، وذلك سواء كان الجاني يجهل طبيعة المادة كأن يعتقد أنها ضارة فقط أو كان يعلم أنها مادة سامة ولكنه استخدم كمية منها، معتقدا أنها لا تسبب الوفاة.

4_ العنف:
هو كل اعتداء موجه ضد شخص يكون مصحوبا بانفعالات الانفجار والتوتر دون أن يشترط فيه أن يترك أثرا من جروح ورضوض، وأن المشرع العراقي ذكر العنف صراحة في هذه المادة، معتبرا العنف وسيلة من وسائل الاعتداء على حق الإنسان في سلامة جسمه ومقررا لأفعال العنف سواء ترتب عليها أذى نفسي أو مادي ذات العقوبة المقررة لأفعال الجرح والضرب وإعطاء المادة الضارة، علما أن مصطلح العنف يعتبر من أشد درجات الإيذاء.

5_ ارتكاب فعل مخالف للقانون:
هناك حالات يصاب بها جسم الإنسان ولكن ليس عن طريق الجرح أو الضرب أو إعطاء مادة ضارة أو العنف ولا يصدق عليها أي وصف من الأوصاف المذكورة، مما دعا المشرع إلى إيجاد بديل يشمل كل هذه الحالات إلا وهو الفعل المخالف للقانون، ومثال ذلك وضع المجنى عليه في غرفة باردة جدا، فتعتل صحته وكذلك سكب الماء المثلج على رأس المجنى عليه فيصاب بزكام شديد، وفي ذلك قضت محكمة التمييز بأنه "أن المتهم ضرب برجله الطباخ النفطي وقدر الماء، وذاك دون أي كلام منه، وعلى أثر ذلك انقلب قدر الماء وسقط الطباخ بحضن والدته وعلى أثر ذلك التهبت ثيابها بالنيران".

الجريمة
تتمثل بوفاة المجنى عليه سواء تحققت الوفاة مباشرة بعد فعل الضرب أو الجرح أو إعطاء الماده الضارة أو العنف أو مخالفة القانون أو تحققت بعد فترة من الزمن، وتكمن أهمية حصول الوفاة في أن هذه الجريمة لا تتحقق وبالتالي لا يمكن مساءلة الجاني عنها وإنما يسأل عن جريمة أخرى إلا وهي الإيذاء، كما أن عدم تحقق الوفاة لا يرتب على الفاعل مسئولية عن الشروع لأن جريمة الاعتداء المفضي إلى الموت لا يتصور فيها الشروع بسبب أن قصد الجاني كان منصرفا إلى تحقق الأذى بالمجنى عليه وليس إلى تحقق الوفاة.

العلاقة السببية
هذه الجريمة تتطلب أن تكون الوفاة قد ترتبت على نشاط الجاني ولو ساهم مع فعله عامل سابق أو معاصر أو لاحق أي أن فعل الجاني هو السبب في تحقيق الوفاة، ولولاه لما حصلت الوفاة، وعليه إذا تبين أن العلاقة السببية متوافرة بين فعل الجاني والأذى الذي أصاب المجنى عليه ولكنها غير متوافرة بين الفعل والوفاة التي تعد أثرا لازدياد خطورة الأذى الأول.

المتطلبات المعنوية:
جريمة الاعتداء المفضي إلى الموت من الجرائم العمدية لذا يشترط لمسئولية الجاني توفر القصد الجرمي لديه، والذي يتجسد بالعلم والإرادة.

أولا العلم ويتعين علم الجاني بما يأتي:
_ علمه بأن فعله ينصب على جسم إنسان حي وعليه إذا أعتقد أن فعله موجه إلى جثة إنسان، ثم تبين أن المجنى عليه كان حيا فهنا القصد ينتفي، وبالتالي لا يسأل عن الجريمة حتى ولو حصلت الوفاة وإنما يسأل عن جريمة ألقتل الخطأ إذا توافرت متطلباتها.

