يبدو أن إسرائيل بدأت تجنى الثمار الاقتصادية لاتفاقية أبرهام التي وقعتها مع عدد من الدول العربية، حيث شهدت مؤشرات الاقتصاد الإسرائيلي انتعاشة كبيرة في عام 2022، وهو ما أعلنته عدة جهات، والمفاجأة في تلك الانتعاشة هو الارتفاع الكبير في مؤشرات الصادرات العسكرية الإسرائيلية.
وسمحت الاتفاقية التي أشرف عليها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بأن تقوم إسرائيل بالاستفادة من الأسواق العربية، وجاء توقيت الانتعاشة الاقتصادية في توقيت يعانى فيه العالم من أزمة اقتصادية نتيجة الحرب الأوكرانية الروسية، ولكن يبدوا أن صفقات السلاح كان لها الدور الأبرز في تلك الانتعاشة، وهو ما يعد توجه طبيعي في ظل الأزمات العسكرية التي تشهدها العديد من بلدان العالم.
في البداية تعرف على اتفاقية أبراهام
في 2020، وتحت رعاية الرئيس الأمريكي السابق ترامب، وقعت الإمارات والبحرين والمغرب اتفاقيات تطبيع العلاقات مع الدولة الإسرائيلية، في اتفاقية روجت لها إسرائيل وأمريكا على أنها "اتفاقية أبراهام"، وهو ما أعلنه الرئيس الأمريكي ترامب عنها في أغسطس، وجاءت التسمية وفق الإعلام الأمريكي والإسرائيلي، تيمنا بالنبي إبراهيم الذي يُعتبر أبو الديانات الثلاثة، أي اليهودية والمسيحية والإسلام.
وجاءت تلك الاتفاقية، بعد تحركات كبيرة قامت بها الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس ترامب، من أجل فرض التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، وكانت حصيلة تلك الجهود انضمام 3 دول عربية دفعة واحدة للتطيع مع الكيان الإسرائيلي، والملفت في تلك الدول، أنها جميعا ليس لها حدود مع إسرائيل، بل وأنها من الدول المتطرفة في جناحي الدول العربية.
دول عربية اشترت ربع صادرات إسرائيل في 2022
ووفقا لما نشرته العديد من وكالات الأنباء العالمية، فقد قالت إسرائيل إن عدم الاستقرار العالمي زاد من الطلب على أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية والطائرات المسيرة والصواريخ، وأكد مسؤولون إسرائيليون، أمس الأربعاء، أن صادرات الدولة العبرية العسكرية، بلغت في العام 2022 أعلى مستوى لها على الإطلاق مع 12.5 مليار دولار، فيما ذهب ربع المبيعات إلى دول عربية وقعت معها مؤخرا اتفاقات تطبيع.
وذكرت وزارة الدفاع الإسرائيلية المشرفة على صادرات "الصناعات الدفاعية" وتمنح الموافقات عليها، أن واحدة من كل أربع صفقات تعلقت بأنظمة الطائرات المسيرة بينما شكلت "الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي" 19 في المئة من مجمل الصادرات، وبحسب بيانات الوزارة فإن الصادرات تضاعفت خلال السنوات التسع الماضية، وأظهرت البيانات المتعلقة بمناطق التصدير وجود قفزة نوعية في الصادرات إلى الدول العربية التي وقعت مع إسرائيل اتفاقيات تطبيع.
بلغة الأرقام ... 2.96 مليار دولار مبيعات 2022
وبلغة الأرقام فقد بلغت عائدات الصادرات 853 مليون دولار إلى هذه الدول في العام 2021، مقابل 2.96 مليار دولار في العام 2022، لترتفع من 9 إلى 24 في المئة من إجمالي هذه الصادرات.، وقال المدير العام للوزارة، إيال زامير في بيان "يزيد عدم الاستقرار العالمي من الطلب على أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية والطائرات المسيرة والصواريخ، نعمل باستمرار للحفاظ على قدراتنا وتعزيزها".
ومن المقرر أن يوافق البرلمان الألماني الأربعاء على شراء أنظمة دفاع جوي إسرائيلية من طراز سهم-3 في صفقة تقدر قيمتها بنحو 4.3 مليار دولار، وتأتي الصفقة مع ألمانيا وسط تحرك الدول الأوروبية لتعزيز قدرتها الدفاعية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
صادرات إسرائيل تنمو 15% في 2022 بمستوى قياسي
فيما قالت وزارة الاقتصاد الإسرائيلية مع نهاية عام 2022، إن صادرات إسرائيل تتجه نحو تسجيل مستوى قياسي مرتفع عند 165 مليار دولار في 2022، بزيادة قدرها 15% من 2021، حيث وبلغت صادرات إسرائيل العام الماضي 143 مليار دولار، مرتفعة 25% من 2020، وقد سجلت الصادرات زيادة حادة منذ بلغت 96 مليار دولار في 2016.
وأظهرت بيانات من مكتب الإحصاء المركزي أن أوروبا ما زالت الشريك التجاري الرئيسي لإسرائيل بتجارة ثنائية قيمتها 37 مليار دولار على مدار النصف الأول من 2022، مع استبعاد الألماس، تليها آسيا بحصة 21 مليار دولار، وظلت الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري لإسرائيل بين الدول فرادى، إذ بلغت التجارة بين البلدين أكثر من عشرة مليارات دولار على مدار النصف الأول من العام تلتها الصين عند حوالي تسعة مليارات دولار.
الصحف المغربية ... ارتفاعات مهمة بفضل المغرب
ووفقا لما جاء بتقرير هيسبريس المغربية، فقد وصفت ما حدث من ارتفاع المؤشرات الاقتصادية بإسرائيل، بأنه“ارتفاع مهم”، وهو ما عرفته الصادرات العسكرية الإسرائيلية خلال سنة 2022 بنسبة وصلت 50 بالمائة مقارنة بالسنوات الثلاث الماضية، ساهمت فيها دول اتفاقات أبراهام، في مقدمتها المغرب، بنسبة 24 بالمائة، وذلك وفق بيانات نشرتها وزارة الدفاع الإسرائيلية، فإن “قيمة صادرات إسرائيل العسكرية لسنة 2022 قاربت 13 مليار دولار، بعدما تضاعفت مع عودة العلاقات مع دول عربية جديدة، أهمها المملكة المغربية”.
ونقلا عن المصدر عينه، فإن “صادرات الطائرات بدون طيار شكلت حصة الأسد من باقي القطع العسكرية الأخرى الموجهة إلى الخارج”، مشيرا إلى أنه “على الرغم من عدم كشف وزارة الدفاع الإسرائيلية عن هوية الزبائن الدوليين، إلا أن المغرب يشكل نسبة مهمة من المستوردين للسلاح الإسرائيلي”، وجدير بالذكر أن صفقات التسليح بين المغرب وتل أبيب قد شهدت نموا كبيرا، عبر صفقات أسلحة قوية، أبرزها صواريخ “بولس”، وطائرات مسيرة من نوع “هيرون” و”هاروب”، إلى جانب تكثيف الزيارات بين المسؤولين العسكريين للبلدين.
إسرائيلالوحيدة بالشرق الأوسط التي تقدم تكنولوجيا عسكرية مهمة
وهنا يرى عصام لعروسي، محلل سياسي مغربي مختص في العلاقات الدولية، أن “المغرب ملزم بالتوجه إلى إحقاق صناعة محلية، على الرغم من صعوبة تحقيق ذلك في المنطقة العربية”، وقال إن “زيادة الصادرات الإسرائيلية إلى المغرب ودول اتفاقات أبراهام، تندرج ضمن مساعي السلطات الإسرائيلية لتعزيز علاقاتها العسكرية، وكسب علاقات جيدة مع جل الدول العربية”.
واعتبر المحلل السياسي المختص في العلاقات الدولية أن “تل أبيب السوق الوحيدة بمنطقة الشرق الأوسط التي تقدم تكنولوجيا عسكرية مهمة، الأمر الذي يجعل المغرب يتوجه إليها كحل من حلوله الأمنية لتحديث منظومته الهجومية والدفاعية، وصحيح أن المغرب يسعى إلى وضع صناعة دفاعية، والابتعاد بقدر كاف عن الاستيراد من الدول الأخرى، لكن ذلك صعب في المجال العسكري الصناعي”.
ويتابع المتحدث عينه، موضحا أن “تحقيق ذلك يتطلب سنوات عجافا، وإمكانات مهمة لا تتوفر في الوقت الحالي”، فيما استطرد المصرح لهسبريس بأن “هاته الصعوبات لا يجب أن تمنع المغرب من العمل على حلم إقرار صناعة محلية”، موردا أن “العالم يتصارع من أجل تقوية ترسانته العسكرية، لكن قليلا من الأمم من تفكر في وضع صناعتها المحلية”، وخلص لعروسي إلى أن “إسرائيل ملزمة بوضع صناعات محلية في المغرب، عبر مضاعفة الاستثمارات بالمملكة في هذا المجال، وعدم الاقتصار على تصديرها