الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حوار| وعود «عنبة» ذهبت مع الريح.. ماذا قدمت الحكومة لـ قطاع الطيران الخاص خلال أزمة كورونا؟ كثير من المطالبات وقليل ما جادت به طاولة وزير الطيران

يسري عبدالوهاب  ومحررة
يسري عبدالوهاب ومحررة صدى البلد

قرب عام من الوعود ويبقى وضع شركات الطيران المصرية الخاصة على حاله، يعاني الأزمات ويئن تحت وطأة الالتزامات وحيدًا دون أن يجد من يستمع إليه، فكل المناشدات الحكومية قد فشلت وكل الحلول المطروحة الممكنة لم تخرج للنور بعد، لتمسك بيد هذا القطاع وتسحبه من ظُلمة تبعات أزمة الجائحة الوبائية فتمسح عن كاهله بعض من هذه الأعباء.


توقف الطيران وعاد ولا شيء تغير، حتى منفس رحلات العالقين الموجودة سابقًا، قد أغلق الآن وبات السكون سيد المرحلة بعد غلق أبواب التداول والمناقشات لإيجاد حلول للأزمة والتفاوض سواء حول شروط القروض المساندة التي وجه الرئيس عبد السيسي بتوفيرها لدعم الطيران في أزمته، ولم ينل القطاع الخاص نصيب منها بسبب قيود الصرف المحجفة التي وضعتها البنوك، أو حتى السماح من سلطة الطيران المدني بفك وثاقه بإطلاق الرحلات الجوية إلى الوجهات المحررة بعد قيد الغلق.


خلال الشهور الماضية لم تستطيع شركات الطيران المصرية الخاصة، والتي تستحوذ على نحو 35% من نقل الركاب بمصر، الوصول إلى حلٍ جذري لأزمتهم مع وزارة الطيران المدني، فلقاء واحد من وزير الطيران محمد منار عنبه، مع بداية الأزمة لم يكن كافيًا لحل أزمة 14 شركة طيران مصرية، باتت مهددة بالإفلاس وأصبح وضع عامليها البالغ عددهم قرابة عشرة آلاف فنيًا على المحك.


فما بين تاريخ كتابة سطور هذا الحوار وما سبقه حول نفس الأزمة قبل نحو 6 أشهر، لا يوجد جديد يذكر سوى أن الأوضاع تزداد سوءًا أكثر.

الحماس الحكومي الذي خلقته الأزمة في بدايتها يبدو أنه قد خفت قليلًا، أو أن وزارة الطيران المدني قد رفعت يديها عن ملف الشركات الخاصة، رغم التوجيه الرئاسي، هذا ما فسره يسري عبد الوهاب، رئيس الاتحاد المصرى للنقل الجوى السابق والعضو المنتدب لإحدى شركات الطيران المصرية الخاصة، في حواره مع "صدى البلد".


وقال إن الرئيس السيسي وجه بدعم القطاع الخاص بالطيران، ولكن التنفيذ لهذا التوجيه كان مختلفًا تمامًا، فـوزارة الطيران المدني اجتزأت هذه التوجيهات في الوقوف بجانب الشركة الحكومية فقط، ولم تنظر أو تحاول تقريب وجهات النظر بين القطاع الخاص والوزراء المعنين ولم تقم أيضًا بالمطالبة بالوقوف إلى جانبها مما جعلها تترنح.


مُلخص طلبات هذه الشركات هو وقوف الدولة المصرية إلى جانبها وهو ما استمع إليه الرئيس السيسي، حتى وصل الأمر إلى التنفيذ بيد وزارة الطيران، وجدنا أن هناك محاباة وتفضيل لصالح شركات بعينها، وجاءت أيضًا من بعدها سلطة الطيران المدني المصرية تحابي شركات أجنبية دون النظر إلى أوضاع الشركات المصرية، وأوضحنا هذا في خطابات تم رفعها إلى الوزير منار عنبه ولم نتلق عليها أي رد.. هذا ما قاله يسري عبد الوهاب.


محاولة لإنقاذ ما تبقى من الشركات
"يبدو أن وزير الطيران لا يعلم شيئًا عن منظومة القطاع الخاص، وأنه يعمل فقط لصالح شركة واحدة دون النظر لباقي الشركات المصرية".. هذا ما قاله، موضحًا: "تقدمنا بشكوى لجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية حيال هذه الأمور وهناك تحقيق مستمر فيما تقدمنا به، تمهيدًا لرفع نتائجه إلى رئاسة الوزراء، حيث إن ممارسات وزارة الطيران تجاهنا خلال الأزمة التي تعيشها الصناعة تتعارض مع قانون المنافسة الحرة وتوجيهات الرئيس بالدعم أيضًا لهذه الفئة".


