أطلقت السلطات الصحية الأمريكية تحذيرات واسعة شملت مئات الأشخاص في أكثر من ثلاثين ولاية وعدة دول، بعد احتمال تعرضهم لمرض داء الكلب داخل كبائن سياحية بمنتزه "غراند تيتون" الوطني في ولاية وايومنغ.
وجاء ذلك عقب اكتشاف مستعمرات من الخفافيش في علّية ثماني كبائن تابعة لمنشأة الإقامة السياحية "جاكسون ليك لودج"، ما أثار مخاوف من انتقال العدوى إلى النزلاء الذين أقاموا هناك مؤخرًا.
وأوضحت الدكتورة أليكسا هارست، مسؤولة الصحة في الولاية، أن عددًا محدودًا من الخفافيش النافقة أُرسل إلى مختبر بيطري للفحص، لكن العينات تمثل نسبة صغيرة من عشرات الخفافيش التي تمركزت في المكان.
وأضافت أن معظم الخفافيش بقيت في العلية ولم تدخل غرف المعيشة، بينما تم إخراج بعضها من النوافذ والأبواب، مؤكدة أنه لا توجد إصابات مؤكدة حتى الآن.
وبحسب التقديرات الرسمية، أقام نحو 500 شخص في الكبائن منذ بداية الموسم الصيفي في مايو وحتى نهاية يوليو، ما دفع السلطات لبدء عملية تواصل شاملة مع النزلاء في 38 ولاية وسبع دول عبر شبكات الصحة المحلية ومراكز السيطرة على الأمراض.
ويستند القلق بشكل خاص إلى أن لدغات أو خدوش الخفافيش قد تمر دون أن يشعر بها النائمون أو الأطفال، وهو ما يجعل رصدها صعبًا.
وتؤكد المراكز الصحية أن البروتوكول الوقائي المكوّن من خمس جرعات لقاح خلال أسبوعين كفيل بتجنب تطور المرض، مشيرة إلى أن داء الكلب يُعد قاتلًا في معظم الحالات بمجرد ظهور الأعراض، التي تبدأ بآلام عضلية وصداع وحكة، قبل أن تتطور سريعًا إلى اضطرابات عصبية خطيرة.
وكانت إدارة "Grand Teton Lodge" قد أغلقت الكبائن منذ 27 يوليو فور اكتشاف الخفافيش، وأعلنت عدم وجود خطط لإعادة فتحها حتى إشعار آخر.
كما طمأنت السلطات بأن باقي منشآت المنتزه، بما فيها المواقع المخصصة لندوة مجلس الاحتياطي الفيدرالي المقررة في أغسطس، آمنة وخالية من المخاطر.
ويشير خبراء الصحة العامة إلى أن هذه الحادثة تكشف هشاشة الإجراءات الوقائية في بعض مرافق الإقامة السياحية، خصوصًا في المناطق الطبيعية التي تُعتبر بيئة مثالية لاستيطان الخفافيش. كما يرون أن الاعتماد على النزلاء أنفسهم في رصد وجود هذه الحيوانات ليس كافيًا، ما يستدعي خطط مراقبة أكثر صرامة.
ومن جانب آخر، يرى محللون أن توقيت الحادثة يضع إدارة المنتزه تحت ضغط كبير، خاصة مع موسم الاصطياف وازدياد الإقبال السياحي.
ويؤدي أي تقصير في التعامل مع الأزمة إلى تراجع ثقة الزوار، وهو ما ينعكس اقتصاديًا على المنطقة التي تعتمد بشكل أساسي على عوائد السياحة.
وبينما تؤكد السلطات أن الوضع تحت السيطرة وأن المخاطر لا تزال محدودة، يبقى التحدي الأكبر في ضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث، عبر تعزيز برامج الصيانة والرقابة البيئية، بما يحمي الزوار من أخطار الأمراض الحيوانية النادرة ولكن الفتاكة.