معتز الخصوصي يكتب: تعويم السفينة الجانحة.. وإرادة المصريين الفولاذية

أعلنت هيئة قناة السويس اليوم عن نجاحها في تعويم سفينة الحاويات البنمية العملاقة EVER GIVEN والتي جنحت بالكيلومتر ١٥١ ترقيم القناة، خلال عبورها لقناة السويس، واستئناف حركة الملاحة بالقناة ، لكى تكتب هيئة قناة السويس والعاملون فيها إنجازا جديدا يضاف إلى إنجازاتهم فى هذه الهيئة الاقتصادية العالمية التى تحدت كل الظروف واستطاعت أن تنجح فى تعويم السفينة البنمية الجانحة بنجاح، حيث لم يأتِ ذلك من فراغ ولكن من خلال عمل شاق وجهد كبير لكل العاملين فى هذه الهيئة الناجحة التى تمر منها كل سفن العالم.

الجانب الإيجابى فى تعويم السفينة البنمية بهيئة قناة السويس أنها أثبتت مدى إرادة وصلابة المصريين فى المرور من هذه الأزمة سريعا ، وهذا ليس بأمر جديد على المصريين الذى نحتوا فى الصخر لبناء قناة السويس فى عهد الخديوى محمد سعيد باشا بسواعد مصرية ، ثم افتتاح قناة السويس الجديدة فى عام 2015 بتوجيهات الرئيس السيسى والذى طالب بضرورة أن يتم افتتاحها خلال عام ، وبالفعل كان العاملين على مشروع قناة السويس عند العهد واستطاعوا الانتهاء من أعمال قناة السويس الجديدة لكى تكون بمثابة فخر للمصريين أمام العالم والذين يثبتون كل يوم أنهم دائما ما يتحلون بروح العزيمة والإصرار من أجل بناء مشروعهم الوطنى.

الرئيس السيسى لم يكن بمعزل عن أزمة السفينة البنمية الجانحة، ولكنه كان فى قلب الحدث ، كما عاهدنا فى كل الأزمات التى تمر بها مصر وكان آخرها حادث قطارى سوهاج بعد أن وجه بتشكيل لجنة مكونة من هيئة الرقابة الإدارية والهيئة الهندسية والكلية الفنية العسكرية للتحقيق في حادث قطاري سوهاج، حيث كتب الرئيس السيسي عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: "لقد نجح المصريون اليوم في إنهاء أزمة السفينة الجانحة بقناة السويس رغم التعقيد الفني الهائل الذي أحاط بهذه العملية من كل جانب، وبإعادة الأمور لمسارها الطبيعي، بأيد مصرية، يطمئن العالم أجمع على مسار بضائعه واحتياجاته التي يمررها هذا الشريان الملاحي المحوري".

وأضاف الرئيس السيسي عبر منشوره على فيس بوك: "إنني أتوجه بالشكر لكل مصري مخلص ساهم فنيا وعمليا في إنهاء هذه الأزمة.. لقد أثبت المصريون اليوم أنهم على قدر المسؤولية دوما".

واختتم الرئيس السيسى منشوره قائلا: "القناة التي حفروها بأجساد أجدادهم ودافعوا عن حق مصر فيها بأرواح آبائهم.. ستظل شاهدا أن الإرادة المصرية ستمضي إلى حيث يقرر المصريون.. وسلاما يا بلادي".

كلمات الرئيس السيسى تثبت أن المصريين على موعد دائما مع التحدى وأنهم لم يتعودوا فى أى وقت على أن تكسر إرادتهم ، لأنهم خلقوا لكى يصنعوا المستحيل ، ولعل أبرز دليل على ذلك حرب أكتوبر والتى راهن فيها العدو الإسرائيلى على أن المصريين لن ينجحوا فى تحطيم خط بارليف ، إلا أن المصريين أعطوا العدو الإسرائيلى درسا قاسيا حينما استطاعوا تحطيم هذا الساتر الترابى المعروف بـ "خط بارليف" بكل براعة وبأيادٍ مصرية على يد الراحل اللواء أركان حرب المهندس باقى زكى صاحب فكرة استخدام مضخات المياه لإزالة الساتر الترابى أمام خط بارليف على الضفة الشرقية من قناة السويس.

هناك جانب إيجابى أيضا فى تعويم السفينة الجانحة وهو أن مصر نجحت بكل جدارة واقتدار فى لفت أنظار العالم إليها بعد تفوق العاملين فى هيئة قناة السويس والتى تعتبر أهم مجرى ملاحى عالمى ، حيث أثبتت هيئة قناة السويس بما لا يدع مجالا للشلك أنها لديها القدرة على الإدارة ومواجهة أى تحديات مهما كان حجمها ، وذلك نظرا لثقة القيادة السياسية فى القائمين على هيئة قناة السويس برئاسة الفريق أسامة ربيع.

فى النهاية هناك عدد من الدروس المستفادة من أزمة السفينة البنمية الجانحة والتى نجحت مصر بفضل سواعد أبنائها فى تعويمها وهى أنه مهما كانت الصعاب والتحديات التى تواجهنا فى كل المواقف فعلينا ألا نستسلم مهما حدث لأن الاستسلام انهزام ، وعلينا أن نتحلى بروح المثابرة والإرادة القوية والعزيمة حتى نتخطى كل التحديات ونمر بأى أزمات نواجهها بعد ذلك بأمان ، ولا يجب أن نغفل جانبا آخر هاما جدا فى هذه الأزمة وهو أن النجاح يأتى بالنجاح المستمر طالما هناك تحدٍ وإصرار ، أما الاستسلام للهزيمة سيعود بنا للخلف وهذا ما لا نريد أن نصل إليه مهما واجهتنا التحديات فى حياتنا.