الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد 7 سنوات من الفرقة| القصة الكاملة لعودة العلاقات بين السعودية وإيران.. مكاسب بالجملة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

هل حان الوقت لتنتهي سنوات القتال بالوكالة والضربات الصاروخية والتشويش، الذي شهدته العديد من الدول العربية بالجزيرة العربية، وهل من الممكن أن نشهد رؤية إسلامية مشتركة لمصالح الدول العربية والإسلامية مع تجنب الصراع السني الشيعي؟ .. تلك الأسئلة التي كانت هناك استحالة بالإجابة عنها أصبحت اليوم في منال اليد مع المنعطف التاريخي في علاقات دول الشرق الأوسط بعد أول اجتماع مباشر اليوم الخميس، بين كبار الدبلوماسيين السعوديين وإيران منذ أكثر من سبع سنوات على أراضي التنين الصيني.

 

فاليوم شاهد الجميع الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الإيراني حسين أميررابد اللهيان، وهما يتصافحان ويتشاركان الابتسامات ويجلسان جنبا إلى جنب، وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن الوزراء وقعوا بيانا مشتركا لتأكيد إعادة فتح سفاراتهم وقنصلياتهم واستئناف الرحلات الجوية المباشرة وتسهيل إصدار التأشيرات للمواطنين، كما أكد البيان على أهمية إعادة العمل بالاتفاقيات القديمة بشأن التعاون الأمني ​​والتجارة والاستثمار.

وكانت السعودية أعلنت في 3 يناير 2016 قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران إثر اعتداءات على سفارة الرياض في طهران وقنصليتها في مشهد على خلفية إعدام رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر، بعد إدانته بعدة قضايا بينها الإرهاب.

 

منعطف تاريخي 

إنه منعطف تاريخي للأعداء الإقليميين، الذين أمضوا سنوات في صراع عسكري بحروب في اليمن وسوريا، وتكلفوا مبالغ ضخمة لدعم الفصائل المتناحرة في لبنان والعراق، لذلك فإن لقاء كبار الدبلوماسيين السعوديين والإيرانيين في بكين يحمل بصريات مهمة للمسلمين حول العالم، وهذا ما رأته صحيفة NPR الأمريكية في تحليلها للأخبار. 

 

وذكرت الصحيفة الأمريكية، أن الاجتماع له أهمية سياسية أيضا بالنسبة للصين التي استضافتها، فهي مشتر رئيسي للنفط من كلا البلدين ولديها طموحات لزيادة نفوذها في المنطقة، ويشكل هذا تحديًا للولايات المتحدة، التي تُعد تقليديًا أكبر قوة أجنبية وصانع صفقات في الشرق الأوسط، وقد انخرطت السعودية وإيران في محادثات منخفضة المستوى بوساطة من العراق وسلطنة عمان لمدة عامين، لكن الصين هي التي ساعدت في إبرام الصفقة الشهر الماضي، ودعت إلى إعادة فتح السفارات وإحياء الصفقات القديمة في التجارة والأمن.

 

الدوافع الرئيسية 

ووفقا لتحليل الصحيفة الأمريكية، فإن لكل دولة أسبابها الخاصة في الرغبة في تهدئة التوترات الحالية، فمن جانبه يريد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إنهاء الحرب المستمرة منذ سنوات في اليمن، وأودت الحرب بحياة الآلاف وشهدت استهداف مدن ومطارات ومنشآت نفطية سعودية، حيث يمكن أن يساعد الاتفاق الذي توسطت فيه الصين لاستعادة العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار بين الحوثيين والسعودية والأطراف المتحاربة الأخرى.

 

هذا من شأنه أن يحرر المملكة العربية السعودية للتركيز أكثر على العديد من المشاريع الضخمة لولي العهد داخل المملكة ، والتي تهدف إلى خلق ملايين الوظائف الجديدة للشباب السعودي وتنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط، ومن جانبها، تواجه إيران عزلة دبلوماسية، وتتعرض عملتها واقتصادها لضغوط شديدة من العقوبات الأمريكية، وتعاني مدنها من الاحتجاجات التي يقودها الشباب منذ شهور في الآونة الأخيرة، وكعضو في منظمة أوبك التي تقودها السعودية، تريد إيران أن تكون قادرة على بيع المزيد من نفطها الخام لكنها مقيدة بالعقوبات الأمريكية، فيمكن أن يجلب الاتفاق العلاقات الاستثمارية والتجارية مع المملكة العربية السعودية، أكبر اقتصاد في المنطقة.

 

خارطة طريق تفصيلية

وتنفيذا للاتفاق الذي تم الوصول إليه في 10 مارس الماضي، تم عقد اجتماع بين وزيري خارجية البلدين، حيث هناك خارطة طريق أكثر تفصيلا لتنفيذ مت اتفق عليه 10 مارس، وتتضمن الاتفاق على عدة أمور بين الجانبين وهي :

 

  • اتفق الجانبان على إعادة فتح بعثاتهما الدبلوماسية خلال المدة المتفق عليها ( شهرين بدأت في 10 مارس الماضي)، والمضي قدماً في اتخاذ الإجراءات اللازمة لفتح سفارتي البلدين في الرياض وطهران، وقنصليتيهما العامتين في جدة ومشهد
  • اتفق الجانبان على مواصلة التنسيق بين الفرق الفنية في الجانبين لبحث سبل تعزيز التعاون بين البلدين بما في ذلك استئناف الرحلات الجوية، والزيارات المتبادلة للوفود الرسمية والقطاع الخاص، وتسهيل منح التأشيرات لمواطني البلدين بما في ذلك تأشيرات العمرة
  • عبر الجانبان عن تطلعهما إلى تكثيف اللقاءات التشاورية، وبحث سبل التعاون لتحقيق المزيد من الآفاق الإيجابية للعلاقات بالنظر لما يمتلكه البلدان من موارد طبيعية، ومقومات اقتصادية، وفرص كبيرة لتحقيق المنفعة المشتركة للشعبين الشقيقين
  • أكد الجانبان استعدادهما لبذل كل ما يمكن لتذليل أي عقبات تواجه تعزيز التعاون بينهما
  • اتفق الجانبان على تعزيز تعاونهما في كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وبما يخدم مصالح دولها وشعوبها
  • أكد الجانبان حرصهما على بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني بين البلدين، الموقعة في 17 أبريل 2001، والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة في 27 مايو 1998.
  • جدد الأمير فيصل بن فرحان، وزير خارجية المملكة العربية السعودية، الدعوة الموجهة لنظيره الإيراني، لزيارة المملكة وعقد اجتماع ثنائي في العاصمة الرياض، من جانبه رحب وزير الخارجية الإيراني بالدعوة، ووجه للأمير فيصل بن فرحان دعوة لزيارة بلاده وعقد اجتماع ثنائي في العاصمة طهران، ورحب هو الآخر بالدعوة.

 

مكاسب بالجملة

وترصد صحيفة البشائر السعودية كم المكاسب الناتجة عن توقيع هذا الاتفاق، حيث ذكرت أن تطبيق بنود الاتفاق على أرض الواقع، يعني تحقيق مكاسب بالجملة للبلدين والمنطقة والعالم، شريطة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، والذي يأتي على رأسه احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ، و بذل كافة الجهود لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي

 

وترى الصحيفة السعودية، أنه على الرغم من أن الطريق لتنفيذ الاتفاق ليس مفروشا بالورود، وستواجهه العديد من العوائق، إلا أن توافر النوايا الصادقة والإرادة الصلبة والرغبة المشتركة في بدء صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين البلدين، يمكن أن يزيل هذه العوائق، وتوفير فرصة للبلدين والمنطقة جني مكاسب الاتفاق، ومن أبرزها:

  • تحسين العلاقات بين السعودية وإيران سيسهم في خفض أجواء التوتر في المنطقة وحل القضايا العالقة عبر الطرق الدبلوماسية وترسيخ مفاهيم حسن الجوار، الأمر الذي سيسهم في دعم أمن واستقرار المنطقة وتصفير الخلافات بها
  • عودة العلاقات بين البلدين ستسهم في تقريب وجهات النظر في القضايا المتباينة، وترجيح الحلول الدبلوماسية السلمية لأزمات المنطقة وعلى رأسها الأزمة اليمنية
  • ستسهم تلك الخطوة في دعم الاستقرار في العديد من الدول التي كانت تتأثر بخلافات البلدين
  • سيسهم مناخ حسن الجوار في استقطاب المزيد من الاستثمارات للمنطقة، بما يسهم في نشر الرخاء والازدهار في دول المنطقة
  • ترسل تلك الخطوة رسالة أمل للعالم حول أهمية تعزيز الحوار وإرساء السلام في توقيت يموج بالصراعات، لا سميا على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت عامها الثاني، وتلقي بتداعياتها على العالم أجمع
  • تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والتنموي بين دول المنطقة وإيران بما يصب في صالح ازدهار ورخاء شعوب دول المنطقة
  • نجاح وساطة الصين ترسل برسالة مهمة للمنطقة والعالم عن الدور الإيجابي الذي يمكن أن تلعبه بكين في دعم الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، في عالم أضحت فيه تعددية الأقطاب أمرا لا رجعة عنه.