الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من هي راهبة انقلاب ميانمار التي تحولت لرمز المظاهرات السلمية؟

راهبة ميانمار
راهبة ميانمار

امرأة وحيدة لا تحمل أي سلاح، تركع على إسفلت الشارع أمام مجموعة من رجال الشرطة المدججين بالسلاح، وتناشدهم عدم إيذاء عدد من المتظاهرين الشباب الذين احتموا داخل كنيستها، هكذا ظهرت إحدى الراهبات بميانمار خلال الاحتجاجات التي أعقبت انقلاب فبراير 2021، في صورة تداولها العالم ونالت شهرة واسعة بسبب تأثيرها الشديد.

وحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، تحدثت الراهبة الكاثوليكية التي تدعى آن روز نو تونج، بعد مرور عام على الانقلاب الذي أطاح بالحكومة المنتخبة ديمقراطيا، خاصة بعد أن أصبحت رمزا للاحتجاجات السلمية في ميانمار.

وكانت ميانمار شهدت احتجاجات عقب الانقلاب العسكري، الذي أطاح بالزعيمة المدنية أونج سان سو تشي بعد انتخابات، حقق فيها حزبها "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية" فوزاً ساحقاً.

وخرجت مظاهرات حاشدة مؤيدة للديمقراطية في الشوارع في جميع أنحاء البلاد، كما أدت حملة عصيان مدني إلى تعطيل الأعمال والعمليات الحكومية والخاصة.

وروت آن روز نو تاونج، ما حدث خلال الاحتجاجات في بلادها حيث تعمل كقابلة متدربة، وتدير عيادة خاصة للفقراء في ولاية كاشين.

وذكرت ما شهدته في يوم 28 فبراير من العام الماضي، حيث تجمع عدد من المتظاهرين بالقرب من عيادتها، حاملين لافتات تطالب بعودة الديمقراطية، عندما وصلت الشرطة والجنود وخراطيم المياه، وقاموا بضرب المحتجين وفتحوا عليهم النار واعتقلوا بعضهم.

وقالت إنها لم تستطع تحمل مشاهدة مثل هذا العنف، لذا قررت أن تحاول حماية المتظاهرين، حتى لو كان هذا سيعرض حياتها للخطر، فخرجت وواجهت الشرطة بنفسها، متذكرة تلك اللحظة قائلة "الفكرة التي خطرت ببالي حينها هي: سأموت اليوم".

ولفتت روز "ناشدتهم (رجال الشرطة) أن يطلقوا النار علي بدلاً من إطلاقها على المتظاهرين"، مؤكدة "كنت على استعداد للموت في ذلك اليوم. بل، اعتبرت نفسي ميتة أصلا".

وبينما كانت تواجه الشرطة، تمكن المتظاهرون من الهرب بأمان، مضيفة "كان المشهد كأنه ساحة حرب".

لكن بعد هذه الواقعة بأيام فقط، في 8 مارس الماضي، اندفعت مجموعة أخرى من المتظاهرين إلى داخل الكنيسة حيث تواجدت آن روز طلبا للملجأ والحماية، فكانوا مطاردين من قبل الشرطة، وقد تعرضوا للضرب، كما أطلقت عليهم الأعيرة النارية.

بعد تدخل الأخت آن روز، تراجع الضباط وعناصر الشرطة في البداية، لكنها كانت تعلم أنهم سيعودون لمطاردة المتظاهرين، لذا قررت أن تظل مع المحتجين طوال ذلك الصباح المتوتر.

وتقول "قال لي مسؤولو الكنيسة إن علي أن لا أبقى هناك، لأن ذلك يشكل خطرا كبيرا على حياتي"، مضيفة "كما جاء أيضا مسؤولون من الجانب الآخر للتفاوض".

وظهرت وقتها في صور ملتقطة جاثية على ركبتيها، وهي تتوسل لقوات الشرطة لكي تترك المتظاهرين، والتي تم تداولها على نظاق واسع في العالم، راوية "لقد أصريت على أنني لم أعد قادرة على تحمل رؤية الناس يعانون المزيد".

ولفتت "قلت لهم 'إذا كان لا بد لكم من أن تقتلوا حقا، فمن فضلكم اقتلوني هنا، أنا جاهزة للتضحية بحياتي"، مستطردة: "تقدم جنديان، وركعا أيضا أمامي، وقالا لي إن عليهم القيام بواجبهم، وطلبا مني التنحي جانبا".

وأضافت "لقد ناشداني، وناشدتهم في المقابل بألا يستخدموا العنف ضد الناس، ألا يقتلوهم. قلت 'اقتلني بدلاً عنهم إذا أردت'. كنا نناشد بعضنا البعض".

وعلى الرغم من توسلاتها في ذلك اليوم، دار الجنود حول مبنى الكنيسة، وفتحوا النار على المتظاهرين من الجانب الآخر.

وأصيب اثنان من المتظاهرين في الرأس، وأحدهما توفي على الفور. كما أصيب آخرون بجروح خطيرة، وكانت إصابات بعضهم شديدة في الأعضاء الداخلية، في حين قطعت أطراف بعضهم الآخر تقريبا بسبب وابل الرصاص.

وتقول الأخت آن روز "لقد صُدمت، لم أكن أتوقع أنهم سيكونون بهذه القسوة".

وساعدت الراهبة في حمل الجثث إلى داخل الكنيسة، بينما كان الشباب الصغار يصرخون يأسا ورعبا.

ونالت إشادة واسعة وبعد مرور ما يقرب من عام على الأحداث، قالت الأخت آن روز إنها تتلقى زيارات من بعض الناجين وعائلاتهم لشكرها.

لكن رغم التقدير العالمي لموقفها الشجاع ولما قامت به، فالوضع على الأرض في ميانمار لا يبشر بالخير، كما ترى الأخت آن روز، التي تكشف عن اعتقادها بأن الآفاق المستقبلية قاتمة.