الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عصمت الإسكندرانى


وهبت جميع ممتلكاتها من عقارات وأراض زراعية وما لديها من أموال فى وصيتها
بعد وفاتها للكلية البحرية مساهمة منها للنهوض بأسطول مصر ليضارع أكبر أساطيل
العالم ، أهدت منزلها برأس التين إلى القوات البحرية ليكون ناديا بحريا، وعندما
نشبت حرب فلسطين سنة 1948م تبرعت بسفينة حربية مجهزة بالكامل على نفقتها الخاصة
وأهدتها إلى البحرية المصرية. إنها عصمت الإسكندرانى حفيدة
 حسن باشا الإسكندرانى المعروفة بأم البحرية
المصرية .



ولدت عصمت حسن محسن حسن الإسكندرانى سنة 1898م ، تلقت تعليمها فى
الإسكندرية فى البيت والمدرسة. أجادت إلى جانب لغتها العربية ، الإنجليزية
والفرنسية، اتخذت جدها أمير البحر وقائد البحرية المصرية فى عز مجدها فى عهد محمد
على باشا، حسن باشا الإسكندرانى مثلا للتفانى والإخلاص والرجولة وحب الوطن ، والذى
استشهد فى حرب القرم بين تركيا وروسيا سنة1855 م. فتعلقت منذ صغرها بتاريخ البحرية
المصرية المشرف وماحققتة من أمجاد فى البحار.



18 عاما قضنها عصمت الإسكندرانى فى رحلات استكشافية ودراسية تجوب متاحف
ومكتبات فرنسا وسويسرا وبلجيكا تدرس المساجد والقلاع والآثار القديمة، حتى أطلق
عليها بنت بطوطة .



أثناء رحلاتها المتعددة شاركت الملاحين والبحارة حياتهم الخشنة فى البحر
ولم تستهوها بواخر الترف والبذخ رغم إمكانياتها المالية الهائلة.



إستقرت عصمت الإسكندرانى فى باريس للقيام بالمزيد من البحث وكتابة التاريخ
العربى ، نشرت مقالاتها فى الصحف الفرنسية عن تاريخ العرب وتاريخ الشرق وأمجادة.



تعرفت خلال إقامتها فى باريس على المستشرق الفرنسى "كريستيان
شيرفيس" الباحث فى المخطوطات العربية ، وقد لاحظ شغفها بالآثار والرحلات فسمح
لها بالبحث فى مكتبتة وأشار عليها أن تكتب تاريخ بلادها ، وهو من أطلق عليها بنت
بطوطة.



تناولت عصمت الإسكندرانى فى كتاباتها الكثير من المواقع الحربية ومنها
معركة حطين وعين جالوت وموقعة شريش، والتى أعلنت فتح العرب والمسلمين للأندلس لعدة
قرون. شاركت بهذه الكتب فى مسابقة جريدة ماتان الفرنسية عن أشهر المواقع الحربية
التاريخية الفاصلة أما مؤلفتها باللغة العربية فكتبت " أحاديث تاريخية"
وكانت مستمدة من تاريخ هارون الرشيد والبرامكة ، كتاب "سيف الدولة" - لم
ينشر- وكان لتصدير الحضارة العربية ، و كتاب صفحات من تاريخ البحرية المصرية سنة
1947م لتصوير حياة البحار.



يقول نقولا يوسف فى كتابة أعلام من الإسكندرية: " أنه لم يزل الكثير
مما كتبت عصمت الإسكندرانى الملقبة ببنت بطوطة سواءا بالعربية أم بالفرنسية مطويا
فى الصحف والمجلات لم يجمع ولم يترجم بالإضافة إلى إنها لم تعن بتدوين ذكرياتها
ورحلاتها أو بنشر سيرتها، قامت عصمت بزيارة بلدان عدة فطافت لبنان وسوريا وتونس
والجزائر والمغرب والأندلس بأسبانيا ".



أهدى الرئيس جمال عبد الناصر أم البحرية المصرية وسام الكمال الذهبى سنة
1955م ولكنه سرق من بيتها ، فأهدى لها وساما آخر بمناسبة الاحتفال بيوم البحرية  وبإنشاء المتحف البحرى بالإسكندرية فى 29 أغسطس
سنة 1960 .



كانت هذه السيدة تستطيع دخول مقر القوات البحرية فى أى وقت ، وتستطيع
الصعود على ظهر أى بارجة أو مدرعة حربية دون أى عوائق ، فهى سيدة وفقا لمن تعاملوا
معها عن قرب تنبض كل نقطة من دمها بحب أرض النيل .



