الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أردوغان يُصلي وراء خامنئي


لا أحد يعلم بالضبط متى نشطت فكرة التوسع والهيمنة في عقل أردوغان. لقد كان مدنيًا ويحاول أن يلتحق بالاتحاد الأوروبي وكانوا يعتبرونه من حراس أوروبا الشرقيين في مواجهة روسيا. وقدم الناتو القوية في هذه المنطقة، لكنه فجأة عاد إلى أصوله الاستبدادية وإلى الخرافة العثمانية فاستبدت به فكرة استعادة أملاك الدولة العثمانية من جديد.

هكذا تجمع كافة التحليلات الأوروبية على شيطان التوسع، الذي ركب أردوغان ودفعه خلال الخمس سنوات الأخيرة ليدمر الاستراتيجية التركية المعهودة في الرغبة في الانضمام الى الاتحاد الأوروبي، فيغير بوصلته ويركب القطار الفارسي، ويعمل على احتلال شمال سوريا ويهز استقرار شمال العراق ويحتل ليبيا ويلعب ألعابًا خفية في اليمن. 

حتى اللحظة دفع أردوغان ثمنا فادحا لهذه المغامرات المشؤومة وبالخصوص من الاقتصاد التركي، الذي ركب هو الآخر قطار الانهيار السريع وفق مختلف المؤسسات الدولية وعلى يديه تسجل الليرة التركية انهيارا يوما بعد الآخر.

ما يعرف في الأوساط التركية أن أردوغان وإزاء مشاكل حكم لا تنتهي في تركيا، وبالذات بعد مؤامرة الانقلاب المزعوم عليه قبل عدة سنوات، أجمع أمره على أن تكون تركيا هى إيران 2.

ولو كان عاقلا وفق ملايين الأتراك الناقمين على سياسته، لوجد أن سكة إيران مليئة بالدم والفوضى والإرهاب والعقوبات والعزلة العالمية وهى سكة لايجب أن يقلدها أو يسير في ركابها.

فإيران ورغم أنها دولة نفطية كبيرة ومليئة بالثروات، إلا أن النزعة التوسعية الاستعمارية لثورتها المشؤومة عام 1979 كلفت الشعب الإيراني الكثير. وليست هناك جنة إيرانية على الأرض ومظاهرات الاحتجاج على الخراب والدمار متوالية ومتكررة في إيران على مدار السنوات الماضية آخرها احتجاجات نوفمبر 2019 التي قتل فيها 1500 محتج إيراني وفق تقرير وزارة الخارجية الأمريكية.

أردوغان بدل الحلم الأوروبي الذي تعيش عليه أنقرة منذ عقود بالانضمام للاتحاد الأوروبي، بعدما قرر الوالي العثماني أن يرتد على أدباره ثانية ويجدد حلم الخلافة الأغبر.

وكما سارت إيران أو سار مرشدها الأكبر خامنئي، بتشكيل ميليشيات مسلحة تأتمر بأمره في العراق ولبنان وسوريا واليمن. ها هو أردوغان الذي يصلي وراء خامنئي يسير على نفس النهج وبدأ بتشكيل المرتزقة السوريين والوقوف وراءهم في ليبيا وجرب منهم الكثير من العناصر المتطرفة قبل ذلك في سوريا.

لكن ما هى الأسباب؟ وما الذي سيعود على أردوغان من وراء ذلك؟ وهو يرى طهران تتعرض لأشد العقوبات في التاريخ من جانب أمريكا بسبب سياستها؟
لا أحد يعلم، فقط عفريت استعادة الخلافة الإسلامية الذي ركبه. علاوة على أن الضعف الذي مرت ولا تزال به الكثير من الدول العربية بعد فوضى 2011 أو ما عرف بالربيع الأسود العربي هو الذي زاد مطامع أردوغان في المنطقة وهيأها لها كعكة سهلة يسهل التهامها.

ما أتوقعه أن الولايات المتحدة الأمريكية وبعد انتهائها من إيران لو فاز ترامب بولاية ثانية. فإن تركيا ستكون الهدف القادم للعقوبات الأمريكية والأوروبية معا لأن ما يفعله أردوغان يهدد مصالح الجميع، ويستعيد فترة استعمارية ماضية بشكل قمىء.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط