قال سائلٌ : وَعَدْتُ فتاةً قريبة لي بالزواج ، وقد رفضتْ هذه الفتاةُ عددًا من الشباب تقدموا لخطبتها منذ خمس سنوات من أجلي ، فهل أنا ملزم بالزواج منها ؟
أجاب الدكتور مجدي عاشور المستشار السابق لمفتي الجمهورية، قائلا: أولًا الوعد بالخِطبة لا يُعَدُّ عقدًا بين طرفين ، ولا يترتب عليه أي التزام شرعي من أي طرف تجاه الآخر ، وإذا تراجع أحد الطرفين عن إتمام ما وَعَد به لا يُسمى ذلك رجوعًا عن عقد ، بل يُعَدُّ إخلافًا للوعد .
وأضاف عاشور خلال البرنامج الإذاعي “ دقيقة فقهية ” قائلا : اختلف الفقهاء في حكم الالتزام بالوعد ، فذهب جمهور الفقهاء إلى أن الوعد مُلزِم ديانةً ، وغير ملزِم قضاءً، إلا أنه يُكْرَه إخلافه .
وذهب القاضي ابن العربي المالكي إلى أن الوعد ملزمٌ قضاء ، وذهب الإمام الغزالي الشافعي إلى أن الوعد مُلزِم قضاءً إذا كان مُتَعلِّقًا بسببٍ مطلقًا ، أي: سواء تَرتَّب عليه فعلٌ للموعود له أم لا .
وذهب المالكيَّة في قولٍ إلى أن الوعد مُلزِم قضاءً إذا كان مُتَعلِّقًا بسبب ودخل الموعود بسبب الوعد في شيء من الالتزام ، بحيث يقع عليه ضرر إن أَخَلَّ بهذا الالتزام ، وهو المختار للفتوى ، وعَمَلًا بظاهر قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)[سورة المائدة:١] ، ولقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " لا ضَررَ ولا ضِرارَ "[رواه أحمد واين ماجة] .
والخلاصة أنه ما دامت هذه الفتاة قد ركنت إليك بناءً على وعدك إياها بالخِطبة والزواج مما تسبب في انقطاع الخُطَّابِ عنها -كما ذكرتَ- فيجب عليك حينئذٍ الوفاء بهذا الوعد ، ولو تَرَكتَهُ فاتك فضل الوفاء بالوعد وهو فضلٌ عظيم ، بل يلحِقَ بك إثمُ الضرر الذي تسبَّبْتَ لها فيه ، وهو تعطيلها عن الخِطْبة والزواج من غيرك .
وننصحك إذا أعرضتَ عن موضوع الزواج بها ، فَأَعْلِمْها حتى لا تظل مُعَلَّقةً هكذا .
وكذلك ننصح كل بنت أن تكون مثل هذه الأمور بعلم أسرتها ؛ لتستفيد من خبراتهم في هذا ؛ ولئلا تقع في مثل ذلك الضرر المترتب على إخلاف الوعد .