بين الواقع والمأمول يكون الحلم المصرى بوجود تشريعات عصرية ومعبرة عن واقع الشعب المصري الذي بذل الغالي والنفيس من أجل التغيير والتقدم والتطلع الي مستقبل مشرق لأبنائه، أو أن نرضى أن يظل اﻷمر مجرد خيال وحلم عاجزين عن تحقيقه.
ولذلك فإن هذا المقال ، يدور بصفة اساسية حول "دور مجلس الشيوخ في الاصلاح التشريعي "، والمقصود هنا ما يشترك مجلس الشيوخ في اصداره من قوانين طبقا لاختصاصه الدستوري الوارد في المادة 249 من الدستور المعدل في ابريل 2019 والتي تنص علي (يؤخذ رأي مجلس الشيوخ فيما يلي : الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور ، مشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ، معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة ، مشروعات القوانين ومشروعات القوانين المكملة للدستور التي تحال إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب ، ما يحيله رئيس الجمهورية إلي المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها في الشؤون العربية أو الخارجية ، ويبلغ المجلس رأيه في هذه الأمور إلي رئيس الجمهورية ومجلس النواب.)
بادئ ذي بدء لا ينكر أحد مدي أهمية الإصلاح التشريعي مجملًا، وكيف ان البلاد محاطة بغابة من التشريعات لم يتم تهذيبها من وقت طويل- رغم محاولة وزارة العدل علي استحياء في الجانب الاقتصادي تارة او جانب الاسرة - مما قد يؤدي الي منع المرور جزئيا بل لا اكون متجاوزًا للحد ، ان قلت انه يؤدي الي منع المرور كليًا - بالبلاد الي المستقبل المشرق ، الذي نتطلع اليه ، ونريده جميعا لبلادنا بعد ثورة 30يونيو2013 العظمية .
ولا ينكر احد كذلك وكما قيل لي - من بعض فقهاء القانون - ان هذا "عش الدبابير" وبيت القصيد ، بل لا أعتقد انه يوجد مسئول بداية من رئيس الدولة الي أصغر مسئول ، يخدم هذا البلد بإيمان واقتناع ، دون ان تكون له منظومة تشريعية كاملة و متكاملة ومتطورة "أتطمع ان ترى غرسا، وتهفو الي ثمراته قبل الغراس".
إن المجتمع المصري لا يختلف عن غيره من المجتمعات المتحضرة فى أن يكون التشريع هو أحد أهم أدواته فى إجراء تحولاته الكبرى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، ولكي نحدد معالم الطريق الي المستقبل لابد أن يقوم التشريع بدور حاسم في اتجاهين:
الاتجاه الأول: إرساء القواعد التشريعية الكفيلة بفتح آفاق العبور إلى المستقبل، بلا عقبات او عوائق تتعثر معها خطى هذا العبور وحتي يكون قادرا علي فتح المستقبل. والاتجاه الثاني: ان تكون هناك اعادة كلية وليست جزئية لكافة التشريعات يرتبط معها الواقع بالحلم .
إن جسامة هاتين المهمتين أبرزت الضرورة العلمية والعملية فى أن يكون الإصلاح التشريعى المنشود هو من أولويات اجندة مجلس الشيوخ القادم، وأن تكون موهبة فن وصياغة التشريع شرط لاختيار أعضاء مجلس الشيوخ ، حتي يكون هذا الإصلاح خاضعا لتخطيط دقيق يقوم على دعامتين إحداهما موضوعية تستمد كيانها من ضبط حدود وأبعاد وأولويات الإصلاح ، والثانية زمنية تتعلق بتحديد دقيق للإطار الزمني الذي يجب أن ينجز فيه الإصلاح التشريعى ...حمي الله مصر وحفظ شعبها وجيشها.