الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مفاوضات 11 عام.. مصر تتمسك بالحل العادل وتعنت إثيوبي بشأن سد النهضة

سد النهضة الأثيوبى
سد النهضة الأثيوبى

تعد أزمة سد النهضة من أهم الأزمات التي تواجه مصر وأمنها المائي، وتستمر المفاوضات لعامها الحادى عشر دون الوصول لاتفاق ، رغم حرص  الرئيس السيسي على التأكيد دوما  بأن مصر تراعي مصالح الدول الثلاث مصر والسودان واثيوبيا.

 

وقد ظهر  ذلك جليًا من خلال المقترح الفني العادل الذي قدمته الحكومة المصرية مراعية مصالح أديس أبابا واحتياجاتها للكهرباء من السد، رغم تعنتها ومراوغتها، وشدد المقترح على ضرورة عدم الإضرار بالمصالح المائية المصرية، وحصة الدولة من المياه والمقدرة ب 55,5 مليار متر مكعب سنويا بحسب الاتفاقيات التي وقعت بين مصر وأثيوبيا وما ينوب عنهما (في بروتوكول روما 1891 / أديس ابابا 1902 / لندن 1906 / روما 1925 / القاهرة 1959/ اطار التعاون بين مصر واثيوبيا 1993 )، والتي نصت جميعها علي الحفاظ علي الموارد المائية لدولتي المصب، والتعهد بعدم الاضرار بالمصالح المائية من خلال انشاء سدود المشاريع تعرقل تدفق المياه الي تلك الدول بدون الرجوع الي قادة الدول الثلاث والاتفاق فيما بينهما.
 

كما أعلن الرئيس السيسي أمام العالم اجمع خلال مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عن انفتاح مصر على كل جهد دولي للوساطة من أجل التوصل إلى الاتفاق المطلوب، مؤكدا ان لمصر ثوابت على مستوى السياسة الخارجية بشأن ملف سد النهضة لا تحيد عنها، مؤكدا رغبة القاهرة في تنمية العلاقات الثنائية بين مصر وأثيوبيا، وتوسيع أطر التعاون وتكامل الأهداف والسعي لإيجاد رؤية مشتركة لحل تداعيات الأزمة.
 

وقد اعتمدت السياسة المصرية في مشوارها من أجل حل الأزمة على الاعتماد على اتفاق المبادئ الذي وقع عليه رؤساء الثلاث دول مصر والسودان وأثيوبيا في مارس 2015 بوصفه ملمحًا هامًا من ملامح التعاون وبناء الثقة بين الدول الثلاث، معلنة وحدة الهدف والمصير بين دول حوض النيل الشرقي "مصر والسودان وأثيوبيا “، والتركيز في المناقشات على أساس المنفعة المتبادلة بعدم الضرر والعمل على تحقيق المصلحة للجميع.

كما أكد الرئيس السيسى على تمسك مصر بحق شعبها المكتسب والتاريخي في مياه النيل وحرصها على استمرار دعم مختلف جوانب التنمية في منطقة حوض النيل.

وقد خاضت مصر العديد من جولات المفاوضات منذ عام 2011 والتي اتسمت فيها الجلسات الأولى بتعنت إثيوبيا وعبر مجموعة من الجولات الأخرى التي تلتها حتى عامي 2014-2015 تمكنت مصر من صياغة شروط مرجعية للجنة الفنية الوطنية وقواعدها الإجرائية، والاتفاق على المعايير العامة لتقييم واختيار الشركات الاستشارية الدولية الموكل إليها أعمال الدراسات الفنية.

ثم انتهت إلى الاحتكام لبيت خبرة عالمي لتقييم السد وتحديد آثاره وتداعياته، وهي المرحلة التي انتهت في مارس 2015، حين تم الاتفاق على 7 مكاتب استشارية عالمية واختيار واحد من بينهم لتنفيذها.