وأضاف رئيس الاتحاد المصري للنقل الجوي، أن صناعة الطيران عملية تجارية وجميع الشركات المصرية أسست طبقًا للقوانين ولم تخرج عن النطاق الذي أتاحه القانون من واجبات والتزامات، فضلا عن أن قانون الطيران المصري لم يفرض أي احتكار لصالح أي شركة، مستشهدًا بطلبه الذي قُبل بالرفض من سلطة الطيران بشأن تشغيل رحلة يومية إلى مدينة الرياض ذات سياسة السموات المفتوحة مع مصر ولا تحددها عدد رحلات جوية معينة، - وهو العضو المنتدب لإحدى شركات الطيران المصرية الخاصة، - في حين أنه تم السماح لشركة أجنبية بذلك ولم يسمح للشركة الخاصة المصرية.


واستنكر قائلا: "مكسب الشركات الأجنبية يذهب إلى دولهم وإنما المصرية تضع الضرائب في الدولة، لذا أمامنا علامات استفهام كبيرة، لماذا أخذ حقوق الشركات المصرية المسلوبة منها، فمن الأولى من سلطة الطيران الحالية الوقوف جانب الشركات المصرية وحل أزمتها، لذلك نعيد المطالبة بتشغيل رحلات إلى الوجهات الدولية المسموحة لإنقاذ ما تبقى من الشركات".


الدراسة بكره.. والتشغيل تحت الطلب
وتابع: "اجتمعنا مع رئيس السلطة الحالي وتقدمنا بخريطة تشغيل قبل عدة أشهر وما زلنا ننتظر الرد بانتهاء الدراسات حول الوضع، رغم أنه في جميع دول العالم الدراسات لا تتجاوز 48 ساعة حتى تحصل على طلب تشغيل الخط، لتبدأ بعدها الشركة في التنسيق مع سلطات الطيران بين البلدين، فضلا عن أنه لدينا موافقات للطيران لبعض الوجهات بأفريقيا ولم تنفذ وتقدمنا بشكوى إلى السلطة لمعرفة السبب ولا يوجد إجابات سوى المجاملة لصالح شركات أخرى بغرض حمايتها، فضلا عن أنه خاطبنا وزير الطيران، أكثر من مرة لحل هذه الأزمات ولم نتلق رد".


وبسؤاله عن الوضع الحالي لـ الشركات، اختزل الحديث قائلا: "الخسائر بالمليارات وهناك شركات مصرية خاصة خرجت من السوق ولم يعد لها وجود، وهو ما يعد خسارة للاقتصاد المصري، لأن عمالة الطيران عمالة فنية مدربة يصعب تعويضها حتى الإداريين منهم متخصصون، وما تبقى الآن من هذه الشركات البالغ عددهم 14 شركة مصرية يعاني الصعوبة. العديد لجأ إلى تسريح العمالة والأخر خفض رواتب، هكذا الحال لـ 10 آلاف عامل بهذه الشركات".


وزير الطيران وعوده "دخان"
لذا نطالب رئيس الوزراء بضرورة الاجتماع مع أصحاب شركات الطيران المصرية الخاصة للبحث عن حلول إيجابية نستعوض عنها الفترات الماضية.


وأكد رئيس الاتحاد المصري للنقل الجوي السابق، قائلا: "لدينا الكثير من الحلول تصب في صالح الموظف والمواطن أيضا، بقاء هذه الشركات أكبر ضامن لأي جهة"، فضلا عن أن باب الاستثمار في هذه الشركات مفتوح أمام الحكومة، فبعض الشركات لديها الاستعداد لذلك من أجل تسيير أوضاعها.


وتابع: "رئيس الوزراء يستطيع حل أزمة القطاع الخاص بالطيران في جلسة واحدة، ولكن يجب أن يلتقى بهم ويستمع إلى مطالبهم المشروعة.. "احنا طلبنا تدخل رئيس الوزراء لأن وعود وزير الطيران دخان، وكل القطاعات في الدولة تم الاستماع إليها ما عدا الطيران، وهناك بعض من يعملون في الطيران يظهرون الأوضاع للحكومة بغير حقيقتها، فالطيران صناعة متخصصة ويجب أن تحال إلى لجان اقتصادية واعية تمنع الاحتكار، فعندما يمنع الاحتكار سنجد انتعاشا كبيرا في الاقتصاد المصري ككل".


