الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صدى البلد يحاور صاحب أول فرقة عالمية لتحويل الجنازة إلى فرح: أتمنى العمل في مصر.. فيديو

بنيامين ايدو خلال
بنيامين ايدو خلال حديثه لـ صدى البلد

تختلف العادات الجنائزية من بلد إلى آخر، اللحظات الاخيرة لوداع الميت والجنازة التي تجمع أحبائه، عادة ما تتسم بالحزن والصراخ وارتداء اللون الأسود، ولكن في غانا البلد الأفريقي يختلف الأمر كليا بعدما دشن بنيامين ايدو أول فرقة لـ «زف الموتى»، فوفاة الميت هي اللحظة التي يبدأ فيها حياة جديدة مما يدفعهم للاحتفال به، وتتميز الجنازة بطقوس مقدسة أبرزها الشعور بالسعادة وارتداء الملابس البيضاء وأخيرا الغناء والرقص في الجنازة.

أجرى «صدى البلد» هذا الحوار مع بنيامين ايدو مؤس أول فرقة في العالم للرقص في الجنازات، خلال إقامته في غانا، وإلى نص الحوار:

أول فرقة لـ «زف الموتى» 
بدأ بنيامين للعمل في حمل توابيت الموتى بالطريقة المعتادة، في عام 2003 أثناء الدراسة، ليتمكن من توفير مصاريف الدراسة، وقرر أن يبدأ بهذا العمل، ولكن بعد عام بدأ في تقديم فكرة الرقص بالتوابيت لإسعاد أهل المتوفي، ومن هنا بدأت العائلات المكلومة في معرفته ومعرفة ما يقوم به وبدورها ترشحه لعائلات أخرى، كما قال لـ «صدى البلد».

شارك في تقديم العديد من الجنازات بطريقته المميزة، حتى تم إذاعة مقطع فيديو له على التليفزيون، ازداد الدخل وبدأ في التوسع وتوظيف المزيد من الشباب في المجموعة، حتى وصل إلى 100 عضو بالمجموعة، 95 رجل و5 سيدات.

طقوس إسعاد عائلة المتوفي
يحمل الفريق، التابوت ويسيرون به بالطريقة المعتادة في بداية الجنازة، وفي وقت معين يبدأون الرقص على الموسيقى لجعل أهل المتوفي سعداء، يمحون الحزن من على وجوههم بحركاتهم المميزة وملابسهم البيضاء، ويعتبر بنيامين أنه يجب الاحتفال بالموتى في جميع أنحاء العالم بدلا من الحداد والنحيب على وفاتهم.

يعد تحويل الفكرة النمطية عن الجنازات وتوديع الميت إلى مثواه، هو الهدف الأساسي لتأسيسه فرقته الفريدة من نوعها، بهدف تغيير الفكرة السائدة لدى الناس عن الجنازات، حتى وصلت شعبيته إلى 90% من شعب غانا، "إنهم يحبون ما أقدمه" كما قال لـ «صدى البلد».

طرق تشييع الجنازات 
ما يميز الفرقة هو أن لكل ميت ما يميزه في اللحظات الأخيرة له على سطح الأرض، حيث تختلف طريقة تشييع الجنازة من شخص لآخر، على حسب سن المتوفي ومنطقته، خاصة أنه هناك ثقافات مختلفة في كل إقليم في غانا، وعلى حسب ثقافة أهل المتوفي ومعتقداتهم يتم تصميم عرض الجنازة، وتختلف الطريقة التي يرقصون بها والأغاني بحسب التقاليد، والسن أيضا يعد عاملا فارقا.

ويقول بنيامين لـ «صدى البلد» : "إذا كان المتوفي عجوزًا نحدد كيف سنرقص والصورة التي سنقدمها، وإذا كان الشخص شابًا نرقص أيضا بطريقة معينة، وكذلك مهنة المتوفي، إذا كان موسيقيا أم لا، ووفقا لمعتقدات الشخص والمعلومات التي يجمعها الفريق عنه يؤدي الفريق رقصة الجنازة المميزة.

