الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة: ندعو الناس إلى أن يستعينوا بالرحمة في فهم النصوص

ندعو الناس إلى أن
ندعو الناس إلى أن يستعينوا بالرحمة في فهم النصوص

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن الرحمة بدأ الله تعالى بها أول خطابه مع الناس أجمعين بـ{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، ووصف الله سبحانه وتعالى بها نبيه فقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} ليس للمسلمين ولا للسابقين ولا للاحقين بل للعالمين، وهذا كلام يجعلنا نفهم حقيقة الدين، وأن حقيقة الدين التي بدأت بها الرسالة وأصرت عليها وجعلته البداية والنهاية ووصفت مُبلِّغ هذه الرسالة بها، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ» يعني ربنا أهدى هذه الرحمة للبشرية.

 

وأضاف علي جمعة عبر صفحته الرسمية علي فييس بوك أننا لابد أن نضع على أعيننا نظارة مكوَّنة من عدستين "الرحمن الرحيم"، ما الذي نفعل بهذه النظارة؟ أول شيء وقد افتقد كثيرٌ من الناس هذا قراءة النصوص؛ فعندما أقرأ النصوص لابد أن أقرأها بنظارة الرحمن الرحيم، وليست بنظارة المنتقم الجبار، ولا بنظارة المتكبر الشديد يمكن للنص أي نص، ويمكن في اللغة بأي لغة أن نفهم النص بوجوهٍ مختلفة في اللغة حقيقة ومجاز، في اللغة مشترك، في اللغة ترادف، في اللغة أساليب فيها تقديم وتأخير حذف (وحذف ما يُعلم جائز) فيها إضافة وهكذا.

 

وتابع أننا إذا ما قرأنا أمكن أن نؤوِّل النص؛ فهل نؤوله في اتجاه الرحمة أو أن نؤوله في اتجاه مشرب التشدد والعنف؟ هذه مشكلة كبيرة نراها الآن قد تغلغلت في مجتمعنا، وتغلغلت في العالم كله، وأصبح هناك ما يحلو لنا أن نُسميهم بالمتطرفين، وكثير في الغرب يسميونه اليمين المتطرف، لكن هو مشربٌ واحد، وهو أنه نزع نظارة الرحمة في قراءته لكل شيء، وأول هذا الشيء النص الذي يقدسه، ويحترمه، ويدخل إليه، ويريد أن يجعله مرجعاً له.

فنحن ندعو الناس أجمعين إلى أن يستعينوا بالرحمة في فهم النصوص، النصوص قابلة للفهم، النصوص إذا ما سلكنا بها مسلك الرحمة لا نجد بينها وبين نصوصٍ أخرى أي تعارض، لا نجد بينها وبين الواقع أي تعارض، لا نجد بينها وبين المصالح أي تعارض، لا نجد بينها وبين فطرة الإنسان أي تعارض؛ في حين أننا لو سلكنا بها مسلك التشدد ومشرب العنف فإننا نجدها سريعاً ما اصطدمت بالواقع، سريعاً ما اصطدمت بالمصالح، مصالحي الشخصية ومصالح الناس الآخرين، والنبي ﷺ في هذا يقول: «لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ» لا تضر نفسك ولا تضر غيرك، اصطدمت بالمآل ، تصطدم بحائط سنة الله {فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً} تصطدم مع فطرة الإنسان، تصطدم مع استقرار الناس.

 

وأشار إلى أن من العجب العجاب أن كثيراً من الناس عندما يرى المتشددين يفسرون النصوص بتشددهم وعنفهم فإنهم ينكرون النصوص، وكأنها هي السبب في البلاء، والحاصل غير ذلك النصوص بريئة لأنه يمكن أن تُقرأ بالرحمة، وإذا ما قُرأت بالرحمة كان المعيب هو القارئ لا المقروء، وعندما يؤكدون أن المقروء هو الخطأ فإنهم يعطون مبرراً زائداً للمتطرفين أن يتطرفوا، وللمتشددين أن يتشددوا يقولون لهم نعم مقدَّسكم صحيح، وهو عنيد في ذاته، وهو الأصل وبذلك ينقسم العالم إلى فصيلين، ويزداد النزاع بين الناس؛ في حين أننا لو عرفنا أن نعالجهم بأن البسوا نظارة الرحمة التي ترونها بأعينكم وتتغاضون عنها في البداية، وفي النهاية، وفي الوسط، وفي الصفة، وفي كل شيء فإننا قد نصل إلى قلوبهم، ويكون تعاملنا معهم أيضاً حتى بالرحمة بالرغم أنهم أعلنوا عدم الرحمة، نحن نريد الرحمة حتى بأولئك الذين لم يُريدوا لأنفسهم ولا للناس الرحمة، نحن نريد الرحمة والتوبة والرجوع لكل العاصيين، ولكل المجرمين؛ فليس من حقي إلا أن أتمنى لهم الخير.