واستمرت جولات المفاوضات في أعوام 2016 و2017 والتي استضافتها القاهرة والخرطوم حتى اقترحت مصر مشاركة البنك الدولي في أعمال اللجنة الثلاثية، لتمتعه بخبرات فنية واسعة، تمكنه من تيسير عمل اللجنة الثلاثية، وهو الأمر الذي رفضته اديس ابابا.

وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال جلسة حوارية بالمؤتمر السابع للشباب، الذي عقد في العاصمة الإدارية على مدار يومي 30 و31 يوليو 2019، أنه "لابد من الاتفاق مع الأشقاء في إثيوبيا على فترة ملء خزان السد، بالشكل الذي نستطيع معه تحمل الأضرار، ويجب أن نقدر حجم المياه التي نستطيع تحمل فقدانها.

وفى فبراير 2019 التقى قادة الدول الثلاث على هامش القمة الأفريقية، المقامة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، والرئاسة المصرية تؤكد إنهم توافقوا على عدم الإضرار بمصالح شعوبهم.

وفى  أغسطس 2019 مصر سلمت إثيوبيا رؤيتها بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.

وقد أعلنت وزارة الرى المصرية فى سبتمبر 2019 تعثر مفاوضات وزراء الري بين الدول الثلاث بالقاهرة، والفشل في الوصول إلى اتفاق لـ"عدم تطرق الاجتماع للجوانب الفنية".

وأكد الرئيس السيسي فى أكتوبر 2019  أن الدولة المصرية بكل مؤسساتها ملتزمة، بحماية الحقوق المائية المصرية في مياه النيل.

وفى 6نوفمبر 2019 استضافت واشنطن  الأطراف الثلاثة، بوجود وزير الخزانة الأمريكية، ورئيس البنك الدولي ، وصدر بيان مشترك جاء فيه أنه تقرر عقد أربعة اجتماعات عاجله للدول الثلاث، وانعقدت الجولة الأولى من الاجتماعات فى 15 و16 نوفمبر 2019 ، والجولة الثانية كانت فى 2و3 ديسمبر 2019  بالقاهرة، والجولة الثالثة فى 21 و 22 ديسمبر 2019 كانت عن المشاورات والمناقشات الفنية حول كافة المسائل الخلافية انعقدت في الخرطوم.

وانعقد فى 8و9 من يناير 2020  الاجتماع الرابع لوزراء الرى والوفود الفنية من الدول الثلاث واعلنت مصر وإثيوبيا أنه انتهى دون اتفاق.
 

واستضافت واشنطن فى 13 و14 و15 يناير  2020  وفود الدول الثلاث، لتقييم نتائج الاجتماعات الأربعة السابقة، وخرجت المفاوضات بتوافق مبدئي على إعداد خارطة طريق، تتضمن 6 بنود أهمها  تنظيم ملء السد خلال فترات الجفاف والجفاف الممتد.

وفى 28 يناير 2020 واشنطن استضافت  وفود الدول الثلاث مجددا، بحضور ممثلين عن وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي، في محاولة لحل الأزمة.

وطالبت مصر رسميا تدخل مجلس الأمن بسبب أزمة سد النهضة فى 20 يونيو 2020 ، وأعلن الاتحاد الأفريقي رعايته لمفاوضات سد النهضة فى 26 يونيو 2020 .

وفى 28 يونيو 2020 أعلن مجلس الأمن الدولي في جلسة بحث أزمة سد النهضة دعمه لجهود الاتحاد الأفريقي لتسوية النزاع.

وأعلنت إثيوبيا بدء ملء السد فى 15 يوليو 2020 ، وانتهت منه فى 22 يوليو 2020 ، ثم فى 4 نوفمبر 2020 تم إعلان فشل مفاوضات سد النهضة.

