الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الفائزة بميدالية نجيب محفوظ.. رسالة مؤثرة من عضو لجنة التحكيم عن رواية فاطمة قنديل

د. ثائر ديب والكاتبة
د. ثائر ديب والكاتبة فاطمة قنديل

كشف دكتور ثائر ديب عضو لجنة تحكيم جائزة نجيب محفوظ للأدب لعام 2022، ما كتبه كمساهمة في التقرير النهائي للجنة التحكيم عن رواية “أقفاص فارغة" للكاتبة والروائية فاطمة قنديل والتي حازت على ميدالية هذا العام والمقدمة من قسم النشر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.  

وكتب كلمات مؤثرة عن رواية “أقفاص فارغة.. ما لم تروه فاطمة قنديل "ومن إصدارات الكتب خان للنشر القاهرة، ديسمبر 2021.


كانت قد ضمّت لجنة التحكيم  د. شيرين أبو النجا رئيسة اللجنة وأستاذة الأدب الإنجليزى والمقارن بجامعة القاهرة، ود. آدم طالب أستاذ اللغات الحديثة والثقافات فى جامعة دورهام بإنجلترا، ود. ثائر ديب كاتب ومترجم من سوريا، ود. حسين حمودة، أستاذ الآداب بجامعة القاهرة، ود. دينا حشمت، أستاذة مساعدة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.

وقال في منشور عبر حسابه بموقع التواصل الإجتماعي، "هذا ما كتبتُه كمساهمة في التقرير النهائي للجنة التحكيم:
عن أقفاص فارغة لفاطمة قنديل
في أقفاص فارغة: ما لم تكتبه فاطمة قنديل، تحيل الكاتبة، منذ بداية البداية، منذ العنوان، وعلى مدار العمل، إلى ما هو سِيَريّ ذاتي، لكنّها تلقي عن كاهلها أحمال سيرتها الثقيلة وتنكأ جراحها الغائرة إلقاءً ونَكْئاً روائيين. وبذلك تمّحي في هذا العمل الحدود بين التخييلي والسِّيَري الذاتي المجتمعي، بين الخطابي والتمثيليّ، بين الحياة والتدوين والفنّ، ما يفضي إلى التشكّك في الحدود المفترضة بين السيرة والرواية، ويعيد النظر، مجدَّداً وعلى نحوٍ طازج، في تعريف كلّ منهما.

ثمّة أشياء فعلية محددة (علبة شوكولاتة، أقفاص فارغة، بيوت وحوارٍ) وبشر فعليون (فاطمة قنديل، عائلة، جيران، وطبقة وسطى تنهار في مكان وزمان محددين)، لكنّ ذلك كلّه لا يبقى مجرد مراجع فعلية ما إن تُدخله فاطمة قنديل لعب علاماتها بدالّاتها ومدلولاتها (إذا ما استخدمنا في هذا السياق تعريف سوسور للعلامة اللغوية التي يشكّلها اجتماع دالّ ومدلول وإحالتهما إلى مرجع موجود في الواقع).

في هذا، كما في تقطيع العمل، وتأمّل الكتابة كلّاً من ذاتها وموقع السارد وصدقه، والعناية بمَحْوَرَة العمل حول موضوع محدد (مرض الأم وأوضاع النساء في مجتمع ذكوري بحقائقه المريعة)، وإطلاقه في زمان ومكان وعلاقات اجتماعية أُحْسِنَ بناؤها أدبياً، تجترح فاطمة قنديل طريقتها في أن تقول ذاتها روائياً. 

غير أنّنا ما إن نستقر على ذلك ونطمئن له، حتى تعاود بلبلتنا، ما إذا كنّا أمام رواية أم مذكرات أم سيرة روائية. فالساردة في أقفاص فارغة تريد أن تحضر ذلك الحضور الكامل اليقظ الذي لا يفوّت ضوءً واحداً في جوفها إلا حدّق فيه حتى يتلاشى، ويمسخ كل الذكريات إلى أصنامٍ، ثم يكسرها، ثم يكنس التراب المتبقي منها، حتى لو كانت، هي نفسها، صنماً من بين تلك الأصنام.

بهذا تكفّ الكتابة ويكفّ الفنّ -بعد أن اعتنيا بذاتهما كلّ تلك العناية- عن كونهما غاية ذاتهما، ويغدوان سبيلاً للبرء والشفاء، لا سيما أنّهما يستكشفان كل شيء بجرأة لا تتزعزع وصدق شرس لا يلين، كأنهما يكرّسان الحقيقة المتدفقة وحدها من دون خجل أو تردد ويمارسان التشريح بالكلمات.

 تلك البلبلة بين اللغة العارية ولغة الفنّ هي ضربة المعلّم التي تضربها فاطمة قنديل.