جنازات السيدات
الجنازة تختلف أيضا بحسب نوع المتوفي، غذا كانت امرأة يوجد أغنيات مخصصة للنساء، وفي معظم الأحيان يرقص الفريق على أغاني، وفي أحيان أخرى لا يستخدمون الموسيقى، أحيانا تكون هناك فرقة نحاسية أو فرقة حاضرة للغناء، حيث يتوقف الأمر على اختيار عئلة المتوفاة لأغنية معينة أوصت بغناءها في جنازتها أو إذا كانت تفضل فنانا أو موسيقى ما، وفي أحيان أخرى لا تختار العائلة أغنية ويتولى الفريق مهمة اختيار أغنية.

النساء في غانا جميلات جدا بل فاتنات، وفي غانا تعد المرأة مقدسة، ويقول بنيامين عنهن : "نحتفي بالأمهات كثيرا، لأننا نعتبر الأمهات هن أفئدتنا"، ويتم اختيار أغنية "سويت ماذر" في جنازة الامهات لأن كلماتها وإيقاعها مناسب، وعندما يرقصون على كلماتها يكون الحضور سعداء، وتقول الأغنية في البداية: "أمي الجميلة..أنا لن ننساكي أبدا، ستظلين في قلوبنا حتى وإن رحلتي"، ويردد الحضور نعم سنذكرها دائما حتى وإن رحلت.

تابوت بشكل مهنة المتوفي
يعد التابوت جزءا هاما من الاحتال بجنازة الميت في غانا، حيث يصنع التابوت خصيصا للميت ليخبر الجميع بما عاش عليه الميت، وهناك العديد من أشكال التوابيت المميزة، إذا كان المتوفي سائقا قد تختار عائلته أن تصنع له تابوتًا مزخرفًا على شكل سيارة، وإذا كان مزارعًا ربما يصنع له تابوت على شكل منجل أو حبة كاكاو.

 وإذا كان سكَيرًا قد تختار عائلته أن تصنع له تابوتًا على شكل زجاجة جعة، وإذا كان معلما، قد يكون تابوته على شكل قلم جاف، وإن كان مطربًا يكون على شكل ميكروفون، وترقص الفرقة بالعديد من التوابيت المزخرفة، التي تخبر الجميع بمهنة الشخص أو ما الذي قضى سنوات عمره في ممارسته، ويتوقف تنفيذ التابوت مزخرفا أو تقليديا على حسب طلب العائلة، لتبدا مرحلة التدريب على التابوت المختار، ودائما ما يتدربون يومي الثلاثاء والأربعاء.

احتراف بلا منافس
المجال الغريب الذي اختاره بنيامين للتخصص فيه، ليصبح «حانوتي مودرن» ما زال غير منتشرا، فحتى الآن هو الوحيد في غانا للجنازات الراقصة، "نحن محترفون وليس لدينا منافس حتى الآن، ولا أحد ينافسني لأنني أتحرى الدقة في عملي للحفاظ على الاستمرارية" كما يقول بنيامين.

كورونا وكوميكس الرقص بالتابوت
جائحة كورونا التي داهمت العالم على مدار الشهور الماضية، وجعلت ملايين الأشخاص حول العالم حبيسي المنزل، جعلتهم يتعاملون مع الأمر بطريقة مضحكة، حيث أعاد رواد مواقع التواصل الإجتماعي البحث وإعادة نشر مقاطع فيديو لـ بنيامين حاملا التابوت وهو يرقص، بأن هذا هو مصير كل من سيخرج من المنزل.

وصل الأمر إلى بنيامين ليتعامل بدوره مع الموقف بنفس الطريقة التي اتبعها طوال حياته "لا خوف ولا حزن" وأطلق شعار "ابق في المنزل أو سترقص معنا"، ويقول لـ «صدى البلد» أنه ان في قمة السعادة بعد تداول مقاطع الفيديو الخاصة به وصوره لسببين، أولهما مساهمته بطريقة غير مباشرة في تحذير الجميع بضرورة البقاء في المنزل خلال الجائحة.

والسبب الثاني أنه نال شهرة عابرة للقارات، "اصبحت عالميا الآن"، وأحدث هذا الأمر نقلة في عمله الذي ينفذه بمنتهى الالتزام والشغف، ويقول: "يوما بعد يوم، سيعرف الكثير ما أقوم به، الأمر لا يتعلق بالمال، بل بالشغف"، ويعتبر هذا الانتشار رسالة للنجاح خاصة أن عائلته عارضت عمله في البداية، ولم يرغبوا في عمله بهذه المهنة، لم يتقبلوا أن يرقص خلف ميت.