_ علمه بأن فعله ذا خطورة على سلامة جسم المجنى عليه، ولذا ينتفي القصد الجرمي إذا انتفى هذا العلم وذلك في حالتين:

1- حالة كون الفعل لحظة البدء في ارتكابه غير ماس بسلامة الجسم ولكن اتصف بهذه الخاصية في وقت لاحق بسبب تدخل عوامل لم يعلم بها الجاني، مثال ذلك أن يدخل شخص قسطرة معدنية في مجرى بول شخص فيصيبه بجروح لأنه أدخلها بطريقة غير فنية معتقدا أنه يدخلها على نحو لا يمس سلامة جسم المريض.

2- حالة كون الفعل منذ لحظة البدء في ارتكابه ماسا بسلامة الجسم، ولكن الجاني جهل توافر هذه الصفة، مثال ذلك أن يضع الجاني مادة حارقة على جسم المجنى عليه، معتقدا أنها غير ذات خطر.

ففي الحالتين أعلاه لا يسأل الجاني عن جريمة الاعتداء المفضي إلى الموت، إذا ما تحققت الوفاة بسبب انتفاء قصد الإيذاء لديه، وإنما يسأل عن جريمة القتل الخطأ إذا توافرت أركانها

3_ أن يتوقع الجاني الأذى الذي يصيب المجنى عليه كأثر لفعله وهذا التوقع يعد الأساس في تصور إرادة الأذى، وعليه إذا انتفى علم الجاني بالأذى كأثر لفعله ينتفي القص الجرمي، وبالتالي لا يسأل الجاني عن جريمة الاعتداء المفضي إلى الموت، إذا ما حصلت الوفاة ولكن يسأل عن جريمة القتل الخطأ إذا ما توافرت أركانها.

تعد الإرادة جوهر القصد الجرمي لذلك لا يتوافر هذا القصد إلا إذا ثبت اتجاه إرادة الجاني إلى الفعل الذي يعلم أنه يمس سلامة جسم المجنى عليه، وثبت في الوقت ذاته اتجاهها إلى إحداث الأذى الذي توقع حلوله بجسم المجنى عليه.

1_ إرادة الفعل:
وعليه إذا لم يثبت هذا الاتجاه الإرادي وإنما تبين أن الفعل قد وقع خطأ من قبل الجاني، فإن القصد الجرمي ينتفي وبالتالي تنتفي مسئولية الجاني عن الجريمة العمدية المتمثلة بالإيذاء العمد أو عن الاعتداء المفضي إلى الموت إذا حصلت الوفاة، ولكن قد يسأل عن الجريمة غير العمدية سواء كانت إيذاء خطأ أو عن القتل الخطأ إذا حصلت الوفاة بسبب خطأ الجاني.

2_ إرادة النتيجة:
النتيجة التي يتعين اتجاه إرادة الجاني إليها هي مطلق الأذى البدني فلا يشترط اتجاه الإرادة إلى إحداث أذى يتمثل بدرجة معينة من الخطورة، وعلى هذا إذا اتجهت إرادة الجاني إلى إحداث أذى يسير، ولكن آثار فعله جاوزت ما يريد فنال جسم المجنى عليه أذى جسيما أو أفضى إلى وفاة المجنى عليه، فإنه يسأل عن النتيجة الجسيمة على الرغم من أن إرادته لم تتجه إلى أحداثها ولم يكن قد.

عقوبة الجريمة
إن لمحكمة الموضوع سلطة تقديرية في فرض عقوبة السجن لمدة تتراوح بين أكثر من 5 سنوات و15 سنة، وبهذا فإن جريمة الاعتداء المفضي إلى الموت تعد من الجنايات، فضلا عن ذلك فإن المشرع شدد عقوبة الجريمة وجعلها السجن لمدة لا تزيد على 20 سنة أي السجن المؤبد فيما إذا توافرت إحدى الحالات الآتية:

أ . إذا ارتكبت الجريمة مع سبق الإصرار.
ب . إذا كان المجنى عليه من أصول الجاني.
ج . إذا كان المجنى عليه موظفا أو مكلفا بخدمة عامة ووقع الاعتداء عليه أثناء تأدية وظيفته أو خدمته أو بسبب ذلك.

-