الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

منى زيدو تكتب: حينما يكون المثقف سطحيا

صدى البلد

أكبر مشكلة تعاني منها المجتمعات البشرية هي غياب دور المثقف الحقيقي الذي يعتبر وجدان هذه المجتمعات، والتي من اولى وظائف المثقفين القيام بدور الطليعة وتوجيه المجتمع نحو الهدف المنشود في بناء المجتمع الأخلاقي والسياسي. ومن هنا يمكن القول ان اكبر مشكلة تعاني منها مجتمعاتنا الشرق أوسطية هي غياب دور المثقفين الفعلي. إذ أن النظم الحاكمة قد اشترت ذمة هؤلاء المثقفين وحولتهم إلى جوقة للتطبيل لها والدوران في فلك تلك الانظمة والترويج لها. وبهذا فقد المثقف جوهره في توجيه المجتمع وتحول إلى آلة تخدم النظام الحاكم ضد المجتمع. 



وبالنظر إلى حالة الفوضى المنتشرة في المنطقة نرى ان المشكلة الكبرى التي نعاني منها، هي غياب دور المثقف وراح من يدعي الثورة والثورية بسرقة هذا الدور وجعل من نفسه مثقفا بالاضافة الى ثوريته. وهذا ما اوصل المجتمع إلى حالة من الضياع والتيه الفكري والعملي وأوصل المجتمع لحالة من التشتت والانقسام.



الأزمة التي استغلها من ادعي الثورة وحولها إلى سوق للربح المادي وجني المال على حساب تطلعات الشعوب والمجتمع، جعلت الطرفين يخسران ما كانا يتطلعان إليه. فمن ناحية لا المجتمع وصل لما كان يحلم به من كرامة وحرية، ولا المثقف قام بالدور المنوط به في ايصال المجتمع لحالة من التحول نحو الافضل. 



هذا ما بان بكل وضوح في سوريا والعراق وليبيا واليمن وكذلك تركيا. حيث اردوغان يقوم بكل عنصرية وعنجهية بنقل المرتزقة من دولة إلى اخرى ومن جبهة إلى اخرى، من دون ان نسمع ذاك الصوت الذي يقول له قف وكفى، من المثقفين في المنطقة. ما عدا البعض منهم والذين لا يشكلون هذا الضغط الذي يمنع اردوغان من الاستمرار في ما يقوم به من نشر للقتل والتهجير والدمار والسرقة. وما يقوم به اردوغان هذا اليوم لا يختلف البتة عما كان اجداده يقومون به بحق شعوب ومجتمعات المنطقة. هو تكرار لنفس السيناريو وبنفس الادوات من المرتزقة الذين ارتهنوا للسلاطين وباتوا بنادق مأجورة بيد من يسمون انفسهم بسلاطين العصر.



وللخروج من هذه الأزمة البنيوية والفكرية التي نعاني منها بشكل عام هو قيام المثقفين بالدور الذي يقع على عاتقهم من مسئوليات وواجبات كبيرة في توعية المجتمع والانسان من كافة النواحي، وكذلك ينبغي على المثقفين ان يكونوا طليعة حقيقية للمجتمع وأن لا يتخلفوا عن دورهم. وأهم امر هو أن لا يكونوا أبواقا للنظم الديكتاتورية والاقصائية التي لا تعترف بالآخر وكل همها هو مصالحها الأنانية. 



على مر التاريخ دائما ما كان للمثقفين دورهم الكبير في توعية الانسان وتوجيهه نحو الاهداف السامية والنبيلة وخاصة في مجال الادب والفن والثقافة والسياسة. فلا يمكن التفكير بوجود مجتمع لا يعي السياسة، لأن السياسة هي جوهر بناء اي مجتمع كان. المجتمع المجرد من السياسة لا يمكن القول عنه أنه مجتمع منتج وذي هدف محدد، بل هو مجتمع خنوع اتكالي ينتظر الفرج والرحمة من السلطات التي هي بالاساس لا يهمها أمر المجتمع وظيفتها الاساسية سرقة السياسة من المجتمع وتركه لا حول له ولا قوة.



لذلك ينبغي على المثقف ان ينزل من برجه العاجي المتقوقع داخله ويعيش حقيقة المجتمع الذي ابتعد عنه ويعمل على تلبية متطلباته الفكرية والاكاديمية في سبيل تعزيز البنية الثقافية للمجتمع والانسان. وكذلك العمل بدون كلل من أجل الوصول للمستوى المطلوب ليكون بناء المجتمع كهدف هو الاولوية والابتعاد عن المصالح الآنية والانانية التي لا تخدم سوى النفوس الضعيفة.