أصر بنيامين على ممارسته هذا العمل رغم عدم موافقتهم، لأنه على حد وصفه يعرف ما يريد ويفعل ما هو شغوف به، ولسبب آخر هو رغبته في توقف الناس عن الحداد على الموتى، ويحتفوا بهم بدلا من ذلك، "لماذا تحزن عندما أرحل، احتفل بي، وفي كل جيل، يكون هناك شخص ما يأتي للعالم ويغير المفاهيم الراكدة لكل شئ، وأنا سعيد أن أكون أحد هؤلاء الأشخاص، وأغير عقلية الناس تجاه الموتى".

انتابت بنيامين السعادة، بأنه جعل خوف الناس يتحول إلى سعادة، واستخدموا مقاطع الفيديو الخاصة به في عدة طرق، وصنعوا ملابس وقمصان والكثير من الأشياء، أما بالنسبة للشعار فيرى أنه رمز للموت وأحيانا يحتاج الناس إلى تخويفهم بأن الوباء ما زال موجودا.

حلم زيارة مصر
حصد بنيامين شعبية كاسحة في مصر، بعد تداول مقاطع الفيديو الخاصة به، ويقول أنه يتمنى وفرقته زيارة مصر، متمنيا توجيه دعوة رسمية من مصر ليحضر برفقة فرقته وتقديم العروض، لتأتي ضمن العروض الذي سيقمها في إسبانيا، البرازيل، الأرجنتين، وذلك قبل المخاطر المحتملة لموجة كورونا الثانية.

ربما لم يعلم الطقوس الجنائزية في مصر حتى الآن التي ترتبط بارتداء الملابس السمراء والحزن، ولكن الغريب أنه يتمنى إنشاء فرع لفرقته في مصر ليجعل المصريين سعداء، ويساهم في الحد من البطالة، "نسب البطالة مرتفعة في كل البلاد".
 
ويوجه رسالة للمصريين قائلا: "أحبكم جميعا يا مصريين، كورونا لا يزال موجودًا، لذا عليكم أن تبقوا آمنين، يجب أن تحرصوا على ارتداء الكمامة أينما ذهبتم، واستخدموا المطهرات، اغسلوا أيديكم باستمرار بالماء والصابون، كونوا آمنين دائمًا، التباعد الاجتماعي مهم للغاية، وإلا فنحن موجودون، ولايزال بإمكاننا أن نأتي ونرقص معهم".

عادات غريبة 
تتميز غانا بالعديد من العادات الغريبة، كالأزياء المتنوعة غير التقليدية، والثقافات التي تختلف باختلاف الأقاليم، والمهرجانات المستمرة على مدار العام، والإجازات التي يستغلها شعب غانا في الاحتفال والاستجمام، والذهاب إلى  الشواطئ، وكثيرا ما يتجمع الاجانب مع شعب غانا خلال هذه الاحتفالات.

الجنازات الراقصة خلال جائحة كورونا
تأثر عمل بنيامين للجنازات الراقصة خلال جائحة كورونا، لأن جنازات الموتى لم تكن في حضور الكثير من أقاربه، وكذلك كانت ذات وقت محدد، لتصبح الجنازة مملة وتقليدية، وكان في السبق يقدم من 7 إلى 8 جنازات أسبوعيا ولكن بسبب الوباء قدم جنازتين فقط أسبوعيا.

تراجع الطلب على فرقته أثر على نفسيته وجعله يشعر بالاستياء، "عملية الدفن بدون حضور، لا حاجة للرقص، فقط يتم نقل الجثمان من أمام الراهب مباشرة إلى المقبرة، العمل يستغرق وقتا ومالا أقل"، ولكن في الوقت نفسه شعر بالسعادة والحب الذي حظى به من الخارج، بعد تداول مقطع الفيديو الخاص به خلال الجائحة جعله يشعر بالسعادة، واستغل فترة فراغه لإجراء الحوارات الصحفية.