الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شكري شييخاني يكتب: العدالة والتنمية.. حكومة الشر

صدى البلد

 هذه الصفة نادرًا ما تجتمع بشخصية واحدة. فالكل يعرف ويعلم بأنه هناك اشخاص اذكياء وآخرون أشرار وقد قرأنا عن المعلمة الشريرة والطالب الذكي وعن الولد الذكي والجار الشرير وعن الفتاة الهندية الذكية والمقرض الشرير، وأمثلة كثيرة في حياتنا العملية وفي العلاقات الانسانية مع عدم نكران وجودها كما اسلفت في داخل كل نفس إنسانية. وتختلف قوة تأثير هذه الصفة (صفة الذكاء الشرير) ما بين الانسان كفرد وبين الجماعة كمنظمة أو دولة أو حزب، والمتتبع أو المهتم والمحلل لسياسة حكومة العدالة والتنمية في تركيا ومنذ استلامها السلطة، يجد هذا المتابع وبدون أدنى جهد قوة الشبكة المعقدة التي نسجها هذا النظام داخليًا وإقليميًا ودوليًا. 


وهو هنا يجسد فكرة الذكاء الشرير الموجود عند الجميع ولكن بنسب متفاوتة تمامًا بل ومن الأفضل أن لا يتم استعمالها.... ولكن في مثالنا هنا اجتمعت هذه الصفة في الفرد والحكومة والحزب وبقوة، بل وتمت أدلجة عدد كبير من السياسيين واعضاء البرلمان بهذه الصفة التعيسة على حاملها وعلى من حولها. وأيضا جدير بالذكر أن حامل هذه الصفة لا يمكننا التنبؤ بما سيفعله أثناء الحديث أو على مأدبة طعام، وحتى وإن كان بين يدي الله يؤدي الصلاة. لان صفة الشر تأخذ كل حواسه وينفذ ما يدور فقط برأسه متجاهلًا كل الاعتبارات الانسانية والأخلاقية.


البعض يطلق على هذه النماذج باللعب على كل الحبال وخلق المشاكل واثارة الحروب أو افتعالها مع ادراكه العميق بالنتائج الكارثية لهذه الاعمال الارهابية والاجرامية. اعود للقول بأن حزب العدالة والتنمية مجتمعًا ومنفردًا هو مدان بهذه الصفة لأنهم يبصمون ويوافقون على كل مشاريع الشرير الذكي.


فداخليًا اعتمدت حكومة العدالة والتنمية منهاج مواصلة العنف والقمع والقهر والاعتقال والسجن لكل من يقول أنا كردي أو من يقول أنا صديق للكرد أو يصرح عن تضامنه مع الكرد، ومستعدة تلك الحكومة أن تقتل وتعتقل 23 مليون كدري يعيشون في مدنهم وقراهم إذا هم طالبوا بأبسط حقوقهم الإنسانية. لذلك صدق من قال إن تركيا باتت سجنًا كبيرًا ولا يقتصر الأمر عند الكرد فقط، بل امتد اسلوب القمع والقهر والابعاد عن الوظائف لكل من ينتقد سياسة حكومة العدالة والتنمية الى أبناء القومية التركية من مثقفين وسياسيين وعناصر وضباط في الجيش والامن، أي عملية انتقاد تعني وراءها الاعتقال فورًا. ولم تفاجئنا التسمية بكلمة العدالة فالكثير من الاحزاب تحمل اسماء ليست لها أية علاقة بمضمون المنهاج المعمول به في الداخل الحكومي او الحزبي ولا يوجد أو توجد أي مناسبة لالتقاء الشر بالعدالة بل ومن المستحيل. واقليميًا اصبح لهذا النظام الشرير هدفًا دائمًا يسعى اليه وهو التدخل في الشؤون الداخلية لكل جيرانه عربًا وكردًا واوروبيون لا فرق عنده، المهم أن يتحقق الحلم الامبراطوري العثماني. فنرى حكومة العدالة والتنمية تعطي الاوامر بقصف شمال ووسط العراق ويرسل مئات الدبابات والعربات العسكرية الى شمال وشرق سوريا عدا عن التدخل العميق في المشكلة السورية منذ 2007 واليد الطولى في تخريب البلد السوري.


ولا تنسى هذه الحكومة التحرش صباحًا ومساء بقبرص واليونان ومصر بحجة النفط والغاز والثروات المائية وامتد تحرشها الى ما وراء البحار الى ليبيا وأرمينيا، ناهيك عن مشاكل الحدود مع بلغاريا هذا من الناحية الاقليمية مع الجوار. لذلك من الخطأ تمامًا تحميل كل هذا الى شخص شرير واحد بل هي مجموعة اشرار متكاملة الحوامل في التخطيط والمتابعة والتنفيذ. أما عن اسلوب اللعب مع الكبار وبلورة وتلميع هذا الدور جاء مع البدايات الاولى لما يسمى بالربيع العربي. حيث استغلت هذه الجارة اغلب ملفات هذه الدول وعبثت بها الى اخر الحدود تحت سمع ونظر ودعم العالم اجمعه. ولعودة شرطي المنطقة أو مختار الحي ولم تتعلم أمم العالم واوروبا على وجه الخصوص من سجلات التاريخ، بأن الطفل المدلل سيأتي يوم وينقلب الى شرير فاسد يحرق الاخضر واليابس كأي لعبة يلعب بها ثم يقذفها. فكانت كل الأعمال والتصريحات لهذه الحكومة تعطي اشارات واضحة بان الرجل المريض 1914 يريد ان يتغذى ويتقوى ويستعيد أمجاده في الجلالة العثمانية وعينه على روما مثلما عينه على ناكورنو كارباخ وقبرص وسوريا والموصل وسواكن. ولا اعلم اذا كان هذا العالم سيفيق من غفوته ويرى حكومة العدالة والتنمية ليست إلا حكومة نازية شريرة مستعدة ان تدوس على كل القيم والاخلاق وعلاقات الجوار في سبيل الوصول الى الاهداف والغايات التي رسمتها وتريد تنفيذها. وقد تسفر التحقيقات التي جرت بفرنسا عن اصابع تركية خفية وراء الفوضى الممنهجة والتي استهدفت فرنسا كمرحلة اولى ومن ثم الانطلاق الى كل القارة الاوروبية. 
وإن غدًا لناظره قريب.