وبالتطرق حول نصيب الشركات الخاصة من المبادرات الحكومية التي طرحت منذ عودة الطيران حتى الآن، بالإضافة إلى الدعم التمويلي أيضا الذي وجه به الرئيس السيسي، جاء رده قائلا: "المبادرات سمعنا عنها من الإعلام فقط والوزير اختزلها لصالح شركات بعينها، أما عن الدعم التمويلي البنوك رفضت إقراض الشركات الخاصة، ووضعت شروطا مجحفة بتوجيه 85% من هذه القروض للرواتب و15% للتشغيل، وهو أمر غير منطقي ولا يكفي بالنظر إلى التكلفة التشغيلية العالية للطيران، وطالبنا بتدخل الوزير للتدخل ولكنه لم يجب، في الوقت نفسه نجد وزير السياحة يتدخل للقطاع الخاص وتم حل أزماتهم وتعديل شروط الإقراض الموضوعة لهم بدعم الدولة".
 

أصحاب الطائرات تطارد الشركات لدفع الإيجار
عاد الطيران وفتحت العديد من مطارات العالم أبوابها، حجم تشغيل القطاع الخاص المصري، خلال منذ تاريخ العودة في يوليو الماضي، أوضح عبد الوهاب، قائلا: "شغالين طبقاُ لما تجود به الدول، والطيران الداخلي حركته موسمية"، فحجم التشغيل لم يتجاوز 20% للشركات الطيران المصرية الخاصة في الوقت الذي تتراكم عليها مديونيات وقود وصيانة وتأجير طائرات، فالشركات أصبحت مطاردة لا تستطيع أن تفي ديون الإيجار وهو مؤلم لأصحاب الطائرات، حيث أن القطاع الخاص يمتلك قرابة 45 طائرة الغالبية العظمى منه بنظام التأجير".


وعند سؤاله: "إذا كانت جميع النواحي تأثرت بالأزمة، فماذا عن أوضاع التدريب للعمالة؟"، أكد التزام الشركات بالتدريب، حيث إنه لا مجال للتلاعب في ذلك وسلطة الطيران لا تسمح بأي تخاذل في هذا الشأن.


"إدفع عشان تطير"
وحول الدعم الحكومي للشركات، فيما يخص الإيواء والهبوط وتخفيض الوقوع أيضا وغيره من الأمور، اعتبر الإيواء أقل جزء بالنسبة لالتزامات الشركات، والوقود مرتبط بسعر عالمي ليس له علاقة بقرارات داخلية، ولا يوجد لديهم كـ قطاع خاص إمكانية تأجيل السداد في ظل الظروف الحالية، قائلًا: "احنا لو مادفعناش مش هنطير".


وأضاف: "الدولة كانت على قدر المسئولية خلال أزمة كورونا على جميع المستويات بتوجيهات الرئيس السيسي، ولكن الطيران المصري بصفة عامة والقطاع الخاص منه بصفة خاصة، كان يحتاج أكثر من ذلك. إذا كانت السياحة هي قاطرة التنمية فالطيران القاطرة الأولى، فصناعة الطيران في مصر تحتاج إلى إعادة هيكلة ويجب أن ننسى موضوع النظر إلى شركة واحدة على حساب باقي الشركات، وهو الأمر الذي خلق فجوة كبيرة في الصناعة بين القطاع الحكومي والخاص"، موضحًا أن القطاع الخاص أكثر مرونة ودائمًا سباق في طرح مبادرات الشراكة مع القطاع الحكومي لدفع عجلة الطيران المصري بشكل أفضل ولكن هناك أيد خفية تعرقل الأمور.


"فرص سياحة ضائعة"
وخلال أزمة كورونا، كان يجب على وزارات السياحة والطيران والصحة، غزو الدول التي فتحت أجواءها وتصدر سياحة لمصر ويتم دعوة أصحاب الشركات من منظمي السياحة بها واستعراض ما تبذله الدولة من جهود، لتكون إشارة ضوء أخضر لدعوة العالم لزيارة مصر وهو مطمئن، حسبما قال العضو المنتدب لإحدى شركات الطيران المصرية.


وأضاف: "مصر تتوسط العالم فلابد من الاستغلال الأمثل للموقع الخغرافي المتميز لها في صناعة الطيران بتشغيل المطارات بكفاءات وآليات لجذب حركة أكبر، فهناك بعض الدول تسمح للشركات بالهبوط في مطاراتها بدون مقابل والبعض الآخر تلغي ضريبة الوقود لتخفيف الأعباء، كثيرا من السياحة العالمية تضيع بسبب القيود والأعباء، لذا يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة دون محاباة لشركات على حساب الأخرى، وفتح المنافسة العادلة والصحية لوضع السوق الطبيعية، فالدول لا تحابي شركة حكومية أو خاصة الاثنين أمام الدستور والقانون كلاهما سواء".