رفضت السودان المشاركة في جلسة مفاوضات حول سد النهضة فى 21 نوفمبر 2020 ، وفى 8 ديسمبر 2020 وزير الخارجية المصري سامح شكري يعلن تعثر مفاوضات سد النهضة.
زعم رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إن السودان سيستفيد من الملء الثاني الذي سيحدث في يوليو فى 19 ابريل 2021 ، وفى 7 مايو 2021 أعلنت الحكومة السودانية إنها قادرة على منع إثيوبيا من المضي قدما في خطط الملء الثاني للسد.

وقد زار الرئيس السيسى جيبوتى فى  30 مايو 2021 وقال إن الزيارة تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية في المجالات الاقتصادية، والأمنية، والعسكرية كما أجرت مصر والسودان 3 تدريبات عسكرية مشتركة حملت أسماء: "نسور النيل 1" و"نسور النيل 2"، وآخرها استمر حتى نهاية مايو باسم "حماة النيل".

وفى 9 يونيو 2021 اجتماع وزراء الخارجية والري في مصر والسودان حول سد النهضة، وأعلنوا أن المفاوضات وصلت "إلى طريق مسدود بسبب التعنت الإثيوبي"، وقد أعلنت الجامعة العربية دعم موقف مصر والسودان وتدعو مجلس الأمن لبحث أزمة سد النهضة فى 15 يونيو 2021 .

وفى 3 يوليو 2021 القى الرئيس السيسي كلمته الشهيرة أثناء افتتاح قاعدة عسكرية بالقرب من الحدود الليبية إن "الدولة المصرية تتفهم متطلبات التنمية الإثيوبية ولكن يجب ألا تكون تلك التنمية على حساب الآخرين"، وفى 8 يوليو 2021 عقد مجلس الأمن الدولي جلسة لبحث أزمة سد النهضة بناء على طلب مصر وأحال المفاوضات إلى الاتحاد الأفريقى.

وعرضت  مصر قضية سد النهضة مبكراً على السنغال  بما يعزز دورها في الفترة القادمة إذا ما قررت مصر العودة للمفاوضات، وأكدت أهمية الوصول لالتزام قانوني ملزم وعادل لسد النهضة وهي قضية يناقشها الرئيس السيسي مع أي الرؤساء الزائرين للبلاد، لتوضيح قضيتنا وموقفنا لدول العالم.

كما قام  الرئيس السيسي بزيارة إلى  الإمارات وقام بالمباحثات مع  الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي  وكان ضمن المباحثات قضية  سد النهضة، لكون الإمارات لها علاقة قوية مع أبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا، ورئيس وزراء إثيوبيا ذهب إلى  أبو ظبي بعد زيارة الرئيس السيسي للإمارات، والمباحثات بين رئيس وزراء إثيوبيا وولي عهد أبو ظبي لها علاقة بـ سد النهضة.

كما استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي بقصر الاتحادية رئيس الجمهورية الجزائرية، وعقد الرئيس جلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس الجزائري، أعقبتها جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدى البلدين.

 وقد أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، بأن مصر تلقت رسالة من الجانب الإثيوبي يوم 26 يوليو الجاري تفيد باستمرار إثيوبيا في ملء خزان سد النهضة خلال موسم الفيضان الجاري، وهو الإجراء الذي ترفضه مصر وتعتبره مخالفة للالتزامات التي يفرضها القانون الدولي على إثيوبيا.

ووجه سامح شكري، وزير الخارجية، خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن لتسجيل اعتراض مصر ورفضها التام لاستمرار إثيوبيا في ملء سد النهضة بشكل أحادي دون اتفاق مع مصر والسودان حول ملء وتشغيل هذا السد،  وهو ما يعد مخالفة صريحة لاتفاق إعلان المبادئ المبرم عام 2015 وانتهاكاً جسيماً لقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق، والتي تلزم إثيوبيا، بوصفها دولة المنبع، بعدم الإضرار بحقوق دول المصب.

وقال الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والرى أن مصر لديها حساسية كبيرة في  مشكلة الجفاف لأننا نعتمد على مياه النيل في 97 % من مواردنا ومصر دولة صحراوية وأكبر دولة جافة في العالم، ولا نستطيع تعريض حياة 100 مليون مصري لـ مشاكل جفاف".

وأكمل محمد عبد العاطي: "عندما حدث انكماش في بحيرة تشاد ظهرت إرهاب نتيجة نقص المياه في بحيرة تشاد وعلينا كـ دول على نهر النيل أن نتعاون من أجل استقرار المنطقة وهذا ما تنادي به مصر".

ولفت محمد عبد العاطي: "مصر ساهمت في بناء سد في أوغندا  قبل بناء السد العالي ومصر لديها نية لإحداث التنمية في أي دولة إفريقية"، مضيفا: "مصر اقترحت ممر التنمية بين دول حوض النيل  ويشمل ملاحة نهرية وخط سكك حديد وطريق سريع وربط  كهربائي لإحداث التنمية في كل دول حوض النيل".
وفى سياق متصل قال الدكتور عباس شراقى، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة إن مصر تتمتع بعلاقات طيبة مع دول القارة الأفريقية، وظهر ذلك جليا عندما تولت مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي.

 
وأضاف شراقى لصدى البلد أن الاتحاد الأفريقى  يرعى مفاوضات سد النهضة منذ عامين ، ولكن مصر تنتهز الفرص لعرض قضية سد النهضة على الدول الأفريقية والعربية فى كافة المحافل والاجتماعات .

وأشار إلى أن مصر ليست ضد التنمية ولكن لابد من عدم الضرر واحترام القوانين الدولية ، كما أن أثيوبيا تماطل وتقترب من بدء الملء الثالث للسد حتى لا تصل لاتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة وهو ما ترفضه دولتى المصب. 
 

أكثر الدول تضررا من سد النهضة مصر
 

علق محمد نصر الدين علام، وزير الري السابق على تصريح وزارة الخارجية، ورد على السلوك السئ لأثيوبيا أن القضية خطيرة وليس هناك ردود أفعال سواءا دولية أو إقليمية مناسبة تضع حدا للعته الأثيوبي، ولتقاعس الدول الكبرى وعلى رأسهم الولايات المتحدة .

وأوضح أن رد وزارة الخارجية، جيدا شاملا النقاط التالية:

١. تقاعس مجلس الأمن على القيام برسالته ومتابعة تنفيذ توصياته.

٢. تقاعس أثيوبيا عن الإلتزام بقواعد القانون الدولى وعن التزاماتها فى إعلان المبادئ.

٣. حق مصر الشرعي فى استخدام كل الوسائل المتاحة للدفاع عن حقوقها الشرعية ومصالحها القومية والدولية.

وأشار إلى أنه لا جديد ولا أمل فى موقف أثيوبي معتدل للتوصل الى حل سلمي أو تنفيذ ماجاء فى اعلان المبادئ من توصل لاتفاق حول قواعد وملء تشغيل هذا السد وبما لايسبب اضرار جسيمة بدولتى المصب.

ونوه أن أكثر الدول تضررا من هذا السد هى مصر، لأنها هى أخر مسار النيل الأزرق، وتأخذ السودان حصتها كاملة أثناء المرور ومايبقى يصل لمصر، وبالتالى ستكون مصر هى المتأثرة مباشرة بأطماع أثيوبيا فى النهر.

وأكد أن الأطماع الأثيوبية ليست أحلام أبي أحمد ومن حوله، أو زيناوي وما قبله، بل هى أحلام قديمة جدا طمعا ومعاداة لمصر وساندها الغرب على مدى عدة قرون ماضية ومازال، بل ويساعدها فى ذلك حاليا.

ولفت أن هذه الأزمة ليست أزمة قيادة أثيوبية، بل أزمة عقيدة واستراتيجية أثيوبية راسخة، ونفذتها حرفيا قبل ذلك مع كينيا والصومال وجيبوتى وجنوب السودان، والأن تحاول مع مصر والسودان، والسودان ليست فى أفضل حالاتها وبفعل فاعل وبشكل واضح.