على كل طريق من طرق المناطق ذات الكثافة السكانية تلمحهم، يفصلون القمامة بأيديهم وأيدي المؤمنين بأن تلك المواد المهملة "كنز" ثمين يلمع على وجه الأرض، لما لا؛ فمع أخبار وصول طن "علب الكانز" المهملة إلى 8 آلاف جنيه، تجد الرجال والنساء بل وحتى الأطفال وقد ألقوا بأنفسهم بين صناديق "الزبالة" لاستخراج كل ما هو قيم مثل الكانز، زجاجات المياه الفارغة، الكرتون والمطاط وغيرها من الأشياء القابلة لإعادة التدوير.
لكن لما نترك الأيدي تعبث بالقمامة وسط موبئات التلوث والفيروسات القاتلة، وتفرز القمامة على جانبي الطريق مما يترك صورة مشوهة للمدن ويؤذي السكان، بل ويشقي عمال النظافة أثناء محاولة جمع القمامة العضوية المتبقية من على الأرض بدلًا من الحال المفترض بأن يجدوها داخل الصناديق.
إننا بحاجة ماسة لانتشار "صناديق فصل القمامة" بدلًا من الصناديق التي تحمل الصدأ أكثر من حملها للقمامة المترامية حولها، فكل صندوق تحيط به القمامة من كل جانب كلوحة فنية مشوهة تزين الشوارع، هذا إن لم يكن أساسًا مقلوبًا على جانبه بسبب الأيدي العابثة.
تنتج محافظة القاهرة فقط "14 ألف طن من القمامة"، ومع توجه مصر ناحية قمة المناخ، ومدى تأثر العالم بمبادئ إعادة التدوير لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وسط تدمير الإنسان للبيئة من حوله، فإننا بحاجة إلى رؤية صناديق الفصل تجوب شوارع مصر، وبدلًا من إفناء كنز القمامة الثمين في سلة المهملات، آن الأوان لتجمع ثماره البلاد، من خلال توعية الناس بكيفية الاستفادة منه بدلًا من النظر إليه على أنه وباء يجب التخلص منه بحرقه!.
نعم، معظم الناس يلجأون لحرق القمامة من أجل التخلص من رائحتها الكريهة وتناثرها على الطرق، فنصبح أمام "مصيبتين" إحداهما مدمرة لصحة المواطن والأخرى مهلكة لـ رئة الكوكب.
إن توعية الناس بضرورة فصل قمامتهم بشكل تلقائي سيحرق تلك اللوحة الفنية المشوهة بدلًا من أن يحرق القمامة، وسيعود بالنفع على عمال النظافة البسطاء وتخليصهم من جمع القمامة بأيديهم من على جانبي كل طريق، بل يمكن الاستفادة من الأيدي العابثة بجعلها عاملة، وإتاحة فرص العمل لهم في مصانع إعادة التدوير، والاستفادة من طاقتهم المهدرة في تلويث البيئة.
فالكثير منهم لازال يفترش أسفل الصناديق ويستغرق في النوم بعد يوم شاق من العبث بداخلها، في ظل عدم وجود مصدر دخل آخر يغنيهم عن تلك الحالة المريرة التي تبعث على الألم في النفس.