الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. ضحى بركات تكتب: ونسيت أنى امرأة

صدى البلد

ليلة أمس جلست فى شرفة بيتى أسترجع  حياتى .. ياااه ...مشوار من العمل الجاد خارج البيت وداخله ...شريط من الذكريات بين الآهات والضحكات. .فجأة وجدتنى أصرخ... أيها الناس إنى امرأة. .لماذا تنسوا أنى امرأة.... ألومكم أم ألوم نفسى ...؟! لقد نسيت أنا نفسى أنى امرأة. ..!!! لكم لهثت وراء حلم ..
المساواة فى العمل...ودعوى الحرية ...وتحقيق هدف الاستقلال المادى والفكرى والاجتماعى ..كلما أمكن. .. .كل هذه الأفكار التى أجهدنا السعى وراءها منذ عقود حتى أنهكت قوانا وضاعت معالمنا وتبددت أنوثتنا وقست مشاعرنا وتحجرت قلوبنا ..كم تعرضنا لصدمات الحياة التى تصارعنا منذ عهود ..كم عشنا نتسابق. . لنسبق..ونسبق..واليوم أسأل  بعدما مر العمر وعلت التجاعيد الوجه واحتلت الكسرات والنمش  سطح الكف وتغلغلت حواجز الزمن وآثاره فى شغاف القلب وأنسجته ،هل كنت على صواب ?أم أعطيت صلابة نفسى أكثر من حقها على حساب أنوثتى ؟!

أحيانا أحسد من قدر الله لها أن تسكن البيت ويسكن إليها الجميع زوج وولد...أنثى  تحيا كأنثى تبتسم للجميع لتمتص ألم الجميع تحتوى  أولادها وتمحو هموم زوجها فيذهب الغضب وتتبخر حرارة الدمع وتنفرج الأسارير  ويذهب كل كرب لدى من حولها ...إنه سر فى الأنثى يعيد السعادة فى القلوب ويرسم الضحك فى الوجوه ويبث القوة فى عزم الجميع فتستمر الحياة بروح الحياة...... ماذا كانت نتيجة صراعى فى الحياة ومع الحياة من أجل أفضل حياة ...هل ربحت الصفقة بتحقيق كيان اجتماعى وثقافى مقابل ضياع كل هذا ...لقد نسيت فى غمار العمل أن أحيا  كأنثى تتزين لزوجها وتترقق فى كلامها ..وتحتوى بيتها ...ونفسها. ....كم يراودنى هذا السؤال هل حققت مرادى فى درب المساواة  فوصلت إلى السعادة أم أن ماسقط منى فى مشوار الحياة أكبر وأهم  مما أدركت..

سؤال يريد إجابة صادقة بلا مجاملة أو تدليس من كل أنثى سلكت درب العمل والكفاح . .هل حياة الرجال التى زاحمنا فيها تركتنا إناثا أم جعلتنا رجالا ..أم أننا وقفنا على سلم مهتز العماد..  لا نحن نساء ولا نحن رجال. ..هل نجرؤ أن نرجو العودة..والمكث فى البيت لاحتواء الأسرة والنفس بعد التشتت والفرقة.. وهل نستطيع ان نتنازل عن مكاسب مادية حققناها من الخروج للعمل وهل يقبل من تحت رعايتنا هذا التراجع.. نحن نعلم كم للمادة جاذبيتها.. وأهميتها  وكم فقدت الحياة بساطتها  ..وكم جافى القلب مشاعر الرضا وجهلت النفس كنز القناعة ..الحقيقة أننا اخترنا طريق اللا عودة اخترناه امس برضانا ..واليوم رغما عنا تستمر فيه الخطا إلى أن ينتهى العمر ..لقد خسر كثيرا كل من حولى ولكنى كنت الخاسر الأكبر   لأنى لم أحيا كامرأة ولم أسعد كرجل ...عشت كائنا مشوش الفكر ..خاوي الداخل..ضبابى الهوية يبحث عن سراب ..يتجرع العذاب ...وعند الشكوى يكيلوا له العتاب....

أيها الناس.. أنا لا زلت أنثى تريد أن تحيا
كأنثى لها من الأنوثة كيان ومن العاطفة نصيب ومن الحب الكيل الوفير ...أنثى تتكلم كالنساء وتتعامل كالنساء وتحيا كالنساء . أنثى يسرى عليها كلام خالقها ..الرجال قوامون على النساء ...أنثى تلتزم أمر خالقها وقرن فى بيوتكن ..أنثى ترتسم بيد خالقها ..أومن ينشأ فى الحلية وهو فى الخصام غير مبين ...أنثى بنكهة الأنوثة وطعم النعومة وروح الجمال وسكنى الحنان ...لقد سئمت أن أكون 
امرأة نسيت أنها امرأة. ...فعاشت لاهى.. رجل ...ولاهى.. امرأة

أحيانا يراودنى هذا الحلم ...حلم الحياة فى بوتقة أنثى لها من الأنوثة كيان ومن العاطفة نصيب ومن الحب نبع يروى كل قريب وحبيب  ........لقد مضى وقت التراجع  ..واصبح حلم العودة مستحيل تحقيقه فى الواقع ...بل من الجنون التفكير فيه وهيهات هيهات أن ينسجه  الخيال 
....فلنكمل ..قصتنا قصة  امرأة نسيت أنها امرأة من النساء ..فعاشت امرأة من الرجال.