وفى عيد الأم يوم 21 مارس من كل عام كان يزورها فى منزلها ضباط سلاح
البحرية وطلاب الكلية البحرية يقدمون لها باقات الورد وتعيد على مسامعهم الأمجاد
العربية فى البحار وكيف كان الأسطول المصرى سنة 1840م ثالث أسطول فى العالم بفضل
جنودة الشجعان . إلى أن رحلت أم البحرية فى صمت سنة 1973م فى عزبتها بشبرا خيت .



أما جدها " حسن باشا 
الإسكندرانى " الملقب ب " أمير البحر "  فكان له دوره 
المؤثر والمهم عند إعادة بناء الأسطول المصرى مرة أخرى ولكن هذه المرة تم
بناؤه على أرض مصر وبأيادى مصرية ، وذلك بعد تحطمة تماما فى موقعة "
نفارين" 1826م ، ليصبح فى مقدمة أساطيل العالم بعد إنجلترا وفرنسا. وكانت
مهمة الأسطول المصرى فى هذه المعركة هو إخماد ثورة اليونانيين ضد الإمبراطورية
العثمانية وكان قد أوشك على إخمادها ، ولكن تحالف أساطيل فرنسا وبريطانيا وروسيا
التى شاركت فى نهاية المعركة ضد العثمانيين أدى إلى القضاء على معظم الأسطول
العثمانى وتحقيق إستقلال اليونان عن الحكم العثمانى .



ولد حسن الإسكندرانى سنة 1790م بمدينة على ساحل البحر الأسود وجاء إلى مصر
سنة 1800م، كان من مماليك محمد على باشا، توسم فيه محمد على الكفاءه والذكاء
فألحقه  بالبعثة العلمية إلى فرنسا سنة
1826م لدراسة فنون الملاحة والهندسة البحرية، عاد من فرنسا سنة 1831م ليلتحق
بالأسطول المصرى، وبعد وقت قصير أثبت كفاءته ومهارته وارتقى فى المناصب حتى أصبح
رئيسا للترسانة البحرية بالإسكندرية ثم ناظرا (وزيرا) للبحرية سنة1837م ونال رتبة
الباشوية، وأطلق عليه لقب "أمير البحر".



بفضله كان الأسطول المصرى فى مقدمة أساطيل العالم بعد أسطول إنجلترا
وفرنسا، كما يرجع له الفضل فى الاهتمام 
بتحصين الإسكندرية وشواطئها وضواحيها ومنها أبو قير ، وهى الحصون نفسها
التى واجهت البحرية البريطانية عند ضرب الإسكندرية سنة 1982م ، ولكنها كانت قد
أهلكت بسبب عدم صيانتها والإهتمام بها .



تولى الأميرالاى حسن الإسكندرانى قيادة الأسطول المصرى فى " حرب القرم"
 سنة 1853م فى عهد عباس الأول وسعيد باشا
وكان الأسطول مؤلفا من 12 سفينة بحرية ، أظهر الإسكندرانى شجاعة وخبرة عالية فى
هذه المعركة التى كانت بين الدولة العثمانية والإمبراطورية الروسية ، ودخلت مصر
وتونس وإنجلترا وفرنسا الحرب سنة 1854م إلى جانب الدولة العثمانية  وكان قد أصابها الضعف ، ثم لحقتها مملكة
سردينيا التى أصبحت فيما بعد مملكة إيطاليا . وكان من أسباب الحرب أطماع
الإمبراطورية الروسية الإقليمية على حساب الدولة العثمانية وخاصة فى شبة جزيرة
القرم التى دارت عليها المعارك، وانتهت حرب القرم فى 30 مارس 1856م بتوقيع اتفاقية
باريس وهزيمة الروس.



هبت على الأسطول المصرى عاصفة شديدة وتكاثر الضباب مما حال دون اجتياز
بوغاز البسفور بسلام فاصطدمت السفينتان المصريتان " مفتاح جهاد
"و"البحيرة" فتحطمتا وغرق من بها من قوات الأسطول المصرى وعددهم
1920 مقاتلا لم ينج سوى 130 مقاتلا، وكان 
من الغرقى حسن باشا الإسكندرانى 
سنة 1855م.



كانت هذه آخر الحملات التى قامت بها السفن الحربية من الأسطول المصرى الضخم
الذى انشأه محمد على باشا.



 



 



 



 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط