الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دعاء الجهينى تكتب: تضارب المصالح وتضارب الالتزام

صدى البلد

استكمالًا لما تم عرضه في سلسلة المقالات السابقة حول تضارب المصالح Conflict of Interest وتضارب المهام conflict of Duties، يقدم المقال التالي نمطًا جديدًا للتضارب يطلق عليه "تضارب الالتزام" COC conflict of commitment، حيث يعكس الأخير ارتباط الموظف بوظائف أخرى أو أنشطة مهنية خارج المنظمة سواء مدفوعة الأجر أو حتى تلك التي تكون بدون أجر.


وترتبط هذه المهام أو الأنشطة بعامل "الالتزام بالوقت"، وهو ما قد يؤدي إلى تداخل هذه الوظائف مع بعضها البعض محدثة تقصير في الالتزام بتأدية المهمة الرسمية المكلف بها الموظف أو الوفاء بالتزاماته تجاه المنظمة التي يعمل بها.


وقد أرست الخبرات الدولية الأجنبية قواعد لتنظيم جميع أنواع التضاربات التي تظهر في مجال عمل الموظف أو المسئول في القطاعات المختلفة، حتى ذلك النوع المتعلق بـ"تضارب الالتزام" COC وهو أقل أنواع التضاربات خطورة وضررًا، لأنه لا يرتبط بالمصالح الخاصة، ولا ينتج عنه جريمة تستدعي عقاب الشخص الذي يقع بها، الأمر فقط متعلق بالتزامه بوقت المهمة الأساسية في المنظمة، ولا يُقبل التقصير في تأديتها بسبب تعذره في حضور الوقت الكامل لمهمته الرسمية أو تغيبه عن عمله المكلف به، بسبب وجود نشاط خارجي أدى إلى التضارب في التزامه بين هذا النشاط وبين الوظيفة الموكلة إليه.


ومن الأمثلة الشائعة على ذلك، قيام أستاذ الجامعة بأنشطة خارجية ترتبط بتقديم استشارات لوزارة التعليم العالي، وفقًا لخبرته أو تخصصه في مجال ما، الأمر الذي يستدعي منه الالتزام بحضور مناقشات وجلسات الوزارة، مما أدى إلى تغيبه عن بعض المحاضرات التي يقدمها للطلبة.


وفي هذا المثال، يتضح أن النشاط الخارجي المكلف به أستاذ الجامعة يصب في مصلحة عمل الجامعة التي يعمل بها، وكلا المهمتين تحققان قدرًا كبيرًا من الأهمية تعود بالنفع على مصلحة الطالب في النهاية، إلا أن الشخص يكون في موضع تضارب بين التزاماته، وهو ما يتطلب منه ضرورة الافصاح للإدارة المعنية في الجامعة بتنظيم مثل هذه الوضعيات، حيث يقوم المنظم بالإجابة عن عدد من التساؤلات تتمثل في التالي: هل اتخذ عضو هيئة التدريس إجراءات مناسبة للقيام بتأدية مسئولياته في الجامعة أثناء غيابه؟ هل شارك عضو هيئة التدريس في "أنشطة مهنية خارجية" خلال سنة التعيين الحالية بما يزيد على 9 أيام عملا لكل فصل دراسي؟ هل سيضيف النشاط المهني الخارجي الذي يشارك فيه في تطوير مهارات عضو هيئة التدريس في الجامعة؟ هل الاشتراك في النشاط يضر أو يحتمل أن يضر بالجامعة؟ هل عضو هيئة التدريس في وضع جيد ومستوفى لمعايير الأداء المتوقعة؟ هل يمثل النشاط تضاربًا محتملًا في المصالح؟


وفي هذا السياق، يتضح أن مجالات تنظيم التضارب يحتم أن تكون وقتيه، فور افصاح الموظف أو الشخص في المنظمة، للنظر بها بشكل موضوعي، بعد الرجوع إلى القواعد والتوجيهات العامة، وتحديد مدى مقبوليتها أو عدم مقبوليتها. وقصارى القول، أن عالم تحليل سلوكيات الموظفين في المنظمات، مليء بالمواقف والأحداث والتضاربات متعددة الأنماط والأوجه، والتي يستوجب منا حتمية تأملها ورصدها ودراستها لضمان تحقيق الأداء الفعال للمنظمة تجاه المنتفعين منها.